• 21 آيار 2018
  • مقدسيات

 

 

 القدس - أخبار البلد -  كتب الصحفي ”داود كتاب“ مقالة في موقع المونيتور المعروف عن القانون الاسرائيلي الجديد الذي يخول وزير الداخلية ابعاد كل مقدسي من مدينته لا يظهر الولاء لاسرائيل ، ونحن في ”أخبار البلد“ نعيد نشر المقالة كما هي :

أمر وزير الداخليّة الإسرائيلي أرييه درعي بتاريخ 29 نيسان/أبريل الماضي بترحيل أربع شخصيّات عامّة فلسطينيّة من القدس بشكل دائم. وجاء هذا القرار ليتوّج معركة إسرائيليّة قانونيّة وسياسيّة دامت 12 عامًا ضد ثلاثة أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني ووزيرٍ سابقٍ في الحكومة الفلسطينيّة.

كان قد تمّ انتخاب كلّ من النواب المقدسيين الثلاثة، أحمد عطون ومحمد أبو طير ومحمد طوطح في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006. وكانت إسرائيل والولايات المتحدة قد وافقتا ضمنًا من خلال توقيع اتفاق أوسلو ورعايته، على إجراء الانتخابات وعلى مشاركة المقدسيين فيها سواء أكان كمرشحين أم كناخبين. وكان كلّ من النواب الثلاثة قد ترشحوا على قائمة التغيير والإصلاح التي كانت تدعمها حركة حماس الإسلامية والتي فازت بأغلبية المقاعد البرلمانية. وطُلب من إسماعي هنية الذي كان يترأس القائمة، تشكيل حكومةٍ، ثمّ قام بتعيين مقدسيٍّ رابع هو خالد أبو عرفة ليشغل منصب وزير شؤون القدس. وأبو عرفة هو رابع شخص سُحبت منه إقامته الدائمة.

أتت ردّة الفعل الإسرائيلية غاضبة وقامت إسرائيل باعتقال الرجال الأربعة ومضايقتهم لسنوات. وفي شهر حزيران/يونيو عام 2006، قامت إسرائيل بترحيلهم من القدس بتهمة عدم إظهار "الولاء" لدولة إسرائيل. وأمضى الرجال الأربعة السنوات الـ12 التي خلت، يحاربون قرار ترحيلهم في المحاكم الإسرائيلية. وبتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2017، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن أمر الترحيل لم يكن قانونيًا، ولكنّها أمهلت الحكومة الإسرائيلية ستّة أشهر للردّ. ولكن في 7 آذار/مارس الماضي، قام الكنيست الإسرائيلي بتعديل "قانون الحدود والدخول" بإضافة بند يسمح بترحيل أي شخصٍ لا يظهر "الولاء" لدولة إسرائيل. وجاء أمر ترحيل الرجال الأربعة بناءً على هذا القانون.

قال أبو عرفة إنّه وزملاءه يتشاورون مع المحامين لاتخاذ قرارٍ بشأن التحركات التالية. وقد صرّح قائلًا: "لم يبقَ أمامنا سوى خيارات قليلة، ولكننا ندرسها جميعها، بما في ذلك اللجوء مجددًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية".

وفي تصريحات صحفيّةٍ، تعهّد المحامي فادي قواسمي، المرافع عن قضيّة المقدسيين المرحّلين، بالطعن في شرعية أمر الترحيل، معتبرًا هذا القرار محاولة لمعاقبة الفلسطينيين على أمرٍ قاموا به قبل تمرير القانون بفترة طويلةٍ.

وأشار أبو عرفة إلى أنّ المحامي يفكر في الطعن بالقرار أمام المحكمة العليا عينها التي عارضت ترحيلهم قبل ستّة أشهر. وقال أبو عرفة نقلًا عن محاميه: "للمرّة الأولى في تاريخ إسرائيل، تستغرق محاكمةٌ 11 عامًا وتجبر الحكومة على تمرير 'قانون مواطنة' في خلال ستة أشهر من إصدار الحكم".

وفقًا لموقع الكنيست الرسمي، أفاد موقع "ميدل إيست آي" بتاريخ 7 آذار/مارس الماضي أنّ "أعضاء الكنيست الإسرائيليّين اقترحوا القانون بعد أن أسقطت المحكمة العليا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي قرار الوزارة بسحب الإقامة الدائمة للمقدسيّين الأربعة، وهم ثلاثة نوّاب منتخبون من حماس ووزير سابق".

وانتقد القانونَ عضوُ الكنيست دوف بوريس حنين من القائمة المشتركة. وقد نُقِل عنه قوله بتاريخ 7 آذار/مارس الماضي: "هذا تشريع سيئ وخطير… إنّ قرار إسرائيل بضمّ القدس الشرقية يتناقض مع القانون الدولي. فسكان القدس الشرقية يعيشون هناك ليس لأنهم اختاروا أن يكونوا إسرائيليين بل لأن القدس الشرقية هي مدينتهم". وأضاف حنين أنّ القانون يسعى إلى فرض الولاء على أشخاصٍ لا ولاء لديهم لإسرائيل أساسًا.

لا يشرح القانون ما قد ينطوي عليه "انتهاك الولاء". في 13 أيلول/سبتمبر 2017، قضت المحكمة العليا بأنه لا يجوز لإسرائيل سحب الإقامة من السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية بناءً على الاتهام الغامض "بانتهاك الولاء" الذي اعتبروه انتهاكًا لحكم القانون.

وفي بيان مشترك، صرّحت منظمتا "عدالة" و"جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل" الحقوقيتان في 13 أيلول/سبتمبر الماضي أنه "من المؤسف صدور هذا الحكم بعد أكثر من عقد من الزمن انتهكت في خلاله حقوق المستدعين بشكل فادح".

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إنّ جمعيّة عدالة وجمعيّة الحقوق المدنيّة في إسرائيل أكّدتا في بيانهما على أنّ "السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية لم يدخلوا إلى إسرائيل كمهاجرين. بناء على ذلك، لم تكن إقامتهم مشروطة إطلاقًا وليس هناك من مبرّر لإلغائها".

بالإضافة إلى الشخصيات المقدسية الأربع، تفيد التقارير بأنّ إسرائيل قد تقوم بترحيل 12 مقدسيًا إضافيًا وإلغاء حقّهم في الإقامة الدائمة في القدس بسبب تضامنهم ودعمهم العلني لحركة حماس.

ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم"، قامت إسرائيل بإلغاء إقامة 14 ألف فلسطينيّ بناء على قرارات إداريّة مختلفة.

تجدر الإشارة إلى أنّه في حزيران/يونيو 1967، قامت إسرائيل باحتلال القدس ومناطق فلسطينيّة وعربيّة أخرى. وإنّ القوانين السائدة في هذه المناطق المحتلّة وتحديدًا اتّفاقية جنيف الرابعة، تمنع سلطة الاحتلال من تهجير السكان أو إجبارهم على إظهار الولاء لسلطة الاحتلال.

بعد أكثر من عقد من المرافعات وصدور القانون الصارم، تعلن إسرائيل عمليًا أنّ جميع المقيمين في القدس مجبرون على إظهار "الولاء" لإسرائيل أو مواجهة خطر الترحيل.

وفي حين يحاول الإسرائيليون منذ سنوات إحداث تغيير ديموغرافي في القدس، لا يمكن فصل الخطوة الأخيرة عن الضوء الأخضر الذي أعطته واشنطن لإسرائيل بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.