• 29 نيسان 2017
  • نبض إيلياء

 

 

 يعكف صديقي المقدسي الخبير الاجتماعي والفنان الكاتب  الدكتور علي قليبو على اعداد مقالة موسعة حول القدس بعد خمسين عاما على احتلالها ، خمسين عاما غيرت الملامح ومحت الوجه وشوهت المدينة ، فإختلط بها الحابل بالنابل وضاعت فيها الحكاية المقدسية ..

 هذا الصديق قال إنه اجرى سلسلة من المقابلات والأحاديث الجانبية مع اشخاص يشكلون الكل المقدسي ، هم جزء لا يتجزأ طيف المدينة ، من شرائح وخلفيات مختلفة ولكنهم جميعا يعيشون في القدس،،يعيشون وفق تصورهم وليس وفق واقعهم ، يعيشون في فقاعاتهم ،  وفق متطلبات الحياة اليومية ، وليس وفق الاحتياجات الانسانية العادية. فالذي يعيش  في القدس ليس عاديا بكل المقاييس الطبيعية المتعارف عليها . 

 فالحياة في القدس ليست حياة طبيعية ، فالطبيعي ان لا تعيش بالقدس !!! وغير الطبيعي أن تتمكن من  الصمود في القدس ، لأنك في النهاية أنت تعيش أنصاف الحياة وليست الحياة بكل تفاصلها ! 

 ما علينا !

 المهم ! أن صديقنا د علي هذا وصل الى قناعة بعد لقاء هذا  الكم من البشر ،  الذي يشكل المشهد المقدسي بكل تناقضاته ، أن الحياة في القدس ليست سيئة للغاية بصورة عامة !!!  وأن حديث الناس في المدينة يدور عن تأقلم مع الظروف القاسية مع محاولة  تحسين الظروف من خلال الحصول على حقوق مدنية بسيطة مسلوبة منهم، ولا احد  يتحدث عن حقوق سياسية ، لأنه اصبح من البديهي لدى  القاسي والداني ، أن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة ( ان شاء الله) ، ولهذا فإن المقدسي تجاوز هذه المرحلة، ( ليس كل المقدسيين تجاوزوا هذه المرحلة ، لإن هناك نفر من سكان المدينة الذي يعتاش على هذه الشعارات فهذا قوت يومه ورزقه ، ففي نهاية كل شهر هناك راتب بسبب هذه الشعارات ، وبالتالي فإنه من مصلحة هذا النفر أن يدور  المقدسي في حلقة مفرغة حول موضوع الحقوق السياسية التي لا يختلف عليها اثنان ).  

 فالمقدسي العادي بعد مرور خمسين عاما لم يعد يعرف الى أين يسير ؟! وفي آي إتجاه يسير، بعد أن إختلطت الاوضاع وضاعت البوصلة ،  وإكتشف أن الصادق لم يكن سوى كاذب بقناع صادق، ورافع شعار القدس ما هو إلا تاجر حقير،  يبحث عن كسب حرام، فالحرام عنده الذ وابقى !!! والفاسق بختبئ  تحت عباءة الشيخ ، ورجال الاصلاح ما هم سوى دعاة العنصرية والتفرقة ، وحكمهم جاهز حسب من يدفع اكثر !!! وفي النهار ترى وجوها وتسمع اصواتا ،  وفي الليل ترى تلك الوجوه  قد تغيرت والاصوات قد اصبح نشاذا ، ومن كان يصرخ في النهار مطالبا ، تحول في الليل هامسا  في اذن من كان يلعنه قبل ساعات !!!! 

 القدس بعد خمسين عاما على الاحتلال ! هناك من يكرر قول السيد المسيح “ القدس ملعونة  تقتل انبياءها ويبكيها ابناءها “

 القدس بعد خمسين عاما شوارعها وحاراتها وازقتها تحكمها الكاميرات التي تعد على المقدسي الفلسطيني العربي انفاسه ، وتحمى  الوجود المسلح للمعتدى الاسرائيلي

 القدس بعد خمسين عاما ! الكعك المقدسي يحارب ويصادر من قبل الاجهزة الاسرائيلية بل واصبح جزءا من تراث غريب يجتاح المدينة كالاعصار!

 القدس بعد خمسين عاما كما قال ذلك الآكاديمي الذي امضى حياته في القدس ، باحثا كاتبا منظما للقاءات ، وفي لحظة وجد نفسه وحيدا وقد تفرق من كان يقف على عتبة بابه منتظر السماح له بالدخول ،  قال هذا الاكاديمي :  نحن نعيش في اخر الزمان ، فيه شعب يقول إنه لا ينطبق عليه حكم البشر فهو شعب مختار ، وبالتالي يفعل ما يشاء،  متى يشاء،  اينما يشاء ، وكيفما يشاء !!! ماذا اقول بعد خمسين عاما من الاحتلال العسكري  للقدس  انه لا يزال في بيتنا جهلاء سجناء لامراضهم  وعقدهم ، لا تجدهم في الساحة فاعشاشهم معروفه

 ولعل ما قاله الشاعر محمود درويش يجمل حال القدس بعد خمسين عاما على الاحتلال :

 وما القدسُ والمدنُ الضائعةِ سوى منبرٍ للخطابةِ ومستودعٍ للكآبةِ

 وما القدسُ إلا زجاجةُ خمرٍ أو صندوقُ تبغٍ 

 ولكنها وطني”

 

 وللحديث بقية 

 

                                                                                                                                   خليل العسلي