• 23 آيار 2017
  • مقدسيات

 

 

القدس - اخبار البلد-   في هذه الايام العصيبة  التي تعود فيها ذكرى النكسة التي حلت بالقدس  عندما تحول حالها من حال الى حال في ليلة وضحاها ، من مدينة عربية الى مدينة محتلة بالكامل ، وتطفو على السطح  عدة اسئلة ، واهم هذه الاسئلة هو السؤال التالي :  هل احتلال القدس عام ٦٧ من قبل اسرائيل كان عمل عفويا او كما مخطط له ؟! هذا السؤال حول الاجابة عليه  احد الصحفين الاسرائيلين في كتاب نشر مؤحرا ، كما جاء في موقع عرب ٤٨
في مقال نشره مؤخرا، يشكك الصحفي عوزي بنزيمان الذي كان مراسلا لصحيفة 'هآرتس' في القدس، خلال احتلالها عام 67، وغطى عملية 'توحيد' المدينة، يشكك في الدوافع الإسرائيلية المتعلقة باحتلال شرقي القدس، وضمها للسيادة الإسرائيلية، ويقول إن المنطلقات الأمنية والإستراتيجية وحتى الدينية و'القومية' والتاريخية التي يكررها اليوم قادة إسرائيل صبحا ومساء، لم تكن هي التي وقفت وراء اتخاذ القرار.

مؤلف كتاب 'القدس- مدينة بلا أسوار' يقول إن التحقيق الذي أجراه حول عملية اتخاذ القرارات لغرض تأليف الكتاب بعد خمس سنوات من احتلال 67، أفاد أن القرارات المتعلقة باحتلال شرقي القدس وضمها، لم تأت لإزالة خطر وجودي على دولة إسرائيل، ولم تنبع من ضرورة أمنية بائنة بعكس القرارات المتعلقة باقتحام الضفة الغربية، بل جاءت، أساسا، من دوافع شعورية وحسابات شخصية مع التاريخ، لعدد من الشخصيات التي كانت فاعلة في قمة الهرم القيادي الإسرائيلي عام 1967 وبشكل خاص لشخصيات كان لها نصيب في 'حرب 48'، مثل يغئال ألون، يغئال يدين ومناحيم بيغن.

ينزيمان يوضح في مقاله، أن الفعل الدراماتيكي الحاسم المتمثل بـ'توحيد القدس' الذي يقف منذ 50 عاما عائقا غير قابل للتجاوز أمام حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، لم يكن نتيجة تخطيط إستراتيجي أو تحقيقا لمصلحة قومية، أو اعتبارا موزونا بعيد المدى أو حتى حاجة أمنية حيوية، بل نتيجة 'عاصفة أحاسيس'، إن لم نقل تراكم حالة مزاجية لدى عدد قليل من متخذي القرارات في الحكومة والجيش الإسرائيليين، جرفتهم باتجاه إحداث تغيير متطرف لواقع الشرق الأوسط.

القرار كان مدفوعا بالـ'انتصار' الكبير الذي حققه سلاح الجو الإسرائيلي، في الساعات الأولى للحرب، ولغريزة الانتقام والرغبة في استغلال الفرصة التي خلقها سلوك الملك حسين المستفز والمخيب للآمال الإسرائيلية، كما يقول.

هذا لم يمنع، كما يقول بنزيمان، من القادة السياسيين والعسكريين ابتداء من أشكول وانتهاء بموطي غور ركوب الموجة والظهور بمظهر 'محرري القدس'، علما أن القصة بدأت عندما دخل مناحيم بيغن ويغئال ألون في الخامس من حزيران/يونيو، بعد ورود أنباء الاندحار العربي، إلى ليفي أشكول، وأشارا عليه باحتلال القدس، فاستساغ الفكرة. ويقول بنزيمان إن الثلاثة (ألون وبيغن ويادين) كانوا مدفوعين بتصفية حساب شخصي يعود إلى فشلهم عام 48.

في اليوم ذاته كانت القوات الأردنية التي دخلت الحرب قد احتلت حي'أرمون هنتسيف' في القدس، فرد الجيش الإسرائيلي بهجوم معاكس، انتهى بدخول أسوار القدس القديمة في السابع من حزيران/يونيو.

