• 25 أيلول 2020
  • نبض إيلياء

 

 بقلم  : خليل العسلي

 

" ان القدس هي البوصلة لنا ، وهي الجامع لكل تركي بغض  النظر عن توجهاته ومذهبه وانتمائه " هذا ما قاله الصديق المسؤول التركي  والذي التقيت به في الآونة الأخيرة  في جلسة حوار صريح ، والذي  يحمل في ثناياه  الرؤية المستقبلية لعلاقة تركيا الإقليمية والدولية ،  المبنية على الحوار مع الجميع  بدون استثناء.

تحدث  الصديق بشغف كبير عن القدس وعن تركيا وعن الأردن ، وكان واضحا من كلامه أن  هناك  رغبة حقيقية لدعم الأردن بكل ما يخص القدس والمسجد الأقصى على اساس الوصاية الهاشمية ، حامية المدينة المقدسة ، التي قال عنها " إن هذه الوصاية  هي الغطاء الذي يحمي الأقصى من الهجمات التي تستهدف المكان دينيا وثقافيا وحضاريا، هذه الهجمات من اجل إحلال رؤية محل الواقع والماضي والحاضر. ّ

هذا الصديق السياسي قال : إن القدس بالنسبة لتركيا ، هي موضوع مقدس حساس ، ويحتل الأولوية لدى الرئيس رجب طيب اردوغان " نحن على استعداد لتقديم كل مساعدة ممكنه من خلال الأردن صاحب الوصاية الهاشمية في المسجد الأقصى ، كما تعرف انه بسبب مواقفنا من القدس والاقصى فإن علاقاتنا الدبلوماسية مع إسرائيل  تواجه مصاعب ، وحسب اعتقادي من اجل حماية المسجد الأقصى ومن اجل دعم  اخوتنا في فلسطين فإنه من الضروري ان تكون لنا علاقات جيدة هناك أيضا "

 واستطرد السياسي الدبلوماسي بحديثه الشيق السلس انه من الأهمية بمكان ان يستمر الأردن بإدارة شؤون الأقصى ونحن على استعداد للتعاون وتقديم الدعم المطلوب لإعادة الاعمار او أي دعم اخر من اجل تعزيز دور الأوقاف هناك.

 المهم  ،  هذ الحديث العذب  يأتي في الوقت الذي يحتاج فيه المقدسي العادي  إلى جرعة من الدعم والتفاؤل،   ومن ناحية أخرى فإن هذه التصريحات من الصديق الدبلوماسي التركي الصريحة تثبت ان الوضع الإقليمي بالغ الخطورة ، وان القدس هي المستهدفة في المرحلة القادمة ،جراء هذه التغيرات الإقليمية  والتي تحولت فيها إسرائيل الى حليف وشريك ونقطة ارتكاز امنية  للعديد من الدول العربية ،  هذا الوضع لن يكون ابدا في صالح الوضع القائم في المسجد الأقصى ، والذي تسعى إسرائيل وبكل مناسبة لتغييره الى  واقع تريده و يؤدى في النتيجة إلى احلال رواية أخرى بهدف الاستيلاء على أولى القبلتين  وثالث الحرمين .

 إن التعاون والتنسيق بين تركيا والأردن هو حيوي بالنسبة للقدس وأهلها وبالنسبة للاقصى  وكنيسة القيامة ، كما انه حيوي اكثر من اجل دعم الصمود المقدسي، الذي يعيش وحيدا في الساحة  يواجه إعصارا قادما،   وكما قال الصديق الخبير في القدس ، فان الدولة الإسلامية الوحيدة القادرة على العمل في المدينة المقدسة هي تركيا ، فهي تملك العلاقات الواسعة وتملك القدرة على فرض رايها على أطراف المعادلة ، وهي القادرة على اقناع بقية الدول لتقديم الدعم ، ولكنه أردف ان كل هذا مشروط بوجود نية حقيقية من قبل تركيا لوضع ملف القدس على راس أولوياتها رغم ان الجدول التركي تتزاحمه  الآولويات ، الا ان القدس  تبقى  المدينة التي تختلف عن بقية مدن العالم، هي المدينة الاقراب الى السماء . منها تفتح السماوات وعندها ينتهى الكون.

بقى ان نقول ان هذه الدفعة من الامل من قبل الصديق التركي بحاجة الى خطة عمل على جميع الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، قبل فوات الأوان  ، فالعرب اخرجوا من مفرداتهم كل ما له علاقة بالقدس والاقصى، واحلوا محلها المفردات الممسوخة التي تتحدث عن مخلوق ممسوخ لن يعيش مهما ضخوا فيه الأموال ، فالاموال بلا قلب وعقيدة لا تساوى شيئا وقلب العقيدة هي القدس واقصاها .

 ولكل ما قال الصديق ـ شكرا لتركيا على هذه العبارات ولكن بإنتظار تحويلها لمصدر تفاؤل واقعي

 وللحديث بقية .