• 30 تموز 2020
  • مقابلة خاصة

 

   كلمة شكر وتقدير من شبكة "أخبار البلد" لا بد من تقديمها للأستاذ والدبلوماسي والحكيم السيد " ارشد هورموزلو" والذي شغل  لسنوات طويلة منصب كبير مستشاري الرئيس التركي السابق "عبد الله غل" لشؤون الشرق الأوسط ، وصاحب مصطلح "البرغماتية الأخلاقية"  فالسيد هورمولوز صاحب قلم معطا ولغة عربية صحيحة ء قد منح قراء  شبكة "أخبار البلد" فرصة ان يكونوا اول من يتمتعون بالمقالات العميقة التي تحتاج الى القراءة المتأنية والكثير من التفكر "

 

بقلم : ارشد هورموزلو

 

ابتلي عالمنا الحقيقي والافتراضي في العقود الأخيرة بداء لا أرى له دواءً. هناك من يعتبر الآخرين مجرد آلة استنساخ يجب أن يعبّروا عن أفكارهم كما يفعل هو، وألا يكون ذلك في تناقض مما يعبّر هو عنه وإلا فالصفة المقرّرة جاهزة دوما. إما الخيانة وإما الجهل.

اعتدنا أن نرى كتابا ومنظّرين يضعون قوالب معينة يجب على الكل الاسترشاد بها وترديد ما يفكرون به شخصيا وإلا فإن المخالف لهذا الفكر يستحق الهجوم والتجريح.

ولعل ذلك ناتج من الشخصنة، وما نعني به اختزال أمة كاملة أو حضارة معينة بشخص واحد، فالأمة هذه أو الحضارة تلك تستحق الهجوم والاستنكار لأن شخصا ما يعبّر عن رأي مختلف، أو أن جمهرة ما تلتف حوله.

يقودنا هذا إلى نظرية الملقط والتي بدأت تستفحل في عالمنا الحاضر، وما نعني به أن يلتقط البعض جملة معينة أو عبارة معينة للاستشهاد بها لتأييد وجهة نظرهم ومحاولة اقناع جمهرة كبيرة بها، دون الالتفات إلى وجود مئات، بل آلاف الإشارات التي تتناقض مع ذلك.

والسبب في هذا التوجه أمران، إما أن مثل هذا الشخص لم يقرأ بما فيه الكفاية، أو أنه قد أغلق نفسه وهواه على أمر يشعر به ويهواه دون أن تكون للموضوعية إسهام في عجينة هذا التفكير.

استشرى هذا الأمر في عالم السياسة أيضا، فمجرد الشعور بالكره ضد شخص معين يدفع بمثل هؤلاء إلى التعميم الذي هو مثلبة مهنية وأخلاقية للتهجم على شعب بأكمله أو جمهور لا ناقة لهم بالموضوع ولا جمل.

بصراحة لا نستطيع أن نحّد من هذا التوجه إلا بالقراءة أكثر وأكثر والاطلاع على آراء الآخرين دون أفكار مسبقة، وبترويض النفس على عدم التقوقع في أفكار معينة دون السماح للعقل البشري باستنشاق فضاء الحرية والفكر الموضوعي.

لقد بشّرنا في لقاءات سابقة مع مفكرين وكتاب أعمدة وصحفيين سابقا، أننا ملزمون بسماع الرأي الآخر أولا والامتناع عن التهجم الشخصي على أي كائن لمجرد أنه يخالفنا التفكير. وفي عالم السياسة والكتابة الحرة قلنا إننا يجب أن نتفهم مشاعر الآخرين دون أن تكون توجهاتنا السياسية او الأيديولوجية سدا بوجه الفهم المشترك.

بل قلنا إننا عندما نتحاور يجب أن تسود مشاعر الحب والود في قلوبنا بدل الكره والبغض والحقد، ودون أن يؤثّر فينا سياسة أي بلد أو تشجيعنا لأي فريق لكرة القدم!

عندما نمتنع عن تطبيق نظرية الملقط ستكون الصورة واضحة وجلية أمامنا دون أن نحصر افق عيوننا في خط مستقيم حدده الآخرون لنا. لندع الملقط جانبا لكي نستطيع أن نغرف الأفكار جيدها وسيّئها فنعزل ما يخالف الضمير ونتبنى الأفق الواسع الذي يقودنا إلى التعاضد والجهاد الأكبر في محاربة النفس، التي نرى للأسف أنها لا تكون لوّامة في مواضع معينة.

هل بإمكاننا أن نفعل ذلك، لنحاول على الأقل.