• 21 كانون الثاني 2018
  • مقابلة خاصة

 

 

 

  القدس- اخبار البلد-  خص الدكتور مهدي عبد الهادي رئيس الجمعية الفلسطينية الاكاديمية للشؤون الدولية ” باسيا“  شبكة ” اخبار البلد“ بالكلمة التي القاها في  مؤتمر الازهر العالمي لنصرة القدس والذي عقد في القاهرة ، تلك الورقة التي تقرر نشرها في كتاب خاص بالمؤتمر يشرفنا في ” اخبار البلد ” نشرها بالكامل كما وصلتنا من د مهدي عبد الهادي لاهميتها ولما تحتويه من معلومات علها تساعد في زيادة الوعي بمدينة القدس وما تواجهه من اخطار تهدد هويتها العربية الاسلامية  .

تقدم هذه الورقة قراءة موجزة للمشهد الديني والدنيوي في القدس في "عشرة محطات" ومن خلال مراجعة النصوص الدينية والوثائق التاريخية للتعريف بالمبادئ الدينية والثوابت الوطنية وتسجيل أن مسؤولية الأمانة في حمايتها ورعايتها والدفاع عنها هي مسؤولية الجميع: 

"إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها

واشفقن منهاوحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولا."(سورة الأحزاب: 72)

وتعرض هذه الورقة مراجعة مختصرة لبعض أحداث الأمس: هبة البراق الشريف في عهد الاحتلال والانتداب البريطاني (1928-1929) والمؤتمر الإسلامي العام في القدس 1931 وذلك لبيان تشابه الحالة مع أحداث اليوم: قبل وما بعد "انتفاضة الأقصى" تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي (2000) ومؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس 2018. إن تحديات الأمس التي جابهت المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس لا تزال هي ذات التحديات هذه الأيام. وأيضاً لا يزال استمرار "الخلاف والاختلاف" بيننا: معشر العرب والمسلمين وتباين" المواقف والمصالح" وغياب "الإرادة المشتركة" في التصدي للعدوان على مقدساتنا والذي وصل إلى مرحلة الأسرلة والتهويد في القدس وفلسطين.

وتعيد وتذكر هذه الورقة ببعض قرارات الأمس (1931) وحالة أهل القدس وفلسطين اليوم (2018) وقضايا حماية الأرض والإنسان والإرث والتراث والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين... ونقول: "إن الأيدي المرتعشة لا تبني... وإن الأقدام المترددة لا تتقدم... وإن المواقف الرمادية لا توقف عدواناً ولا تحرر أسيراً ولا تعيد حقاً…"

 اولا : محطات في المشهد الديني والدنيوي

(1)  تتعرف في القدس على الأرض المسكونة بالتاريخ والمرتبطة بحياة الإنسان في علاقة جدلية بين الديني والدنيوي والتفسير بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والأسطورة، بين الخير والشر. 

(2)  تتعرف في القدس على سعي الإنسان الى الإرتباط والتواصل مع القداسة الدينية، إما بالعقل (المنطق) وإما بالقلب (العاطفة) أو بكليهما معاً. وأصدق مثال على ذلك ما ورد في سورة الأنعام على لسان ابراهيم عليه السلام: " فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)". وأيضاً سعي الإنسان للتواصل مع القدس نقلاً عن السلف: فعن ميمونة بنت الحارث زوج النبي (ص) قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه، فمن لم يستطع منكم أن يأتيه ويزوره فليهدي إليه زيت يسرج فيه فإن من أسرج فيه كمن صلى فيه."

(3)  تتعرف في القدس على ولادة "الحدث المؤسس" للديانة والذاكرة المسيحية كما بشرَّ بها السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وسجلته الأناجيل الأربعة: مرقس ومتى ولوقا ويوحنا."

(4)  تتعرف في القدس على قبلة المسلمين الأولى في صلاتهم وتعبدهم كما ورد في القرآن الكريم: "..وما جعلنا القبلة التي كنت عليها، إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم." (سورة البقرة: 143).

(5)  وتتعرف في القدس على المشهد الإسلامي المكمل لكل الرسالات والجامع لكل الأنبياء الذين بشروا رسالة الإيمان بالله دونما تفريق أو تفضيل أو تمييز، بقوله تعالى: " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه، والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير." (سورة البقرة: 285). وقوله تعالى: " قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون."  (آل عمران: 62). وقوله تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم وإلهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون." (العنكبوت: 46).

