• 19 نيسان 2018
  • مقدسيات

 

 

عمان – أخبار البلد ـ  كتب الزميل الصحفي ”بسام البدارين ” في صحيفة ” القدس العربي“  تحليلا إخباريا حول القمة الاخيرة في السعودية والتي كنت القدس عنوانا رئيسيا لها بل نقطة توترا غير معلنة بين الاردن والسعودية  ، ويقول البدراين :

 يبدو ان الأردن الرسمي وفي المقاربة السياسية وعند التحليل يعتبر التخلص من رئاسة مؤسسة القمة العربية الانجاز الأكثر اهمية لقمة الظهران التي انعقدت وانتهت بدون اجندات واضحة خصوصاً في الحلقات التي تهم المصالح الحيوية الأردنية. فنقل العبء الناتج عن رئاسة القمة لأحضان الشقيق السعودي ما دام يتحكم اصلاً بكل المسارات قد يكون الخطوة الأكثر حماسة بالنسبة لدوائر القرار الأردنية عندما يتعلق الامر بتقييم ما حصل ثم ما حظي به الأردن في قمة الظهران.
لا يغيب الأردنيون عن قمم العرب ولقاءاتهم .. تلك قيمة أساسية وسياسية راسخة بالرغم من تعاظم الشعور بأن مؤسسة الجامعة العربية تضعف في نفوذها وتأثيرها ويتقلص دورها وتحبط خطط اصلاحها الهيكلي وفقًا لما قاله الأمين العام السابق لها المخضرم عمرو موسى في عمان مرات عدة. لا يبدو الوسط الأردني مرتاحاً لنتائج القمة تماما خصوصاً عندما يتعلق الامر بالحلقات والملفات التي تخص الأردن حصرياً مثل الملف السوري ومدينة القدس والقضية الفلسطينية نفسها.
عند الاستماع لتقييم سياسيين ومسؤولين أردنيين كبار يمكن القول بان الخطوة الانتاجية الوحيدة التي يسلطون عليها الاضواء هي تلك الاشارة إلى ان عملية تسلم وتسليم رئاسة القمة تمت بسلاسة وبأن الفرصة أتيحت للتعامل وجهاً لوجه هذه المرة مع سطوة ونفوذ وبرنامج ومشروع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دون احتكاك علني او باطني كما كان يحصل في الماضي. فقد انقسم الأردنيون في التقييم لمجموعتين فيما يتعلق بموقف قمة الظهران من الاجندة والأولويات الأردنية.

مجموعتان

المجموعة الأولى تداولت علناً تقييمات تتحدث عن تجاهل غير مبرر للوصاية الأردنية على مدينة القدس وعدم النص عليها واستعمال قمة الظهران للصيغة في التوصيات الختامية تتحدث عن مساندة وتعزيز ما سمي بالدور القانوني للأردن في رعاية الاماكن المقدسة في القدس.
رسمياً لا يناقش الأردنيون هذا الامر بالرغم من عدم ارتياحهم لان التكتيك الاستراتيجي المتخذ اليوم على صعيد العلاقة مع السعودية حصرياً تقرر في ضوء تجنب الاشتباك والمواجهة واخفاء الخلافات وتمكين الوسيط الإماراتي من تنفيذ وعود كان قد التزم بها امام الأردنيين بعنوان «استعادة بناء الثقة مع العهد الجديد بالسعودية».
بكل حال من المرجح ان مهمة استعادة الثقة صعبة ومعقدة. هنا يبرز دور المجموعة الثانية التي رأت في إقرار السعودية لبند يتمسك بالقدس الشرقية وعروبتها مدخلاً ايجابياً لوقف حالة الانهيار في تصعيد الخلاف مع الدور السعودي في القضية الفلسطينية والذي لا يخفي الأردنيون شعورهم بانه دور بدأ يصطدم بالمصالح الأردنية في عمق المعادلة الفلسطينية .
ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز رفض علناً المزاودة على بلاده خلال قمة الظهران في مسألة دعم الشعب الفلسطيني. والملك سلمان وقف حسب معلومات «القدس العربي « وراء قصة تقديم 150 مليون دولار لدعم صمود القدس خلال القمة التي وصفت على نطاق واسع بالقمة «البلاستيكية» بسبب شهرة العثرة اللغوية للرئيس عبد الفتاح السيسي وطغيانها حتى على القرارات.

موقف أردني ثابت

وفي حال اظهار النوايا الحسنة يمكن القول بان مسألة القدس الشرقية تفاعل مباشر مع الموقف الأردني الثابت في السياق لان عزل القدس الشرقية عن محيط قرار الرئيس الأمريكي ترامب الشهير هو الرافعة الأساسية للحفاظ على دور الوصاية الأردنية في الاماكن المقدسة اسلامياً ومسيحياً في القدس.
تلـك صـيغة اقل استفزازاً للأردنيين لكنها لا تمنحهم في الوقت نفسه ما يريدونه بصورة جـوهريـة من السـعودية في مسألة القـدس.
وعليه تحتفظ المؤسسة الأردنية بتحفظاتها وان لم تعلنها وترى في مشروع محمد بن سلمان ملامح منافسة على رعاية القدس وتلك صفحة يطويها الأردنيون علناً تجنباً للإثارة او لتعميق الخلاف وترقبًا للصفحة التالية في مشروع محمد بن سلمان غير الواضح المتعلق بثلاثة تصريحات له مؤخراً وضعت الأردن ضمن دول المحور السعودي الذي يتصدى لمحور الشر الثلاثي وهو الإخوان المسلمون وتنظيمات الإرهاب وإيران.
لا يريد الأردن رسمياً ان يعلن مجاناً موافقته على التصنيف السعودي ولا يعارض هذا التصنيف على الاقل علناً وينتظر الخطوة التالية بحثاً عن تضامن استثماري واقتصادي بالحد الادنى بدلاً من تنازلات سياسية مجانية.
إلى ان تتضح الرؤيا على صعيد البوصلة الأردنية السعودية تبدو عمان محتاجة لفهم الالية التي ستنفق فيها اموال السعودية المتبرع فيها للقدس واسس هذا الانفاق وسط نظريتين ترجح الأولى ان يكون الهدف هو توسيع مظلة النفوذ السعودي في القدس للتحكم بأمر الواقع على الأرض وتلمح الثانية إلى ان السعودية من اجل استقطاب الأردن أكثر قد تتعاون في انفاق المال المشار اليه مع تقنيات ووسائل الوصاية الهاشمية على القدس.
صعب جداً بناء استنتاجات الان لكن الساسة الأردنيين يتداولون تلك التسريبات التي تتحدث عن هجمة مالية سعودية خلف الستارة لشراء عقارات في القدس، الامر الذي لا يمكن التحدث عنه سياسياً واعلامياً بصورة علنية بكل الأحوال.
مسألة أخرى لم تتضح بالنسبة للأردنيين بعد مشاركتهم الثقيلة في قمة الظهران حيث سلسلة من المجاملات الودية التي صدرت عن الأمير الشاب محمد بن سلمان وهي تلك المتعلقة بالنوايا الاقتصادية والاستثمارية السعودية تجاه الأردن. هنا تحديداً لا جديد معلناً على الاقل مع ان الجانب الأردني خصص مساحة واسعة جدًا تحت عنوان اي تسهيلات يطلبها الشقيق السعودي.