• 30 أيلول 2018
  • نبض إيلياء

 

 

إن حال مدينة القدس لا يسر عدوا ولا يرضى حبيب ، وكان دائما هناك آمل ( وسيبقى من منطلق الإيمان بالله )  بأن هذا الحال سيتبدل إلى أحسن حال، ولكن ما نشاهده هذه الأيام من واقع مؤلم محزن قاهر تعيشه المدينة الغالية وإلى أين وصلت ؟!  يسارونا الكثير من الشكوك من إمكانية إن يتحسن حال هذا المدينة  المسكينة في  المستقبل القريب ، أو في المستقبل المنظور.

 وقد يتهمنا البعض ومن بعضهم صديق اكاديمي معروف بأننا  لا ننظر  إلا الى النصف الفارغ  من الكأس، وهو يدعونا دائما إلى التركيز على العموميات، وليس الجزئيات ، وبالتالي إلى تحميل ما وصلت اليه الامور في  القدس والأقصى ، إلى الإحتلال وحده،، وجوابي دائما وسيبقى هو:  أنه إذا لم نضع المرآة امام وجوهنا لنرى انفسنا الحقيقية وعيوبنا من أجل معرفتها ومحاولة إصلاحها حتى نتمكن من السير قدما في صمودنا بهذه  المدينة المقدسة، فلن ننجح في  شيئ  إطلاقا .

 ما علينا 

 صحيح أن الإحتلال هو مصيبة المصائب، وصحيح أنه لا يريد للقدس ولا لإهلها الخير، فهو في النهاية يخدم أجندته الخاصة التي تهدف إلى تهويد الرواية والحجر واقصاء البشر ( أن استطاع) من المشهد اليومي للقدس.

 وصحيح ايضا أننا نساهم بذلك بصورة كبيرة، يكفى أن تنظر حولك لتعرف صدق ما نقول، ففي القدس عدد المشاركين في الطوشات والغزوات اليومية بين العائلات في جميع احياء القدس من شمالها وحتى جنوبها ومن شرقها حتى غربها ، يفوق عشرات المرات عدد المصلين في الاقصى طيلة ايام الاسبوع بإستثناء صلاة الجمعه التي بات مظهرا اجتماعيا للقاء الاخوة والاصدقاء، بعيدا عن معناها الديني الروحاني الجامع ! فحتى المصافحة عقب الصلاة قد اختفت إلا للاصدقاء والمقربين !!!  

  هذا الاسبوع الذي شهد اقتحام اكثر من الف يهودي متطرف للاقصى في ثلاث ساعات ، تواجد في المكان ثمانية مصلين بينهم اثنين من الحراس ، وفي نفس الوقت بالضبط كانت مجموعة من المسؤولين بمن فيهم وزير القدس  وغيره من مسؤولين يشاركون في ندوة حول  الحياة البيئية في القدس !!!  والأقصى…بلا حياة عادية !! ، وفي نفس الوقت بالذات كان العشرات من نشطاء الفصائل والمسؤولين ومن يعيشون على الفضائيات وفيها، يعتصمون في الخان الاحمر الذي لا يبعد سوى امتار هوائية عن الاقصى ، ولم يسمع هؤلاء بانين المسجد الحزين الذي كان خاليا تمام من اي تواجد ، ولو بهدف الزيارة . وكما احد الثمانية الذين تواجدوا في الاقصى ، أن الذي يصيبك بالقهر والقرف، هو أن جميع صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع وسائل الاعلام تعج بالصورة من الأقصى والجميع يطلق العبارات النارية دافعا عن الأقصى وهو لم يصله، وبعضهم لن يصلهم يوما في حياته لاختلاف العقائد مع المكان !!!  بل إن بعض الصحفيين حصل على الصور من بعض المتواجدين الثمانية وقام بنشرها على  أساس أنه متواجد هناك !!!! 

 أما المرجعيات الدينية فحدث بلا حرج  فهي مختفين كليا عن الساحة المقدسية ، أما لخشية هؤلاد ان يتهموا انهم يريدون ان يلعبوا دورا سياسيا ( وهذا مستحيل ) او خشيتهم لاغضاب جهات ما !! فحتى قيام هؤلاء بزيارة الاقصى الذي يعيش احلك أوقاته من باب التضامن والتواجد وهو أضعف الإيمان لم يقم بها اي من تلك المرجعيات التي كان لها دور هام في توحيد المقدسين وقيادة كفاحهم من اجل إعادة فتح ابواب الاقصى قبل زمن بات دهرا لتسارع الاحداث   

 صحيح ان الشرطة الإسرائيلية  تضع العراقيل وتبعد  بالجملة الناس  عن الاقصى جزافا، ولكن هذا لا يمنع على الأقل محاولة الوصول  للمكان الذي حولته الشرطة الإسرائيلية من مكان عبادة وسكينة إلى مكان امني، تسر وتمرح فيه الشرطة وأجهزتها الامنية بدون خجل او وجل من قدسية المكان!!!

  هذا المكان المقدس والذي نعرف انه اولى القبلتين  تنازل عنه العرب اولا والمسلمين ثانيا، فالسعودية ودول الخليج حامية حمى الإسلام  جل همها منع دخول المقدسيين اليها بسبب جوازات سفرهم الاردنية المؤقت التي فرضها الأردن عليهم بدون وجه قانوني، فهم مواطنون اردنيون بالدستور منذ توحيد الضفتين في بداية خمسينات القرن الماضي !!! السعودية ودول الخليج الفارسي وليس العربي لم يوجهوا وجوههم صوب الاقصى اولى القبلتين ، لا دفاعا ولا حبا ولا حتى مشاركة عاطفية،  ام المسلمين فإن الأقصى سقط سهوا او عمدا من اركان عقيدتهم  من مطلق بعيد عن العين بعيد عن القلب.

ولم يبقى في القدس  إلا فئة فقدت ايمانها بكل شيئ , ولم بقى لها سوى ايمانها بالله عز وجل ، وحبها للقدس، وأخلاصها للإقصى ، هذه الفئة لا يعرف احد كم سيطول صمودها قبل ان تنهار، أو تطول اعمار رجالها ونسائها 

وللحديث بقية  

 

        خليل العسلي