• 1 آب 2018
  • مقابلة خاصة

 

 

بقلم :  القاضي فواز ابراهيم نزار عطية 

 

 

الحمد للّه الذي أخرجنا ـ بهذا الدين القويم ـ من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم وتبعهم إلى يوم الدين. 

لقد خلق اللّه الإنسان في أحسن تقويم ، وكرمه أعظم تكريم ووهبه نعمة العقل، ليتعرف به على خالقه العظيم، وجعل له فطرة سليمة تدله وتهديه  للتفكر في خلق السموات والارض، فإن لم يبحث الإنسان عن الهدف الحقيقي الذي خُلق من أجله، أو توهّم هدفاً آخر لم يُخلق له، أو لم تأت حركته اليومية مطابقة للهدف الصحيح ، كان القلق والاضطراب ، وكان الضلال والشقاء ، وتحققت خسارة كبيرة أبدية وجُعل في كيان الإنسان قبضة من طين الأرض ، ونفخة من روح اللّه ، فإذا سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة المقربين ، وإن سمت شهوته على عقله كان أسفل السافلين وخلق فيه حاجات دنيا لا يقوم إلا بها، وخلق فيه حاجات عليا، لا يسعد إلا بتلبيتها، ومن أبرز هذه الحاجات العليا " العلم "، الذي هو القيمة المرجحة بين العباد، حيث قال الله تعالى :هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ " وجعل منحة العلم أعظم النعم ،إذ قال الله تعالى :وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا "

وانطلاقاً من حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :

" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له "

فقد تمّ بعون الله وتوفيقه انجاز المهمة المؤقتة في عقدي الرابع في امرين: الأول: الانتهاء من رصد المعاملات المحفوظة بسجلات المحكمة الشرعية بالقدس الشريف التي تتعلق بوقف جدي الاعلى لأبي المرحوم الحاج الصدر الاجل الكبير المحترم ابراهيم بن محمد السافوطي،منذ بداية الدولة العثمانية بموجب السجل رقم 1 حتى السجل رقم 416 تحت عنوان "دور الوقف الذري في القدس الشريف في منع تهويد المدينة المقدسة وفي تثبيت النسب والحفاظ على المكتسبات بين الواقع والمـأمول"، والامر الثاني: أنني برصد المعاملات التي تتبعتها في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس المحفوظ نسخة عنها في دائرة احياء الوقف والتراث في بلدة ابوديس ظاهر مدينة القدس من الناحية الشرقية، وكذلك المحفوظ نسخة عنها في المكتبة الوطنية بالقدس الغربية، بحيث تمكنت من الوصول للحقيقة التي لا تقبل التأويل او التفسير من أن الضريحين او القبرين في منطقة باب الخليل في القدس الشريف يعودان لعائلة السافوطي، فلا خيال ولا سحر ولا احجية في المكان، بل الحقيقة الراسخة تأبى إلا أن تكشف عن نفسها مهما حاول البعض من طمسها او التفنن في نسج اساطير الخيال.

وبالتالي تداول اساطير خرافية حول واقع هذين القبرين اللذين يبعدان مسافة 12 متر تقريبا باتجاه الشرق من باب الخليل، مقابل الجزء الشمالي للقلعة، حيث يحد القبرين من الشرق والغرب مبنيان مكونين من طابقين حديثا البناء، احدهما مقر للإستعلامات للسياح والآخر مخصص لبيع التحف الشرقية، ويحد القبرين من جهة الشمال جدار حجري قديم الانشاء، ومن المرجح انـه من زمن بناء القبرين ، حيث ورد على لسان الفنان الفلسطيني احمد سلعوم رواية من ضمن جملة الاساطير والتي اعترف انها اسطورة، في كتاب" اصوات مقدسية بروفايل" ، -  "يقال أن جدنا الأساسي الشيخ الغماري جاء قبل جاء قبل جاء قبل 600 عام من المغرب واستقر في منطقة الدوايمة وعراق المنشية وبيت جبرين بعد تعيينه بمنصب تركي،وهو من المغرب واستقر في منطقة الدوايمة وعراق المنشية وبيت جبرين بعد تعيينه بمنصب تركي، وهو أحد أبناء عبد الدايم الغماري الـذي يـتـمـتـع حـتـى الآن بـوقـف عـظـيـم فـي المـغـرب، أرسـل لـه المـسـؤول الـعـثـمـانـي طـلـبـا لجـمـع أحد أبناء عبد الدايم الغماري الـذي يـتـمـتـع حـتـى الآن بـوقـف عـظـيـم فـي المـغـرب. أرسـل لـه المـسـؤول الـعـثـمـانـي طـلـبـا لجـمـع ضرائب الأرض من فلاحي المنطقة فرفض لصعوبة أوضاع الناس وقسوة ظروفهم، استدعوه إلى القدس، وعندما وصل المدينة أخبر خادمه بأنه سيتعرض للقتل ويقطعون رأسـه وبـأنـه ظـاهـر، وعـلـيـه أن يـدفـنـه فـورا لـئـلا يـتـعـرض لـنـهـش كـلاب المدينة ، ووضعه في أحد الأضرحة التي تحمل الآن نقوشا غريبة غير واضحة وغير مفهومة".

