• 13 آب 2018
  • مقابلة خاصة

 

 

القدس - أخبار البلد - نشر موقع ”رصيف ٢٢“ مقالة كانت قد نشرت في معرض للقران الكريم في اوروبا ، في تلك المقالة تناولت، كيف ان  الدولة العثمانية ساهمت بترجمة وطباعة  وحماية القران الكريم رغم انه كان يعتبر من  الهرطقة، ويسعدنا في ”أخبار البلد“ ان نعيد نشر هذه المقالة نشرا للفائدة ، وتأكيدا على أن التاريخ يجب إعادة كتابه ، وخاصة تاريخ الفترة العثمانية .

في الدول الأوروبية التي اتبعت مذهب الروم الكاثوليك والبروتستانت، كان الإسلام يعتبر نوعاً من "الهرطقة"، ونتيجة لذلك كانت طباعة وبيع المصاحف القرآنية ممنوعة، سواء كانت باللغة العربية أو مترجمة إلى لغة أخرى؛ ففي كل الأحوال كان مترجمه أو طابعه سيلاحق قضائياً. 

منعت المخاوف القانونية بشأن ذلك، تداول القرآن وتوزيعه على نطاق واسع في أوروبا المسيحية حتى القرن الثامن عشر. وقد يفسر ذلك سبب مرور قرن من الزمان بين ظهور آلة الطباعة في أوروبا خلال الربع الثاني من القرن الخامس عشر على يد يوهان غوتنبرج، وصدور النسخ المطبوعة الأولى للقرآن (عام 1543) وهي النسخة التي ترجمها روبرت كيتون عن العربية. 

يعتقد بعض الباحثين بأن روبرت كيتون وروبرت أوف تشيستر (هما شخص واحد، بينما يرى معظم الباحثين بأن خلطاً قد وقع، وأنهما شخصان مختلفان. 

كان روبرت كيتون، الذي عاش في إنجلترا في القرن الثاني عشر الميلادي، عالماً ومترجماً وعمل كراهب وكدبلوماسي، وانتقل إلى الأندلس أيّام الحكم الإسلامي، حيث أتقن اللغة العربية، والشائع أنه أول من ترجم القرآن إلى اللاتينية. 

إلا أن الترجمة بقيت على شكل مخطوطة، حتى طبعت في مدينة بازل على يد اللاهوتي السويسري تيودور بيبلياندر، وسميت الترجمة باسمه، وجاءت بتوجيه من رائد الإصلاح الديني البروتستانتي مارتن لوثر، ومساعد فيليب ميلانكتون. 

أما أول ترجمة باللغة الفرنسية للقرآن فكانت على يد أندريه دو ريير بامتياز ملكي، في عهد كان الكاردينال مازارين (1602-1662) أقوى سياسي على الإطلاق ببلاط ملكة النمسا "آن" (1601 -1666)، وكذلك كان رئيساً لوزراء فرنسا وحاكمها الفعلي خلال حكم الملك لويس الرابع عشر، ابن الملكة "آن"، الذي تولى حكم فرنسا وعمره 5 سنوات. 

وأهدى دو ريير ترجمته للقرآن إلى بيير سيجييه (1588-1672)، المستشار الملكي الذي أصبح عام 1642 الراعي الرسمي للأكاديمية الفرنسية. 

وسبق نص القرآن الكريم في هذه النسخة عنوان "للقارئ المسيحي" ومقدمة عن الإسلام الذي سماه ريير "دين الأتراك". واختُتم المصحف بعرض ثلاث وثائق، تتعلق الأولى بعمل دو ريير كمترجم وسكرتير ومستشار لهنري دي غورناي، وكومت دو مارشيفيلي، سفير فرنسا في الباب العالي باسطنبول، في الفترة من 1631 إلى 1634. 

أما الوثيقتان الثانية والثالثة، فحملتا تصديقا على الكتاب من قبل قناصل مدينة مرسيليا، وفرمانا بالإجازة والرعاية وصادر عن السلطان العثماني مراد الرابع

في نفس العقد الذي صدر فيه الفرمان، بدأ إعداد الترجمة الإنجليزية، التي اعتمدت على النسخة الفرنسية، وجاء ذلك في ذروة الحرب الأهلية البريطانية، وتحديدا عام 1649 في لندن، ففي أيار/مايو 1648 أصدر مجلس العموم البريطاني مرسوماً ضد "الهرطقة"، وفي كانون الأول/يناير 1649، تمّ إعدام ملك بريطانيا تشارلز الأول.  

سجلت الترجمة القرآنية في لندن، في 23 أبريل 1649 بدون عنوان أو اسم المترجم، ولم يضع من طبعها ولا من ترجمها أسماءهما على الغلاف. 

كما حافظت النسخة الإنجليزية، على ما ورد في النسخة الفرنسية للقرآن، أي ملاحظة دو ريير للقارئ، وتقديمه عن الإسلام، والوثائق الثلاث عن عمله في الإمبراطورية العثمانية. 

إلا أنّ النسخة الإنكليزية أضافت مقدمة ثانية (The Translator to the Christian Reader)، كما ضمّت سيرة ذاتية لحياة النبي محمد، وختاماً، جاء فيها تحذيرٌ لمن لديهم رغبة في معرفة ما يمكن أن يستخدموه من هذا الكتاب، أو من يتسائلون حول "وجود خطر من قراءته": 

Needful Caveat, or Admonition, for Those Who Desire to Know What Use May Be Made of or If There Be Danger in Reading, the Alcoran 

وجاءت ممهورة بتوقيع ألكسندر روس (1591-1654) أحد قساوسة الملك تشارلز الأول. 

يعتبر الفرمان العثماني بالإجازة أكثر ما يثير الفضول في الوثائق الثلاث المضافة في الترجمتين الفرنسية والإنكليزية، فعلى الرغم من أنّ الإسلام كان يعتبر "بدعة" و"هرطقة"، إلا إنّ الذين قرروا نشر هذا الكتاب في بريطانيا وفرنسا، كان يجب أن يعلموا ويُعلموا غيرهم أن السلطان العثماني حاكم المسلمين يحمي مترجم هذا القرآن ومقدمه... 

وهكذا بدأ الأوروبيون يقرؤون ترجمة القرآن الكريم بلغاتهم. 

ظهرت المقالة مرافقة لمعرض القرآن الالكتروني الذي أعدته الباحثة الدكتورة داغمار ريدل، ونشرته في الصفحة الرسمية لجامعة كولومبيا (Columbia University Libraries Online