(6)   وتتعرف في القدس على قدسية "المكان"، المسجد الأقصى المبارك في القدس كجزء من العقيدة الإسلامية، كما جاء في القرآن الكريم: "سبحان (منزه الله) الذي أسرى (سار) بعبده (محمد) ليلاً من المسجد الحرام (مكة المكرمة) إلى المسجد الأقصى (القدس الشريف) الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه السميع البصير." (سورة الإسراء). والقداسة هنا "للمكان" وليس للبناء والحجر والشجر، والمبارك هو اجتماع الناس حول وفي المسجد الأقصى المبارك والتعبد والصلاة فيه وحوله.

(7)  وتتعرف في القدس على مركزية وقدسية المكان وأهميته؛ فقد جاء في تفسير ابن كثير (774ه-1372م) للآية القرآنية: "والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين" هذه محال ثلاثة، بعث الله في كل واحدة منها نبيا مرسلاً: 

الأول: محلة التين والزيتون وهو بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى بن مريم عليه السلام.

والثاني: طور سنين وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه السلام موسى بن عمران. 

والثالث: وهو مكة المكرمة، البلد الأمين من دخله كان آمناً وهو الذي أرسل فيه النبي محمد (ص).

هذا وقد دعا الرسول (ص) إلى الإقامة والتواصل مع القدس كما جاء في جوابه الى ميمونة بنت سعيد بقوله: " نعم المسكن بيت المقدس." وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس."

(8)  وتتعرف في القدس على "خصوصية أهل القدس"، فقد رُوي عن الرسول (ص) أنه بشرَ بفتح بلاد الشام وبيت المقدس ووصف الذين يقيمون فيها من الرجال والنساء بأنهم "مرابطون"، وذلك في الحديث النبوي الشريف: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قيل يا رسول الله أين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس." 

(9)  وتتعرف في القدس على خطاب العدل والأمان والمساواة في مضمونه الديني وممارسته الدنيوية وعرف باسم "العهدة العمرية" كما سجلها عمر بن الخطاب لأهل إيلياء، بيت المقدس، وتسلمها صفرونيوس بطريرك الروم وشهد عليها خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو ابن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وقد جاء فيها:

"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا من شئ من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم..."

(10)  وتتعرف في القدس على "الخطاب الروحي" في وصف المدينة، كما ورد في قول الخليفة علي بن أبي طالب: 

" وسط الأرضين، أرض بيت المقدس، وارفع الأرض كلها الى السماء، بيت المقدس."

وفيما بعد، تراجع المشهد المقدسي الدنيوي الذي يعبر عن الحالة في القدس هذه الأيام؛ وقد جاء في وصف ذو النون المصري أبو الفيض ثوبان بن ابراهيم الصالح، في عهد جعفر بن المعتصم (العباسي) (232ه-847 م)، بقوله: "وجدت على صخرة بيت المقدس، كل عاص مستوحش، وكل مطيع مستأنس، وكل خائف هارب، وكل راجٍ طالب، وكل قانع غني، وكل محب ذليل." 

ثانيا: هبة البراق في عهد الاحتلال والانتداب البريطاني 

 

 (1)  شهدت القدس وفلسطين هبة البراق الشريف عامي 1928-1929 في مجابهة محاولات الطائفة اليهودية "تغيير الواقع التاريخي والديني Status quo" في حائط البراق الشريف الى "كنيس يهودي" تمهيداً لادعاء ملكيته: كانت "القضية" يومها "إثبات الملكية الإسلامية لحائط البراق ووقفيته وقدسيته الإسلامية" وان "المنحة" التي قدمها المسلمون لليهود منذ العهد العثماني هي فقط للصلاة فيه وعدم تغيير أو إضافة أي شيء عليه. وكان ادعاء الطائفة اليهودية أن علاقاتهم الدينية والتقليدية والتقديسية للمكان لا تنحصر في "أداء الصلاة" بل بإقامة الستائر والمقاعد والطقوس التلمودية فيه." وأكدت لجان التحقيق البريطانية واستناداً إلى عصبة الأمم المتحدة في المواد (13) و (14) من قانون الانتداب البريطاني "أن ملكية الحائط الغربي تعود للمسلمين وحدهم ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً من ساحة المسجد الأقصى المبارك، كما أن ملكية الرصيف أمام الحائط تعود اليهم أيضًا، وأصدرت الحكومة البريطانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 1928 "الكتاب الأبيض" مؤكدة ذلك.