وللتأكيد على الخيال الواسع للفنان المذكور، فإن اسطورته وفق تاريخ الفنان قبل 600عام اي زمن المماليك، و قدوم الدولة العثمانية كان من خلال سليم الاول 923 هجري، ونحن اليوم في العام 1439 هجري، فالفرق واضح في اختلاف الزمنين، ناهيك على ان سجلات المحكمة الشرعية لن تتعرض لواقعة الشيخ أو احد ابناء شيوخ الغماري في منطقة بني حارث المعروفة حاليا بباب الخليل، فضلا على ذلك الخلط بين زمن المماليك والدولة العثمانية تؤكد ان اسطورة الفنان ليس لها مكان من التصديق، لأن حديثه يدور في زمن المماليك ومؤرخ القدس والخليل في العهد المملوكي المرحوم مجير الدين في كتابه الشامل المعروف بالانس الجليل بتاريخ القدس والخليل، لم يكن القبرين محل ذكر في كتابه الشامل، مما يعزز الميل لإعتبار هذين القبرين يعودان تاريخهما الى مابعد 900هجري كون مؤلف الكتاب الشامل توفي في عام 928 هجري .

وبين دفتي الروايات والاساطير للقبرين، والواقع الراسخ تاريخيا والاقرب لواقع مجريات سجلات المحكمة الشرعية بالقدس، فتم حصر العلاقة المباشرة بهذين القبرين مع الحاج الصدر الاجل الكبير المحترم ابراهيم بن محمد السافوطي، حيث هناك رأي علمي وتوثيقي من الباحث والمؤرخ  المقدسي د.كامل جميل العسلي في كتابه " اجدادنا في ثرى بيت المقدس" المنشور من خلال مؤسسة البيت المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية سنة 1981 ص 94، يشير صراحة بأن القبرين يعودان للحاج ابراهيم محمد الصافوتي الذي كان مقيما قرب موقع القبور، حيث يربط الباحث كامل العسلي ربطا مباشرا القبرين في الحاج ابراهيم الصافوتي، نظرا لأنه اوقف ثلاثة دور متلاصقة وفرن معد للخبز وتشتمل الدور المزبورة على علوي وسفلي وبيوت ومساكن وساحات سماوية وصهاريج معدة لجمع ماء الاشتية ومنافع ومرافق وبإحدى الدور حاكورة بها زراعة ومغارة وحقوق شرعية.... وفق صحيح حجة الوقف بتاريخ 13 رجب 998 هجري المحفوظة في السجل رقم 72 ص 2 حجة رقم 34 الموافق ل 17ايار 1590هجري.

والمتتبع لحجة الوقف، وبعض الحجج المؤيدة والتي تربط القبرين في الحاج ابراهيم الصافوتي، يجد القارئ أن جدي المرحوم ابراهيم الصافوطي اوقف وحبس وأبّد وتصدق ابتغاء وجه الله تعالى ما هو له وجار في ملكه...حيث يلاحظ من صيغة حجة الوقف ان من شروط التصدق وحبس ووقف العقارات أن تقع في ملكية الواقف وهو محقق بنص حجة الوقف، لكن ما يُذهل القارئ أنه اوقف ما هو جار في ملكه، بمعنى ذُكر مصطلح الجاري في ملكه، فهو دليل لغوي وواقعي تاريخي بوجود عقارات اخرى لم يتم وقفها، والدليل على ذلك من خلال السجل رقم 12 حجة رقم 615 ص 193 تاريخ 15 محرم 947،  شراء ابراهيم الصافوطي من محمد بن علاء الدين شقير حصة من دار احمد ، و السجل رقم 14 حجة رقم 1620 ص 480 تاريخ 949 هجري شراء احمد بن علي المبيض من ابراهيم الصافوطي المجندي في حارة الزراعنة كامل الحصة في الدار، والسجل رقم 15 حجة رقم 143 ص38 شراء ابراهيم بن محمد الصافوتي من احمد بن محمد يوسف الفرن القائم بحارة النصارى في 5 رمضان 949 هجري، مما يستدل من هذا الواقع على ان جدي لأبي المرحوم ابراهيم الصافوطي، كان من اصحاب الاملاك كثير المعاملات لدى المحكمة الشرعية بالقددس بمطالباته المالية ضد الغير منها الدعاوى المحفوظة في السجلات التالية: سجل رقم 18 ص 630 والسجل رقم 25 ص 617 والسجل رقم 31 ص 486 والسجل رقم 31 ص 487 والسجل رقم 31 ص 603 والسجل رقم 35 ص 114 والسجل رقم 36 ص 118 والسجل رقم 43 ص 545 والسجل رقم 61 ص 374 والسجل رقم 61 حجة رقم 2683 991 هجري، والسجل رقم 62 ص 253 والسجل رقم 69 ص161  تاريخ 997 هجري.

