• 5 تشرين الثاني 2018
  • نبض إيلياء

 

 

  ” ان اسرائيل قررت خلق الواقع الذي تريده بالقدس ” بهذه العبارات لخصت تلك السيدة المقدسية ذات السبعين عاما ما يجرى في القدس  الاوانه الاخيرة  من تغيرات وتحركات وقرارات اسرائيلية تمس بشكل مباشر حياة المقدسي وجه والذي بات ريشة تتقاذفها  الرياح العاتية ،  ولعل اخر هذه التغيرات ما جرى من اقتحام مكتب وزير شؤون القدس عدنان الحسيني ومحافظ المدينة الجديد عدنان غيث ، وقيام تلك السلطات بمصادرة الوثائق والملفات الالكترونية وتدمير الاثاث ، امعانا في الاذلال،  حيث وصف الحسيني ذلك بانه بداية لتغير اسرائيلي في تعاملها مع المؤسسات في القدس، مكررا عباراته التي لم يمل منها ذات يوم من ان هذا سيشعل المنطقة ( اي منطقة واي اشعال) 

 السلطات الاسرائيلية التي باتت تستهدف كل رموز السلطة الفلسطينية بهدف إيصال  الرسالة التي تريد للفلسطينين عامة وللمقدسيين بشكل خاص  أن قواعد اللعبة قد تغيرت في القدس ، وأن الحكومة الاسرائيلية بوزير الامن الداخلي ، ووزير الدفاع ومكتب رئيس الحكومة  والبلدية ، قرروا  جميعا المضي قدما وبشكل قوي  برؤيتهم للقدس ”اليهودية ” فقط .

 إعتبارا من الان فصاعدا لن يتمكن عدنان الحسيني من التحرك بحرية في القدس بصفته وزيرا فلسطينيا بل يمكنه ان يتحرك بصفته مقدسي عادي متعوس ، وهذا ينطبق  على كل من يعملون مع السلطة وعددهم كبير. وأن على كل مؤسسة مقدسية ان تعرف أن اي تقارب مع السلطة سيكلفها غاليا ، لان قواعد اللعبة قد تغيرت!!!! 

 المصيبة ان البعض من المقدسيين يحاول تبرير التصرفات الاسرائيلية بأنها جاءت بسبب النشاط العظيم لمؤسسات السلطة في القدس ،  وربط ذلك بنشاطها الخارق بقضية تسرب عقار في البلدة القديمة او في سلوان او اعتقال شخص حاول تسريب العقار .

تلك المؤسسات التي اثبتت التجارب بأنها لم تتمكن من منع  تسريب عقار او محاسبة مسرب او تعزيز صمود عائلة ، او رفع الظلم الإسرائيلي  المتمثل في الضرائب وغيرها ، أو رفع الظلم على  العائلات المقدسية بسبب العنف المجتمعي والزعرنه، وسيطرة القبلية الجاهلية على  المجتمع المقدسي والذي يعاني من إنهيار اخلاقي لا مثيل له ،  وبالتالي فإن أي تبرير يخدم الرواية الإسرائيلية

 وتزامن استهدف الحسيني وغيث في الاوانة الاخيرة ، مع  تغيرات كبيرة مصيرية، في مكانة المقدسي بمدينته ، حيث أقدم مكتب وزارة الداخلية الاسرائيلية في واد الجوز،  على إعتبار المقدسي بلا هوية رغم أنه في الملفات القديمة المكدسة في مكتب الداخلية منذ عام سبعة وستين هو اردني ، واسرائيل اعترفت بأنه اردني وأبقت على ذلك في خانة الجنسية بوثيقة السفر اللاسيه باسيه، الان هذا التغير القادم سينفجر ذات يوم بوجه المقدسي الذي اصبح بجرة قلم او بقرار سري بلا هوية بلا وطن ولا انتماء ، الغريب أنه لا أحد يتحدث عن ذلك مما يطلقون على أنفسهم مؤسسات وجمعيات حقوقية، لا تعرف إلا اصدار بيانات وتوزيع الوطنية على من يريدون، واصبح من السهول بمكان اتهم كل من يعارضها بالخيانة والعمالة !!!

 حتى هذه اللحظة لم نسمع من اي جهة رسمية لا فلسطينية  تتغنى بالقدس عاصمة فلسطين الابدية ، ولا من قبل الجهات الاردنية الرسمية بخصوص هذا التغير الذي يعتبر عدم احترام لجواز  السفر الاردني الغالي والعزيز،  بخصوص هذا التحول الكبير في تعريف المقدسي بعيون اسرائيل.

 قد يفرح البعض منا بخطوات اسرائيلية بظاهرها تخفيف على المقدسي وفي باطنها تغيرات جذرية على الحياة العربية في المدينة.

 قد يعمل البعض منا على تغير واقع دام مئات السنين في القدس لاهداف شخصية ضيقة، هم لا يعرفون ان هذا التغير يخدم اهداف اسرائيل بازالة كل ما له علاقة بالوضع القائم والذي يطلقون عليه  مصطلح ”ستاتيكو“

 ان القدس في هذه الفترة تمر بأدق الظروف واخطرها على الاطلاق فهناك هجمة اسرائيلية غير مسبوقة وهناك انحسار كبير لدور المؤسسات المقدسية الحقوقية، وهناك غض طرف من قبل الجهات الرسمية ذات العلاقة بالقدس، كل هذا دفع نسبة كبيرة من المقدسيين الى التقوقع حول انفسهم ، اما بالانعزال عن الشأن العام او  السفر للخارج، او الانضمام الى الرعاع المسيطر على الشارع المقدسي  تطبيقا للمثل القائل ”حط راس بين الروس …“ وكل تقدم لن يخدم القدس ولن يساهم في الدفاع عنها ، بل انه ينساق مع الرؤية الاسرائيلية اليهودية التوراتية للقدس 

 وللحديث بقية..

                                                                  خليل العسلي