(2)  وشهدت القدس وفلسطين في شهر آب (أغسطس) 1929 محاولة متطرفين يهود اقتحام حي المغاربة نحو حائط البراق الشريف ورفع العلم الصهيوني وادعاء ملكيته بالقول: "الحائط حائطنا"، وأرسل حاخام اليهود في رومانيا الى مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني، كتاباً يطلب فيه "إباحة المسجد الأقصى لليهود ليقيموا الشعائر الدينية التلمودية"، الأمر الذي تحول الى اشتباكات بين المتطرفين اليهود وأهل القدس، ثم انتقلت عدوى الاضطرابات والاشتباكات الى مدن نابلس والخليل وصفد واستمرت اسبوعين وأسفرت عن مقتل وجرح المئات من الطرفين، ولم يكن في إمكان أحد احتواء غضب "الناس الذين انفجروا كالبركان وما كان بإمكان أحد ايقافهم..." وأرسل كل من الأمير عبد الله والملك عبد العزيز بن سعود رسائل مواساة وتعزية على استشهاد المسلمين دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك. 

هذا واعتقلت القوات البريطانية المئات من الفلسطينيين وعشرات اليهود المتطرفين وأصدرت ونفذت حكم الإعدام على كل من: عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي في 17 حزيران (يونيو) 1930 في سجن عكا، في حين قررت تبديل حكم الإعدام على اليهودي يوسف مزراحي المتهم والمدان بقتل عائلة عربية الى السجن عشرة سنوات ثم جرى العفو عنه. 

(3)  توجهت وفود من أنحاء العالم العربي والإسلامي إلى القدس للدفاع المشترك عن الإرث والتراث والمقدسات الإسلامية خاصة حائط البراق الشريف وتسجيل موقفها أمام اللجان البريطانية وخاصة لجنة والتر شو Walter Shaw Commission، التي استمعت الى مائة وعشرة شهود في الجلسات العلنية وعشرين شاهدا في الجلسات المغلقة ومن بينهم الشخصيات التي جاءت من: مصر أحمد زكي باشا ومحمد علوية باشا والشيخ محمد الغنيمي التفتزاني ومن العراق مزاحم الباججي ومن لبنان صلاح الدين بيهم ومن إيران ميرزا مهدي، وأفغانستان السيد عبد الغفور وأندونيسيا أبو بكر الأشعري والهند عبد الله بهائي والشيخ عبد العلي وفيما بعد عقدوا اجتماعاً الأول من نوعه وأطلق عليه اسم "المؤتمر الإسلامي من أجل التضامن مع عرب فلسطين" بحضور (700) شخصية فلسطينية وعربية من شرق الأردن وسوريا والعراق ومصر وذلك في أواخر تشرين الأول (أكتوبر (1929 وقد منعت الحكومة البريطانية الزعيم الهندي (مولانا شوكت محمد علي) من دخول فلسطين لحضور المؤتمر بثلاثة أسابيع وشكل المؤتمر "جمعية حراسة المسجد الأقصى" و"لجنة الدفاع عن البراق الشريف" ولتنبيه المسلمين إلى المخاطر التي تجابه المقدسات الإسلامية في القدس. 

 

ثالثا: المؤتمر الاسلامي العام

(1)  بعد عامين على هبة البراق الشريف في آب (أغسطس) 1929، تلاقت دعوات الزعيم الهندي (مولانا شوكت علي) والزعيم التونسي (عبد العزيز الثعالبي) ومفتي القدس (الحاج أمين الحسيني) لفكرة عقد مؤتمر إسلامي عام "للبحث في حالة المسلمين الحاضرة وصيانة الأماكن المقدسة في القدس ومسؤوليات العالم الإسلامي في حمايتها". وكان التوافق فيما بينهم: "ان الظروف القاهرة والضرورات قد تجيز المحظورات ولكنها لا تبيح المحرمات... وأن لا مساحة أو منطقة وسطى رمادية بينهما." 

(2)  تلقى الملك عبد العزيز آل سعود عدة اقتراحات من زعيم حزب الأحرار في الهند وجمعية علماء المسلمين هناك ورسائل أخرى من بعض الأقطار الإسلامية بطلب عقد المؤتمر الإسلامي العام في مكة المكرمة تجنباً لعقده في "بلاد واقعه تحت الاحتلال والانتداب البريطاني المباشر." وكان جواب الملك عبد العزيز على هذه الرسائل انه يحبذ عقد المؤتمر في مكة المكرمة لكنه لا يدعو الى ذلك ويترك الأمر لرغبة البلاد الإسلامية نفسها. ولم يُقدر لهذه الدعوات أن تلقى مزيداً من التأييد أو الترحيب لان فكرة عقده في القدس كانت مسألة ملحة ومقصودة لارتباط المدينة المقدسة بقضية حائط البراق الشريف وحاجة أهل القدس وفلسطين إلى "الحضور العربي والإسلامي" معهم وفيها.