 بحيث يلاحظ من هذه الحجج وفتراتها التاريخية ما بين الاعوام 947 هجري حتى 997 هجري، المقام الاقتصادي والاجتماعي  الذي تمتع به الحاج ابراهيم الصافوطي، الامر الذي منحه لقب الصدر الاجل المحترم الكبير عام 998 هجري عندما اوقف جزء مما هو جار في ملكه.

وعليه فإن تأكيد الباحث المخضرم د.يوسف النتشة على عدم صحة الرواية او اسطورة القبرين بانهما يعودان لمهندسي سور القدس، وتساؤله حول شخصية صاحبي القبرين وتاريخ تحويل الحاكورة إلى تربة وكيف ومتى تم ذلك؟ وتساؤله حول معرفة الاسم التاريخي لصاحبي القبر، والاسم التاريخي- للتربة الصفدية، نجد أن الباحث د.يوسف النتشة ومن خلال مقاله سابق الذكر، يشير إلى محاسن الصدف اثناء بحثه في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس عثر على وثيقة مهمة ومقتضبة مسجلة في السجل رقم 151 ص450 حجة رقم 2175 تاريخ 19 من ذي الحجة لعام 1066هجري، قد تساعد في جلاء بعض الغموض، وهذه الحجة تتعلق بما تقرر بتعيين موظف لمساقاة حوض ماء ملاصق لتربة حددت باسم التربة الصفدية، مما يقتضي اقتباس النص وهو على النحو التالي" قرر مولانا وسيدنا افتخار قضاة الاسلام عمدة الفقهاء والمحدثين سلالة العلماء العاملين قدوة الموالي بدر سماء المعالي الحاكم الشرعي المولى ابو البركات محمد شرف الدين الخالديالموقع خطه الكريم باعالي نظيره دامت فضايله ومعاليه حامل هذا الكتاب الشرعي وناقل ذا الخطاب المرعي فخر امثاله ابراهيم بشه ابن فخر الصالحين الشيخ محمد الشهير بإبن المشمش الينكجري بقلعة القدس في وظيفة السقاية بالمساقاة الكاينة تجاه القلعة باب الخليل بالقدس الشريف الملاصقة للتربة المعروفة بالصفدية  بما لها من المعلوم وقدره كل يوم عثماني من محصول وقف الصفدية الكاينة بالقدس الشريف.......

وبالتالي استنتاج الباحث د. يوسف النتشة ان تربة الصفدية اقيمت على قسم من املاك الحاج ابراهيم السافوطي، وان كانت من مكونات هذه التربة مسقاة ماء، على اساس فترة تاريخ وقف السافوطي المؤرخ في 998 هجري وتاريخ الحجة 1066 هجري.

 فإنني أكد على أن القبرين يعودان للحاج ابراهيم الصافوطي وابنه محمد لسببين مهمين رئيسيين:

