• 12 تشرين أول 2016
  • نبض إيلياء

 

 

 في القدس  تراق الدماء في كل مكان ، يقتل الشبان على يد الاخر الذي لا يرحم ولا يفكر مرتين قبل اطلاق النار، ولا يآخذ بالاسباب ، بل يقرر ويحكم وفق الحدث الاني وكآنه هابط من السماء ، وذلك انطلاقا من قاعدة تربى عليها وهي آن الذي امامه ليس انسانا بل وحشا يريد ان يلتهم الاخضر وكل جميل عنده اقيم على ارض  ليست له ، وبالتالي فان المقدسي يستحق القتل . 

 في القدس تشحذ السكاكين من اجل طعن بعضنا بعضا، من منطلق “ انا ومن بعدي الطوفان “  من منطلق “ اما آنا ولا فليعم الخراب “  فنجد هذا يقتل، وذاك يطعن ، لاتفه الاسباب ، لآنه يعرف ان رجال  ما يسمى الاصلاح وهم ليسوا اصلاح بل استعلاء على الضعيف لصالح القوى ولصالح من يملك المال، ولصالح كل ازعر، فهذا القاتل يعرف انهم سوف يقفون الى جانبه، وكما يقولوا هؤلاء “ اللي بتعرف ديته اقتله” او كما هو قول الحارات والشوارع  “ كله ينتهى بفنجان قهوة والله يرحمه” ، رجال النفاق والافتراء ساهموا بصورة كبيرة في تفكك ما بقى من مجتمع مقدسي ، قضوآ على كل ما هو اخلاقي وديني ليحل محله التطرف بابشع صوره ،  التطرف في التصرف !  التطرف في القول ! التطرف في الفعل، لتتحول جنة القدس الى جحيم ، يرتفع فيها الصوت العالي ، صوت التطرف صوت التخلف ، صوت السلاح صوت العراك على صوت العقل الصوت الهادئ الحليم الحكيم صوت الاخلاق والدين . 

 في القدس يسود التطرف حتى لو كان الهدف مصلحة المدينة ، والحفاظ عليها فعندما يتحرك القوم لصالح المدينة ينظر لهذا التحرك وكآنه تهديد لمن لا يتحرك ولم يتحرك لعشرات السنين حتى بات كل منزل وكل حارة وكل زقاق يعيش حالة من التهديد المستمر، الذي يهدد حتى البقاء هناك ، فبدل ان تتحد الجهود للحفاظ على المدينة، نجد ان طرفا يشحذ السكاكين استعداد لمعركة الطعن بحق الطرف الاخر الذي استفاق من غفوته وقرر الخروج في معركة قبل الاخيرة ، حفاظا على ارث الاجداد واجداد الاجداد ، لا لربح مالي ولا لدور سيادي  ولا بحثا عن وظيفة او منصب ، بقدر ما هو غيرة على تاريخ وارث عائلي لا يقدر بثمن ، يتمنى ملوك العالم ان يكون لهم مثله في هذه البقعة من العالم . 

 في القدس يسود التطرف ، حتى اذا حاولت الحديث عن ضرورة التغير، فغالبية المؤسسات المدنية باشكالها الثقافية والاجتماعية والخدماتية في القدس تسيطر عليها شخصيات ديناصورية تعمل كل ما باستطاعتها للبقاء في هذه المناصب  الى اخر العمر ، ونقصد فعلا الى اخر العمر ، عندما يقوم الملاك عزرائيل بزيارة هذه الشخصيات ،  فالغالبية العطمى من مؤسسات المجتمع المدني لا يحدث فيها التغير الا بوفاة تلك الشخصية ، وعندما تتحدث عن ضرورة التغير تسمع احاديث متطرفة تتهمك بالعنصرية لصالح اهل المدينة !! تسمع احاديث بانك تعمل على افشال هذه المؤسسات في مسيرتها الناجحة( الشئ الوحيد الناجح فيها دفع رواتب هذه الشخصيات والمقربين منها وعادة هم من الاقارب ..)

 في القدس تتهم بالتطرف ان تحدثت عن مشاكل بين الفئات المذهبية المختلفة يقولون انك تدعوا الى شق الصف الوطني في المدينة ( رغم ان الاحاديث في الصالونات المغلقة وخلف الابواب لا مكان فيها للوحدة الوطنية  الا الوحدة المذهبية المصالحية الفئوية الضيقة )  

ما علينا

 المهم في القدس غابت لغة العقل ، لغة الحوار ، لغة التفاهم  مع الاخر ، لغة ان تقدر جهود الاخر! ،  لغة آن لا تعتبر اي تحرك بانه ضدك شخصيا ، فالقدس فوق شخصنة الامور ، القدس هو اسمى من ان تحمل في الحقيبة التي يحملها هذا وذاك ليستجدي الدولارات باسم القدس، رغم انه يملك من المال ما يكفى لبناء القدس برمتها ، ولكنه يبخل على القدس بتلك الدورلارات  ويدعو الاخرين ليكون اكرم منه من اجل اولى القبلتين متناسينا انه عار عليك ان تنهى عن خلق وتاتي بمثله عار ان فعلت عظيم 

  القدس كانت وستبقى قلب التسامح الاخلاقي والديني والحضاري ، هذا الحديث المتطرف سيكون مصيرة مزبلة التاريخ هو من يتباه، فالقدس سوف تلفظ كل من استغلها ولن يذكره التاريخ إلا بآفظع الصفات والالفاظ ولن يكون له مكانا بين جنبات القدس الرحيمة الجميلة الحنونه التي لا تحتضن الا من يحبها من ابناءها 

 وللحديث بقية

 

                                                                                                                             خليل العسلي