(3)  كان أهل فلسطين وقادتهم حريصون على إحياء ذاكرة وتواصل المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك وكانت فكرة أن يدفن رفات محمد علي، الرئيس السابق للجنة الخلافة الإسلامية الهندية والذي توفي في كانون الثاني (يناير) 1931، وأيضاً تلبية رغبة ووصية الشريف (الملك) الحسين بن علي الذي توفي في 3 حزيران (يونيو) 1931 أن يدفن في باحات المسجد الأقصى المبارك. وبهذا يصبح المسجد الأقصى المبارك بالإضافة إلى أهميته ومركزيته الدينية مزاراً للترحم على قادة العرب وعلماء المسلمين. وقد روى أن عدد الحجاج الهنود الذين يحضرون إلى زيارة المسجد الأقصى تضاعف الى المئات لزيارة المسجد الأقصى أولاً ثم لزيارة ضريح زعيمهم محمد علي. وتعاقبت الزيارات واللقاءات العربية الإسلامية، فكانت زيارة وصلاة الجمعة أسبوعياً في المسجد الأقصى للأمير (الملك) عبد الله بن الحسين ثم اجتماع العاهلين الملك فيصل الأول ملك العراق والأمير عبد الله بن الحسين في القدس (1933) وجاءت فيما بعد زيارات العديد من المسؤولين العرب والمسلمين وكان منها زيارة الأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية (1935). 

(4)  سعت الوكالة اليهودية والجمعية الصهيونية في فلسطين وأيضاً خصوم ومعارضي مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني الى ترويج الإشاعات ونشر المقالات في الصحف المحلية والعربية والأجنبية لاحباط وإفشال عقد المؤتمر الإسلامي العام، ومنها:

(**) إن المؤتمر الإسلامي سوف يناقش مسألة الخلافة الإسلامية وان هناك نوايا ورغبات لتنصيب السلطان العثماني السابق عبد المجيد خليفة للمسلمين؛ الأمر الذي أغضب الملك فؤاد (لأنه كان يعد نفسه لهذا الأمر) وحمّل رئيس وزراءه اسماعيل صدقي على مهاجمة فكرة المؤتمر وفي الصحافة المصرية وكذلك عارضه فضيلة الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر الشريف.

(**) إن المؤتمر الإسلامي سوف يطالب بمخصصات الحرمين ويدعو الى انشاء جامعة المسجد الأقصى في منافسة لجامعة الأزهر الشريف، الأمر الذي أثار حفيظة علماء الأزهر وسار طلبة من الجامع الأزهر في مظاهرة في القاهرة تندد بعقد المؤتمر. 

(**) وأعلنت الحكومة التركية معارضتها لعقد المؤتمر الإسلامي وانها "تعارض في قوة أي حركة تستغل الدين لأغراض سياسية" وذلك في بيان وزير خارجيتها توفيق رشدي في المجلس الوطني وأن حكومته تلقت تأكيدات من الحكومة البريطانية بأنه لن يثار في المؤتمر أية مسائل سياسية ذات سمة معارضة، وان الحكومة البريطانية لن تسمح بأي اجراء في المؤتمر يكون معارضاً للمصالح التركية، وأن مسألة الخلافة لن تطرح للمناقشة. 

(**) إن المؤتمر الإسلامي سوف يعقد تحت حراب الاحتلال البريطاني وضمن قيوده وشروطه وأن هامش حرية التعبير ستكون محدودة والنتائج المتوقعة قليلة.

(**) كان رأي أهل القدس وفلسطين يتحدث عن أن الحضور الكبير والتواصل الفعلي مع القدس والمقدسات الإسلامية ضرورة ملحة لتفعيل الاحتضان الإسلامي لقضايا المقدسات في القدس سيدعم قضيتهم ونضالهم في المحافظة والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك. 

