• 22 تشرين الثاني 2017
  • ثقافيات

 

 

 

بقلم : د عايدة النجار

سؤال تأثير الجدار على القدس لا يقف الانسان طويلا للإجابة عليه، فهو سكين سام ملّوث بالحقد والإصرار على مواصلة الاحتلال وسياسته الاستعمارية لتهويد فلسطين . هذه ليست المرة الأولى التي نكتب عنها  , “هرمنا “ ونحن نكتب،فهو موضوعنا الأساس المعشش في العقل والقلوب . ومن لم يزر فلسطين والقدس ومحيطها في السنين الأخيرة يظل يحمل الصور الذهنية القديمة عندما كانت فلسطين لنا والقدس لنا، يكون حالماً . مقاومة  اهل القدس وفلسطين يعيشون واقعا فرضته دولة الاحتلال المستمرة في التطبيقات العملية ليس لاسرائيل اليوم بل للعام 2050، أو حتى سنة 5800 السنة العبرية .
 في ورقة خليل التكفجي في( ندوة جدار الفصل العنصري) التي عقدت في عمان مؤخراً استراتيجية مفصلة لما يجري اليوم، ولما ستكون عليه الحال في العقود القادمة . تضع إسرائيل الاستراتيجية، وكأنها باقية للأبد، وبخاصة اليمين الاسرائيلي الذي يقدم خطة مفصلة لمدينة القدس ومستقبلها بعد 25 عاماً . ستغير اسرائيل القدس ومحيطها الكبير لما يتلاءم مع تضخيم قوتها الاحتلالية  .  الخطة المتكاملة، تهدف لإبراز القدس للعالم الخارجي ( كمدينة يهودية) يملون صورتها للسياح بقوة روايتهم، وليس روايتنا أو رواية التاريخ . ولعل التفاصيل في الخطة، أيضاً تهدف للتأثير على الأجيال بثقافة عنصرية، في الحياة اليومية  . بالاضافة تطمئن اليهود ومنهم الكثيرون الذين هاجروا هجرة عكسية بعد أن ضللوا في الحقائق . تبني لهم صورة افتراضية بمشروعها، في المجالات السياحية والصناعات والتعليم العالي ومنها بناء جامعة دولية في وسط المدينة تعتمد اللغة الإنجليزية لغة رئسة للتدريس فيها . أما في مجال تعزيز المجالات الطبية البيولوجية في القدس، فهي تخطط لكي تجعل هذا القطاع محركا اقتصادياً، واتخاذ الإجراءات المشجعة مثل خفض الضرائب وتسهيل المعاملات وغيرها .
 كما نرى ليس هناك أي هدف يعمل على  ذكر العرب المهمشين في ارضهم . فخطتهم الواسعة ، ستزيد من السياسة العنصرية، وهي  تقوم، با زالة معالم التاريخ والجغرافيا الفلسطينية اليوم ولعام 2050 . فخطتها المرسومة مخيفة، إذا ما تمكنت من تطبيقها دون حل للقضية الفلسطينية التي لم تعد الاولوية على أجندة العرب  اليوم .  . تهدف الخطة طويلة المدى، كما جاء في ورقة التكفجي، إقامة مطار دولي كبير في منطقة البقيع القريبة من أريحا والبحر الميت، وستربرط المنطقة بشبكة من القطارات، وإقامة مناطق صناعية وتجارية وفنادق . وهذا يتطلب توسيع حدود بلدية القدس لتظهر المدينة كمدينة دولية مزدهرة عدد سكانها يتجاوز خمسة ملايين شخص، تستقبل 12 مليون سائح سنويا . وبكل هذا الجديد لا وجود للفلسطينين أصحاب الأرض الأصليين وبهذا تزيد من تهميشهم . وبهذا لن تكون القدس  فقط عاصمة اسرائيل بل قلب دولة اسرائيل والشعب اليهودي  في العالم .  ولعل مغالاة اسرائيل في وضع التفاصيل ما يجعلها اليوم مرتبكة، تبحث عن حدود واسعة داخل اسرائيل وخارج الحدود، وكما بدأت عوامل ذلك تظهر اليوم وهي تتدخل في تخطيط حدود الشرق الأوسط، كما تريد وتحلم .  
إن  إسرائيل بجدارها العنصري القبيح، قد حاصرت القدس لتخلق  للقدس مزيداً من العزلة والتحديات .  فقد جعلت منه حدوداً  ومعابر  حديدية، لا تسمح لاحد الدخول للقدس إلا بتصاريح وقوانين صارمة، أثرت على الحياة اليومية للفلسطينيين ومؤسساتهم الصحية الوطنية، ومنها مستشفى المقاصد، الذي رغم ضعفه استطاع الفلسطينيون إبقاءه حياً . تأثير الجدار على الناس واليوم وغداً سيظل جزءا من سياسة الاحتلال المتواصل، التي تعمل به  بكل الوسائل، لتطيل عمر الاحتلال، الذي لا تعترف بأنه زائل لا محالة ...رغم أنها تعرف تماماً أن الشعب الفلسطيني ما زال حيّا لن يستكين ..

 عن الدستور