اولا: أن الحاج ابراهيم بلقبه الممزوج بمصطلحات التفخيم والتعظيم، كما ورد وفي حجة الوقف "بالصدر الاجل الكبير المحترم" حيث جرت العادة في سجلات المحكمة الشرعية عند استخدام مصطلح التفخيم والتعظيم لأصحاب العلاقة فيتم ذكر "الصدر الاجل " كمصطلح مستقل ، او"الكبير" كمصطلح مستقل، او "المحترم" مصطلح مستقل، بينما واقع جمع المصطلحات الاربعة في آن واحد لهو دليل التبجيل المستحق للذين هم من الدرجة المميزة في رتب الدولة العثمانية بعد مرتبة المجلس العالي للأطباء والقضاة "موقع نداء الايمان الالكتروني"، كما وبسكنه واقامته وحبس امواله في منطقة مميزة واستراتيجية مقابل القلعة في منطقة بني حارث سابقا وحاليا تعرف بمنطقة باب الخليل ميدان عمر بن الخطاب، والقريبة جدا من مكان الضريحين اللذين يبعدان عن مكان سكناه 150متر فقط، ينفي رواية الاساطير، عملا بما كان هو متبع اثناء فترة الدولة العثمانية، بأن يدفن اصحاب الرفعة والرياسة والجاه بمكان قريب من منطقة سكناهم، وليس من المستبعد أو الغريب أن يدفن صاحب اللقب "الصدر الاجل الكبير المحترم" الحاج ابراهيم السافوطي في منطقة باب الخليل بجوار السور، حيث يلاحظ على احد الاضرحة تاج أو عمامة مميزة تميز صاحبها بالنظر لما كان يتمتع به، سيما وأن الحاج ابراهيم السافوطي قد توفاه الله عام 1001 هجري بدلالة السجل رقم 75 حجة رقم 1732 ص 222، أما ابنه محمد الذي توفي عام 1014 هجري بدلالة السجل رقم 85 حجة رقم 1532 ص557 حيث اصبح ناظرا لوقف دبوس الناظر علي السافوطي شقيق محمد وهما ولدي الحاج ابراهيم السافوطي، إذ كان محمد ناظرا بموجب حجة رقم 3110 من السجل رقم 84 حتى العام 1013 هجري. وبانحلال وظيفة الناظر محمد بوفاته استلم شقيقه علي النظارة على الوقف جده دبوس بموجب السجل رقم 85 ص557 عام 1014 هجري.

كما ويلاحظ ان رأس الضريح الثاني غير مكتمل، بل إن طرف الضريح الثاني جاء على شكل شبه مستطيل بخلاف ضريح العمامة الذي جاء على الطرف المقابل للعمامة، وهي علامة مقببة او شبه مقببة، وكل ذلك وفق اعتقادي الجازم بقصد، لعدم تمتع محمد بن ابراهيم السافوطي بأي لقب او رتبة كما كان الحال بالنسبة لوالده ابراهيم ايام الدولة العثمانية، وهذا مؤكد من خلال السجلات الشرعية المحفوظة في المحكمة الشرعية بالقدس ما بين الاعوام 1001 هجري حتى 1014، التي لن تتطرق لأي اشارة تمييز محمد بن ابراهيم السافوطي بالرفعة او الرتب المدنية زمن الدولة العثمانية، سوى انه كان ناظرا على وقف والده وجده دبوس، حيث ورد تعيين الشامي محمد ابراهيم الصافوطي بوظيفة النظر على وقف جده دبوس عام 1001 هجري، بدلالة السجل رقم 75 حجة رقم 1732 ص222، وباقي ما تبقى من معاملات وردت عبارة "محمد بن ابراهيم السفوطي الناظر" دون اية ألقاب.

ثانيا: ولا يقل اهمية عن أولا، ومن خلال تتبع ورصد المعاملات التي تمت على وقف جدي لأبي المرحوم ابراهيم السافوطي وجدّه الامير الناصري ناصر الدين دبوس، كان المتولي من اولاده  واولاد اولاده من الذكور، يسكنون في احدى الدورالموقوفة مقابل القلعة، التي تبعد عن الضريحين مسافة 150 متر فقط، وبتسلسل المعاملات في المحكمة الشرعية بالقدس استمر سكن اولاد الواقف من المتولين على الوقف في احدى الدور المزبورة اعلاه وببدل معلوم مصادق عليه من المحكمة الشرعية بالقدس، وفق ما هوثابت ما في السجل رقم 294 ص117 والسجل رقم 310 ص 32 والسجل رقم 282 ص 50 والسجل رقم  320ص96، بحيث ارتبط احفاد الواقف ابراهيم الصافوتي بوقف جدهم ارتباطا متسلسلا حتى اليوم، ومما يلاحظ من واقع السجلات كيفية اختلاف الاسماء بحيث ربطت باصحابها ونسبتها فيما بعد بالمرحوم جدي ابراهيم السافوطي، حيث عرفت عائلة زريق من احفاد الذكور للواقف المرحوم ابراهيم السافوطي، وسكنت في الوقف بدلالة السجل رقم 264 ص 163 المتولي عبد القادر زريق على وقف جده ابراهيم الصافوطي، والسجل رقم 315 ص 89 تنصيب المتولي محمد بن خليل زريق متوليا شرعيا على وقف جده ابراهيم السافوطي والسجل رقم 325 ص 83 معاملة استبدال الوقف من المتولي محمد زريق على وقف جده الاعلى لأبيه وفق صريح النص، والسجل رقم 342 ص 133 المحاسبة الشرعية التي اصدرها على نفسه الحاج عطية زريق على وقف جده المرحوم ابراهيم السافوطي عن واجب 1276 هجري، والسجل رقم 379 ص102 وردت المعاملة بأن ادعى الحاج عطية بن محمد زريق القضماني المتولي على وقف جده الاعلى لأبيه الشيخ ابراهيم السافوطي سنة 1308 هجري، والسجل رقم 383ص 365 المتولي موسى بن الحاج عطية  بن محمد زريق المتولي على وقف جده الاعلى الشيخ ابراهيم السافوطي......