(5)  بادر الحاج أمين الحسيني (مفتي القدس) الى اخماد الإشاعات في مهدها، وإسكات أبواق وصحف خصومه ومعارضيه وإغلاق الفجوة وتطمين المعارضة في مصر وخاصة الأزهر الشريف، فتوجه الى القاهرة في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) 1931، والتقى فور وصوله مع حزب الوفد ورئيسه مصطفى النحاس باشا وسكرتير الوفد مكرم عبيد، ونشر في الصحافة العربية بياناً يبين فيه ان هدف المؤتمر الإسلامي العام في القدس "البحث في نشر أساليب التعاون الإسلامي ونشر الثقافة  الإسلامية والدفاع عن البقاع المشرفة الإسلامية، والعمل لوقاية الدين الإسلامي وصيانة عقائده من شوائب الإلحاد، وحماية مصالحه، وتأسيس جامعة إسلامية في بيت المقدس لخدمة مسلمي فلسطين والنظر في قضية الخط الحديدي الحجازي، وأكد أن "مسألة الخلافة ليست من المسائل التي يراد طرحها على المؤتمر او وضعها في برامج أبحاثه." ثم التقى مع رئيس الوزراء اسماعيل صدقي وسجل في رسالة خاصة له "أن الأبحاث في المؤتمر ستكون بعيدة كل البعد عن ان تمس الشؤون المصرية البحته من سياسية وقومية او ان تتعرض للأزهر الشريف، ونفى الإشاعات حول البحث في مسألة الخلافة الإسلامية، وفي نهاية الزيارة وافق الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر على عقد المؤتمر الإسلامي العام في القدس بعد شرط مكتوب بعدم بحث موضوع الخلافة في المؤتمر." 

(6)  بعث الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى في منتصف تشرين الثاني (أكتوبر) 1931 الدعوات لحضور المؤتمر الإسلامي العام في القدس الى عدد كبير من أعلام المسلمين في اثنين وعشرين قطراً من الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية وهي: تركيا وتركستان الصينية وسيلان ونيجيريا ويوغوسلافيا وقازخستان وروسيا وجاوا والجزائر وتونس والمغرب وايران واليمن وسوريا ولبنان وشرق الأردن وفلسطين ومصر والهند وممثلو الحركات الوطنية في المشرق العربي. وحضر المؤتمر حوالي مائة وخمسون مندوباً بما فيهم مندبو فلسطين. 

(7)  اُفتتح المؤتمر الإسلامي العام في ليلة الاسراء والمعراج في 27 رجب 1350 واستمر انعقاده عشرة أيام) 7-17( كانون أول (ديسمبر) 1931، ووقف السيد محمد الحسين آل كاشف الغطاء، كبير مجتهدي الشيعة من العراق، يؤم جموع المصلين السنه في المسجد الأقصى المبارك ويفسر في خطبته قوله تعالى:" باركنا حوله" بان البركة ليست في وجود الأشجار والأنهار وإنما في مثل هذا الاجتماع الذي يضم العلماء والفقهاء وان البركة مع الجماعة، كما ألقى  كلمة الافتتاح الحاج أمين الحسيني مفتي القدس  وجاء فيها: 

"...وليس القصد من وراء هذا المؤتمر الاعتداء على أمة من الأمم او مهاجمة دين من الأديان أو مخاصمة أحد في هذا العالم، وإنما القصد ان يعمل المسلمون لصالحهم يداً واحدة وصفاً واحداً، وان كلمة الإسلام والسلام مشتقتان من منبع واحد، فالمسلمون لا يريدون الا الخير لأنفسهم ولجميع الأمم والشعوب." 

(8)  انتخب المؤتمر الإسلامي العام مكتباً لإدارة أعماله: الحاج أمين الحسيني رئيساً، والوكلاء: ضياء الدين الطباطبائي رئيس وزراء ايران الأسبق، ومحمد علوبة باشا وزير الأوقاف الأسبق في مصر، ومحمد اقبال شاعر الهند والشيخ محمد زيادة مندوب الإمام يحيى، رؤوف باشا مندوب سيلان وابراهيم بك الواعظ النائب العراقي، وأمناء السر: محمد عزة دروزة وعبد القادر المظفر من فلسطين، والمراقبين: شكري القوتلي مندوب الكتلة الوطنية السورية وعمر الداعوق ورياض الصلح مندوب مسلمي لبنان، وأمينا المال كل من: أحمد حلمي عبد الباقي مدير البنك العربي في فلسطين والشيخ محمود الدجاني. وتألفت لجان المؤتمر لقضايا: الأماكن المقدسة وحائط البراق الشريف، لجنة الثقافة وجامعة المسجد الأقصى، لجنة الدعوة والإرشاد، لجنة المالية والتنظيم ولجنة السكة الحديدية الحجازية.