في ذات اليوم وصل محافظ القدس، أنور الخطيب، محاطا بجنود الاحتلال إلى ساحة الحرم القدسي الشريف، ووقع على صك استسلام المدينة، بعد أن دخلت القوات الإسرائيلية أسوار البلدة القديمة من  باب الأسباط شرقا، وباب المغاربة غربا.

وبعد ثلاثة أيام من احتلال شرقي القدس، مساء العاشر من حزيران عام 1967 أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء حارة المغاربة، المتاخمة للحائط الغربي للحرم القدسي الشريف، وقام بهدم بيوت الحارة البالغة 1355 بيتا، كما هدمت جامع البراق و جامع المغاربة. وما لبث أن لحق نفس المصير بالمدرسة الأفضلية و والزاوية الفخرية ومقام الشيخ.

رئيس بلدية غربي القدس في حينه، تيدي كولك، هو من بادر، وعملية هدم وإزالة حارة المغاربة عن الوجود جرت بمشورة بن غوريون، وجرى تبريرها بضرورة توسعة المكان للحشد الكبير من الزائرين اليهود الذين سيفدون إلى حائط البراق (المبكى) في عيد العنصرة القريب لأول مرة منذ 19 عاما. وبعد تسعة أشهر، في نيسان/أبريل 1968 أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن مصادرة أراضي حارة المغاربة، إضافة إلى ما يعرف بحارة اليهود، ولم  يبق من الحارة إلا جسر المغاربة الموصل من ساحة حائط البراق إلى باب المغاربة، وهو الجسر الذي تسببت سلطات الاحتلال بانهياره وبني مكانه جسر خشبي ما زال قائما حتى اليوم.

في 11 حزيران 1967 خصصت سلطات الاحتلال حافلات متوجهة إلى معابر الأردن لنقل من يريد المغادرة من سكان شرقي القدس، وطلبت من كل مغادر أن يوقع على وثيقة يقر فيها أنه غادر بإرادته، إلا أن خيبة أمل الاحتلال كانت كبيرة، حيث تعلم الفلسطينيون درس 48، ولم يستجب سوى عدد ضئيل جدا، فيما آثرت الأغلبية الساحقة البقاء.

بلدية شرقي القدس، برئاسة روحي خطيب، اجتمعت بدورها في 13 حزيران، وأصدرت بيانا دعت فيه إلى إلقاء السلاح، والحفاظ على النظام، وأعلنت أنها تعمل مع الحكم العسكري على إعادة الحياة إلى طبيعتها، في اسرع وقت ممكن. بيان مشابه صدر عن الغرفة التجارية في المدينة.

وبعد أسبوعين تقريبا، وإثر رفض رئيس البلدية، روحي خطيب، اقتراح تيدي كولك بتوحيد البلديتين، جرى يوم 29 حزيران استدعاء أعضاء بلدية شرقي القدس من قبل الشرطة العسكرية إلى عمارة البلدية، التي كانت مغلقة، فجرى الاجتماع بهم في فندق 'غلوريا' المجاور، وتم إبلاغهم بقرار الاحتلال حل البلدية، وإنهاء خدمتهم.

وفي هذا السياق يورد الصحفي الإسرائيلي نير حسون في مقال نشرته 'هآرتس' مؤخرا، أن رئيس البلدية روحي خطيب طلب وثيقة رسمية بذلك، فتناول أحد ضباط الحكم العسكري وريقة عن طاولة الطعام، تحمل شعار الفندق، وترجم عليها الأمر إلى اللغة العربية، وناوله إياها.

وبعد أقل من ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب، وتحديدا في في 27 حزيران، صادقت الكنيست على ثلاثة قوانين مهد اثنان منها لفرض السيادة الإسرائيلية على شرقي القدس، فيما جاء الثالث والمتعلق بالحفاظ على الأماكن المقدسة لتشكيل غطاء لعملية الضم الفعلي للمدينة المحتلة.

في أيلول/سبتمبر 1967 قررت الحكومة الإسرائيلية البدء بترميم ما يسمى بـ'حارة اليهود' في البلدة القديمة، حيث قامت بإخلاء سكانها العرب الذين بقي منهم 3500 نسمة، وهدم بيوتهم بعد أن سبق ذلك الإعلان عن مصادرة أراضيهم، لتطلق عملية التهويد التي أتت خلال 50 عاما على الكثير من معالم المدينة واحيائها وبيوتها.