وما يلفت النظر ويشد القارئ في هذا المقام، أن كيفية تداول الاسماء ونسبة الاماكن بأصحابها، لدليل على صدق رواية الباحث والمؤرخ كامل العسلي، وصدق روايتي التي استقيتها من والدي الحاج ابراهيم نزار عطية  الذي تجاوز بفضل ومنة من الله عقده التاسع وهو بكامل الصفات المعتبرة شرعا وقانونا، والذي ما زال يسكن الدار الكبيرة المعروفة بدار عطية التابعة لوقف جدي الأعلى لأبي المرحوم الشيخ ابراهيم السافوطي، وبدوري سأنقل هذه المعلومة لا بل نقلتها لأولادي لتكتمل الرواية الحقيقية الفذة الى يوم يبعثون، حيث والدي التقتها واستقاها من والده الشيخ نزار عطية ابن المرحوم ابراهيم افندي ابن المرحوم الحاج عطية بن محمد بن خليل زريق السافوطي وتسلسلت الرواية الحقيقية الراسخة بكتب بعض المؤرخين منهم الباحث كامل العسلي، ومن اجدادنا اولاد الحاج ابراهيم السافوطي جيل بعد جيل، بالنظر لمكان سكناهم قرب القبرين، بأن من دفن في القبرين محل الضريحين بجانب باب الخليل: هما المرحومين الحاج ابراهيم السافوطي وابنه محمد، بحيث أُطلع القارئ الكريم على وثيقة من واقع وثائق السجلات المحكمة الشرعية التي ربطت المكان باسم صاحبها، حيث ورد في السجل رقم 402 عدد 278 ص 75 تاريخ 11 شعبان 1326 هجري "معاملة وصية شرعية لإبنة الشيخ موسى عطية وتدعى لبقة عن اولادها من زوجها المرحوم خليل بن محمود الزين الشهير بالمبيض حيث انعقد المجلس الشرعي بالدار الشهيرة "بدار عطية" وهذه الدار تعرف بالدار الكبيرة التي سكنها المتولي على وقف جده الاعلى لأبيه الحاج عطية بن محمد زريق، والباحث من احفاده، وما يلفت الانتباه، ان المجلس الشرعي انعقد بدار عطية، كون الشيخ موسى الذي كان كذلك متوليا على وقف جده ابراهيم السافوطي وفق صريح حجة التقسيم لريع الوقف بموجب الحجة رقم 390/36/585 غرة شعبان 1314 هجري،  تبوأ منصب أو وظيفة مختار محلة النصارى وفق صريح السجل رقم 411 ص 229 وص 237 من ذات السجل، وهو امر طبيعي ان تعقد الجلسة الشرعية في بيت مختار محلة النصارى، حيث كان لهذه الوظيفة اثر بالغ على معاملات الناس في تلك الحقبة الزمنية من التاريخ.

لكل ما سبق أرجو من الله العلي العظيم القدير، ان اكون قد وفقت في بسط الرواية الحقيقية والتاريخية لواقع القبرين (الضريحين) اللذين مازالا شاهدي على عصر الحاج الصدر الاجل الكبير المحترم ابراهيم ابن محمد السافوطي من اولاد الامير الناصري ناصر الدين بن الفقيه محمد بن عمر دبوس، واكون قد وفقت كذلك في كشف المصير الحقيقي لهذين القبرين، وان اكون قد اجبت وازلت الغموض الذي اكتنف حقيقة القبرين الناصعين ببياض الحقيقة في ظل ظلام تشويه التاريخ المقدسي، وكلي رجاء أن يصل هذا المقال لمعالي الدكتور يوسف النتشة مدير دائرة السياحة والاثار في القدس الشريف،  عله يكون شافيا كافيا في ازالة بعض الغموض لديه.

(الباحث والكاتب القاضي فواز ابراهيم نزار عطية  ( الشهير زريق السافوطي *

رئيس الهيئة الثانية في محكمة استئناف رام الله النظامية