(9)  تلقى المؤتمر رسائل تأييد وتشجيع من جميع أنحاء العالم الإسلامي ومن بينها رسائل الملك فيصل (العراق)، عباس حلمي (خديوي مصر سابقاً)، أحمد جابر الصباح (أمير الكويت)، وسلطان لحج ومصطفى النحاس باشا، ومن وزير خارجية ايران (أحمد شفيق باشا) وحمد الباسل وعبد الوهاب عزام والأمير عمر طوسون، والأمير شكيب أرسلان، ومن مسلمي بولونيا وفنلندا وغيرهم، ورساله من المعتقلين الفلسطينيين منذ هبة البراق الشريف 1929، جاء فيها: " من بيت الكرامة القومية، ومسكن الذين باعوا أنفسهم في سبيل أمتهم، يرتفع صوت مرحباً بكم أيها المؤتمرون الأُباة" 

(10)  كانت القرارات الرئيسية للمؤتمر الإسلامي العام 1931 

      تؤسس لقرارات المؤتمرات العربية والإسلامية هذه الأيام على النحو التالي: 

(1)   وضع نظام لعقد المؤتمر كل سنتين... ولا تزال الدعوة اليوم الى عقد مؤتمر إسلامي سنوياً.

(2)  إنشاء جامعة إسلامية باسم جامعة المسجد الأقصى... ولا تزال مطالبنا الى اليوم: إنشاء   جامعة المسجد الأقصى امتداداً وتواصلاً واعتماداً على الأزهر الشريف كمرجعية إسلامية ولإحياء علوم الدين وتفاعل وتواصل وحضور العلماء والفقهاء والمدرسين في بيت المقدس.

(3)  حائط البراق الشريف وقف إسلامي والتعاهد على الدفاع عنه... ولا تزال نداءتنا الى اليوم.. "ان المسجد الأقصى المبارك في خطر"، وقد سجلنا في مؤتمر "الطريق إلى القدس" الذي عقد في عمَّان في 27-30 نيسان (ابريل) 2014 تمسكنا "بالوصاية والرعاية الهاشمية" للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وكان ندائنا: "ان شدوا الرحال الى القدس: تعالوا وتواصلوا وصلوا وحافظوا على المسجد الأقصى المبارك، ومرة أخرى دررنا مقولتنا: "أن الضرورات قد تجيز المحظورات."

(4)  إيجاد دائرة معارف إسلامية... ان مرجعيتنا الإسلامية هي الأزهر الشريف وتواصله مع جامعاتنا ومعاهدنا برفدهم بالعلماء والفقهاء والمدرسين.

(5)  تأسيس شركة لإنقاذ الأراضي... لا تزال أرضنا في القدس وفلسطين تسرق وتهود ويشرد أهلها، وأن قضايا الإسكان والتعليم والهوية والمواطنة العربية الإسلامية المسيحية من أولويات الأجندة الوطنية الفلسطينية.

(6)  الدعوة لانتخاب بطريرك عربي للكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين... ولا تزال هذه الدعوة تكرر وتتجدد بإجماع وطني مسيحي-إسلامي فلسطيني خاصة هذه الأيام.

(7)  تأسيس لجان محلية في الأقطار الإسلامية. والتواصل مع هذه اللجان ومرجعياتها ضرورة لتفعيل وتمكين المجتمعات الأهلية في القدس وفلسطين.

(11)  وفي أجواء انعقاد المؤتمر الإسلامي العام (1931) حدث خلاف بين الملك عبد العزيز بن سعود والإمام يحيى حول الحدود ومنطقة عسير ومسائل الحج وكادت أن تتطور الحالة الى اشتباك حربي. فبادر المؤتمر الإسلامي العام إلى تشكيل وإيفاد وفدٍ للصلح بينهما وليبقى "اليمن سعيداً"، وضم الحاج أمين الحسيني (فلسطين) ومحمد علوبة باشا (مصر) وهاشم الأتاسي (سوريا) والأمير شكيب أرسلان(لبنان). وقد نجح وفد المؤتمر الإسلامي في تحقيق مهمته في التصالح والتسامح بين العاهلين الأمر الذي لاق ترحيباً من المسلمين في سائر الأقطار. ولكن اليمن اليوم "لم يعد سعيداً" ويعيش حالة حرب ودمار وقد ينتظر طويلاً لحضور وفد عربي- إسلامي للصلح والتصالح والتسامح بوقف القتال والدمار.

