• 9 آب 2020
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل العسلي

 

في القدس هناك قوم جبار فعلا، قوم يعيش كما يقال بين قطرات المطر خشية ان يصيبه البلل، فيفقد صحته وقد يفقد المدينة التي عاش فيها اجداد اجداده  ودفنوا هناك ليكونوا اقرب الى السماء يوم الحشر والنشر ،  فالعيش في القدس نعمة كبيرة ، انعم بها رب العالمين على المقدسيين،  فهذا القوم قال عنهم  رسول الله صلى الله عليه سلم أنهم الفئة المتمسكة بالدين  والصامدة المدافعة عن المسجد الأقصى  ، ولكن هذه النعمة الربانية تنغصها نقمة أرضية بشرية لا ترحم  ولا تذر ، فهذا القوم الذي تسلط على العباد فيها ، يريد الحجر والمكان والتاريخ بدون البشر أصحاب المدينة .

 ما علينا

 المهم ، أن الحياة في القدس  يحسد المقدسي عليها من قبل  الكثيرين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، وفي نفس الوقت يرفض أي من هؤلاء العيش ولو ليوم واحد  تلك المعاناة  ، لأن الحياة في القدس  تعنى الالتزام بقائمة طويلة تعجيزية فرضها صاحب اليد العليا وأصحاب القوة على هذا الإنسان الذي لم يعطى حق الاختيار في قرار ميلاده بالقدس والعيش فيها ، حيث يحمل  ارثا عائليا يمتد على مدار مئات السنين.

  واليكم بعض هذه الممنوعات وباختصار ، فالمقدسي معلق بين السماء والأرض لا يحق له الحصول على جواز سفر فلسطيني لان هذا غير منصوص عليه في الاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية  وإسرائيل ، بعد ان قررت السلطة لكي تريح  نفسها من عناء فتح ملف معقد مثل ملف القدس في المرحلة الأولى فقررت تأجيله عل وعسى أن  يحدث التغير الربانية في الموضوع في قادم السنوات ، كما لا يستطيع المقدسي الحصول على جواز السفر الإسرائيلي لأنه  بذلك يكون قد تنازل عن عروبة المدينة المقدسة ( وكأن العرب يحملون المقدسي البسيط مسؤولة عروبة القدس أما هم فلا جناح عليهم )  وخائن الوطن ، حتى جواز السفر الأردني الذي كان يحمله بنص دستوري رسمي واضح بعد قرار توحيد الضفتين الغربية والشرقية في إطار المملكة الأردنية الهاشمية ، حتى هذا الحق الذي يضمنه الدستور سحب منه بغير وجه حق، وبات الجواز الأردني عبارة عن وثيقة سفر تسمح لهذا الإتسان الملعون من التنقل ، وبالتالي فإن الكثير من مطارات العالم لا تعرف كيف تتعامل مع هذا المخلوق القادم من القدس ، فهو بلا هوية بلا جواز وبلا أي اعتراف .

 وكان هذا واضحا في أزمة الكورونا  الأخيرة عندما توجه العديد من الطلبة المقدسين إلى السفارات الأردنية فكان الجواب أن الأولوية للطلبة الأردنيين ، وليس لكم لأنكم لستم أردنيين ، فتوجهوا للسفارات الإسرائيلية والتي أجابت نفس الجواب الأردني ولكن بفارق بسيط  وهو أنه تم وضع هؤلاء على قائمة العودة .....

 ان تكون مقدسيا يعنى أنه لا يمكن باي حال من الأحوال البقاء خارج المدينة لمدة عامين لانك تفقد حقك في العودة لمسقط رآسك، ولهذا فإن المقدسي مضطر لعدم التغيب مدة طويلة حبا بمدينته وحفاظا علي حق الأجداد فيها ، وليس  كما يتبجح المسؤولين العرب بانهم يرفضون دخول المقدسي  الى بلادهم حفاظا على صمود المقدسي في مدينته، لو عرف هؤلاء أن المقدسي له إنتماء لمدينته اكثر من إنتماء  أي عربي لأية دولة ذات حدود هندسية خطت بجلسة وناسة على شموع فرنسية وشاي انجليزي، لتفصل العرب وليس لتوحدهم ، وهكذا كان ، فالمقدسي بشكل خاص ممنوع من دخول الغالبية العظمى من الدول العربية وبالذات دول الخليج وسوريا ولبنان، المضحك المبكى أن المقدسي لوحصل على الجنسية الإسرائيلية فإنه سيكون مرحبا بجوازه الإسرائيلي في كل الدول العربية ... إنه الزمن الأصفر !

ان تكون مقدسيا يعنى ان الحب محرم عليك ،  فلا يجوز لك ان تحب أي إنسان أو إنسانة من الأراضي الفلسطينية أو العربية  لأنه لن يحدث اللقاء بينكما في القدس ، فالقانون الإسرائيلي يضع كل عراقيل الدنيا ليصبح جمع شمل العائلات امرا مستحيلا.

 ان تكون مقدسيا يعنى أنه لو اعتدى عليك أي من أبناء جلدتك أو سرق بيتك فانه لا يجب التوجه الى المحاكم الإسرائيلية لأسباب وطنية واهية ، وعليك الاستسلام لأهواء رجال الإصلاح الذين لا يحكمون الا لمن يدفع اكثر وليس  لصالح الحق وهكذا سرقت العقارات وشردت العائلات وضاعت الحقوق بسبب هؤلاء تحت شعار الوطنية .

ان تكون مقدسيا يعنى انه يجب ان لا تحلم في يوم من الأيام أن تبني بيتا أو توسع بيتك وحتى تشترى شقة إلا إذا كنت من أصحاب المال الحديث ومن أصحاب الواسطات والإتصالات، والمسبح بحمد هؤلاء  وهؤلاء.. ! فأسعار الشقق في القدس تزيد عن النصف مليون دولار بقليل، والشقق محدودة والدعم مقطوع والعتب على البنوك مرفوع والشعب منكوب.  

 وكما قال احد الظرفاء : " في القدس  يجب ألا تشتكي وتبكي وأن تبقى صامد يا حامد الجامد حتى يأتيك الفرج ....."

 وللحديث بقية