رابعا : قبل وبعد انتفاضة الاقصى

(1)  شهدت القدس وفلسطين في 11 حزيران (يونيو) 1967 أي بعد أربعة أيام من الاحتلال الإسرائيلي، أول وأبرز إجراء عدواني إسرائيلي في عملية الإخلاء والإقصاء بالقوة لأكثر من ستمائة (600) فلسطيني وفلسطينية من البلدة القديمة في القدس . وتدمير كامل لحارة المغاربة بهدم حوالي (135) منزلاً ومسجدان ملاصقان للمسجد الأقصى المبارك وإقامة ساحة ممتدة أمام حائط البراق،  واقتحم حاخام الجيش الإسرائيلي شلومو غوريون (والذي أصبح فيما بعد الحاخام الأكبر لإسرائيل)، مع خمسين من الجنود اليهود في 15 آب (أغسطس) 1967 ساحات المسجد الأقصى المبارك ودعا إلى هدم المسجد الأقصى، مبدياً الأسف لعدم تحقيق ذلك خلال حرب حزيران.

(2)  وباشرت إسرائيل منذ 1967 سياستها المعلنة ضد الديمغرافيا والجغرافيا الفلسطينية، الأولى إقصاء الفلسطينيين عن أرضهم وتحديد نسبة سكان القدس الفلسطينيين الى 26% من مجموع السكان. والثانية خطط الأسرلة والتهويد وصادرت حوالي (23,500) دونماً من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية خلال السنوات 1967-1996 بإدعاء "مصادرة الأراضي ذات الملكية الخاصة لأغراض المنفعة العامة" حسب قانون الأراضي في عهد الانتداب البريطاني. وبالرغم من هذه الإجراءات والسياسات العنصرية تمكن الفلسطينيون من الصمود على أرضهم والثبات في مدينتهم، وقد بلغت النسبة السكانية الفلسطينية الحالية 42% من مجموع السكان في القدس. 

(3)  أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات ومنها القرار (2253) فقرة (ب) في 24 تموز (يوليو) 1967 تطالب فيه إسرائيل "إبطال والرجوع عن جميع الإجراءات والسياسات المتبعة والتي تهدف إلى تغيير معالم وحقائق وضع القدس والوضع التاريخي والديني القائم(Historical and religious (status quo.

(4)  وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عدة قرارات تدين سياسات وممارسات إسرائيل وتدعوها للتوقف عنها. وكان أبرزها في نيسان (ابريل) 2015:

"الالتزام بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بتراث القدس القديمة وأسواره، والتي أدرجت في لائحة التراث العالمي من قبل الأردن منذ العام 1981 والتراث المهدد بالخطر منذ العام 1982. وتبنت اليونسكو "أن التعريف الأردني والإسلامي التاريخي الثابت بأن المسجد الأقصى المبارك هو كامل الحرم القدسي الشريف وأن منطقة طريق باب المغاربة جزء لا يتجزأ منه." كما طالبت اليونسكو من إسرائيل "الإيقاف الفوري للاقتحامات شبه اليومية من قبل المتطرفين اليهود والجنود المسلمين لساحات المسجد الأقصى والاعتداء على موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية والقيادات الإسلامية داخل المسجد الأقصى." 

(5)  اعتمدت اليونسكو في 18 تشرين (أكتوبر) 2016 قراراً ينص على أن المسجد الأقصى المبارك هو من المقدسات الإسلامية الخالصة ولا علاقة لليهود به.

(6)  شهدت القدس وفلسطين في 21 آب (أغسطس) 1969 محاولة الأسترالي (دنيس مايكل روهان) اضرام النار في ثلاث مواقع في المسجد الأقصى المبارك وإحراق منبر صلاح الدين الأيوبي المقام في المسجد الأقصى منذ العام 1187م واندلعت الاضطرابات يومها.

(7)  جاءت محاولة أخرى للعدوان على المسجد الأقصى في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 1990 باقتحام متطرفين يهود بزعامة غرشون سلمون تحت مسمى "أمناء جبل الهيكل" ساحات المسجد الأقصى يحملون حجراً ضخماً ويدعون أنه لوضع "أساس بناء الهيكل المزعوم" وقد تصدى لهم أهل القدس وارتقى منهم (23) فلسطينياً إلى السماء شهيداً وجرح حوالي (150) وعرفت الواقعة بمسمى "مذبحة الأقصى".

(8)  استمرت المحاولات لأسرلة وتهويد المدينة ومقدساتها، فقام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنجامين نتنياهو بافتتاح "نفق حشمونئيم" تحت ساحات المسجد الأقصى في 25 أيلول (سبتمبر) 1996 وتصدى لهم مرة أخرى أهل القدس بقيادة فيصل الحسيني وارتقى منهم (70) سبعين شهيداً إلى السماء وأصيب في الاشتباكات حوالي (500) فلسطينياً وفلسطينية.

(9)  بدأت "انتفاضة الأقصى" يوم الجمعة في 28 أيلول (سبتمبر) 2000 بعد اقتحام الوزير الإسرائيلي ارئيل شارون ساحات المسجد الأقصى في محاولة استفزازية والادعاء بالسيطرة على المكان، اندلعت المواجهات بين أهل القدس والقوات الإسرائيلية، استشهد فيها سبعة (7) فلسطينيين وجرح حوالي (250) آخرين، كما أصيب (13) جندياً اسرائيلياً. وانتقلت عدوى المواجهات والاشتباكات إلى مدن وقرى الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) أسفرت عن مقتل وجرح العشرات. ويذكر أن الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" أصبح رمزاً لانتفاضة الأقصى، حيث قتل بدم بارد ولما يبلغ من العمر (11) إحدى عشر عاماً، وكان يحتمي إلى جوار أبيه في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.

(10)  تعرضت الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى "اجتياحات عسكرية وتدمير الآلاف من المنازل والبيوت وتجريف الآلاف من الدونمات الزراعية. وحسب الأرقام الرسمية (فلسطينياً وإسرائيلياً) فقد أسفرت انتفاضة الأقصى عن استشهاد أربعة آلاف وأربعمائة (4400) فلسطينياً وفلسطينية بينما قتل ألف وسبعون (1070) إسرائيلياً بالإضافة إلى آلاف الجرحى من الطرفين.

خامسا : اهل القدس وفلسطين اليوم

(1)  جاء حراك الشباب الفلسطيني في مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2015 بشكل عفوي وتلقائي وفردي في الميدان أمام وفي مواجهة قوات العسكر المحتل والمستوطن المعتدي، وقد عكس هذه الحراك واقع الاحتقان والغضب في المجتمع الفلسطيني بعد خمسة عقود من الاحتلال الكولونيالي الاحلالي الصهيوني وممارسات الأسرلة والتهويد في القدس وفلسطين، وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وأن "القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية."

(2)  جاء حراك الشباب الفلسطيني برؤية ورسالة جديدتين لمفهوم ومضمون "الوطنية" وأنها الالتصاق بالأرض الفلسطينية ولمعاني "النضال" انه صمود مقاوم؛ ضد العدوان على مصادرة الأرض وأسرلتها وقتل واعتقال واقصاء الإنسان (أكثر من خمسة آلاف معتقل في السجون الإسرائيلية) والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية.

(3)  "بقاء في الوطن ومقاوم" ضد محاولات اقصائه عن أرضه، عن بيته، عن مسجده، عن كنيسته، عن صلاته، عن تعلمه وثقافته، عن عمله وحياته وضد هدم البيوت وإغلاق الأحياء وجدار الفصل العنصري وبناء المستعمرات.

(4)  "بقاء في الوطن ومقاوم" ضد تزييف تاريخه الوطني وتشويه ثقافته العربية وتدنيس مقدساته الإسلامية والمسيحية وإغلاق مؤسساته الوطنية.

(5)  "بقاء في الوطن ومقاوم" العدوان على زمانه (مواقيت صلاته) وعلى مكانه (المسجد الأقصى المبارك) وقد جعل أهل القدس من شوارع وأزقة المدينة "سجادة صلاة" طوال اسبوعين من شهر تموز (يوليو) 2017 طريقهم إلى المسجد الأقصى المبارك وإعادة "السيادة العربية الإسلامية" على المسجد الأقصى بعد أن كانت قد أغلقت أبواب المسجد الأقصى وإقامة البوابات الإلكترونية وكاميرات المراقبة.

(6)  "بقاء في الوطن ومقاوم" سلاحه الإيمان بالله والثقة بالنفس، وولاءه للقدس وفلسطين، ويمتلك الإرادة والمبادرة الشجاعة، ويتقبل النتائج حتى الشهادة بابتسامة دائمة.