• 12 تشرين أول 2020
  • جبل المشارف


بقلم  : الكاتب الصحفي المقدسي ماهر العلمي

 

ينطبق علينا في فلسطين، هذه الايام، المثل العربي «اذا ظل هذا الحال يا مسعود، فلا يبقى ناقة، ولا قاعود»!
شعبنا في حيرة، وتيه، وضياع، هائم على وجهه، ملامحه تسودها الالام والاحزان، المتواصلة على الدوام...!
ها هو عام جديد يمر على اتفاق اوسلو او الكارثة التي حلت بشعبنا، بعد مسيرة طويلة من النضال، فلا أرض استعاد، ولا حرية نال، ولا حقا استرد، ولا دولة اقام، ولا حظي بسيادة واستقلال، وكل ما اخذنا منهم قبضة من هواء تمثلت بحكم ذاتي خدماتي يعاني من الهزال...!
مكاسب حققها الجانب الاسرائيلي، لم يحلم بها في يوم من الايام، فقد تمكن من توسيع الاستيطان بشكل، لا يخطر على البال، واصبح بين كل مستوطنة، ومستوطنة ... مستوطنات .. وبين كل طريق وطريق التفافي.. طرقات .. وفوق كل قرية .. مستوطنون، يسعون لتحويل حياة القرويين الى جحيم، واطلاقهم الآهات!.
.. وتصاعد نهب الاراضي بكل الوسائل والاشكال، فتارة مصادرات، وتارة استيلاءات وتارة وضع اليوم وتارة، لاقامة المعسكرات والمستوطنات ..!.
وازداد عدد الاسرى وراء القضبان، وكان ما كان من بطش وقمع يتباهى به السجان.
.. وازداد انتهاك حقوق الانسان في هذه الديار، فلا رحمة ولا انسانية، ولا رأفة ولا تقديس لاي حق من حقوق الانسان، التي تداس بالبساطير والنعال..!
وتصاعد الخنوع العربي.. وازداد انتشار الهزائم والاستسلام، وازداد الطلب على نيل رضا العم سام، وانفضح الغزل الاسرائيلي مع العربان..! وفاق في الاهمية النزاع الدموي الشيعي - السني متفوقا على النزاع العربي الاسرائيلي، حيث يتعاظم الاول على الثاني، ويسجل المزيد من النقاط، ومتابعة وسائل الاعلام!
وازداد القتال شراسة ووحشية في غابات كانت تعرف بأقطار، واصبحت مسرح معارك بين ميليشيات وطوائف، وعصابات، واندثرت وكادت تختفي، وتصبح في خبر كان .. وتتصدر المجازر فيها عناوين ما بقي من صحف في العالم، ومختلف وسائل الاعلام!
وازداد بؤس اهل القطاع تحت الحصار، ولا مغيث، ولا نصير، بل مجرد احسان، واعادة اعمار بالقطارة واحيانا بالكشتبان .. وحبس للغزيين، طوال العام، والمنفذ الوحيد معبر يفتح، بضعة ايام ...
وغزة عطشى محرومة من الماء النقي، وتكاد تصبح منطقة لا تصلح للعيش، والخراب فيها مازال بعد اخر عدوان..!
وانقسام بين الضفة والقطاع يزيد الانعزال، وتتحول آمال التوحيد الى مجرد سراب وراء الكثبان في صحراء الشقاق والنزاع والخلاف بين الاخوة الاعداء.
ومحاولات فاشلة للاصلاح بين قبيلتي «فتح» و «حماس»، لتفادي حرب داحس والغبراء، والتوصل الى اتفاق، لعله يكون بابا مفتوحا للصفح والغفران..!
وغلاء في الوطن، يزيد الناس بؤسا وشقاء ويوسع دائرة الحرمان .. واتفاق باريس الاقتصادي يحول دون تحررنا من التبعية لاقتصاد من وقع معنا اتفاق اوسلو الذي وسع الاستيطان، وجعل حل الدولتين في خبر كان ..!
والقدس يتواصل تهويدها، والاقصى غارق في الاخطار، ولا نجدة ولا مساندة ولا اغاثة للمرابطين في بيت المقدس واكنافه، وما يخصص للمدينة المقدسة من ميزانية، لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يروي العطشان..!
وازدهار العمران في كل مدن الضفة باستثناء قدس عمر وصلاح الدين، المهددة ان يتم تهجير اهلها الاصليين، منها، لتخلو لمحتليها، ويغمرها فيضان الاستيطان..!
عاصمة فلسطين، لا نحافظ عليها، نتجاهل قيمتها واهميتها، ودماء الشهداء، الذين ضحوا بارواحهم على مر العصور والازمان، حتى جاء سقوطها في الخامس الاسود من حزيران .. وتستمر مسيرة التضحية والفداء، ويزداد الاصرار على الدفاع عنها مهما تعاظمت التضحيات والاخطار ..!
ويتكرس الواقع المر، المرير الذي يفرضه المحتل علينا مع توالي الايام والاعوام، ويتواصل احكام السجن علينا، فالطرق تغلق والقرى تعزل، والمدن تحاصر، متى شاء حامل مفتاح الحبس ، السجان..!
ويتواصل بتصاعد الاستيطان، ونحن لا نسكت ونقابله بالصراخ والشجب والاستنكار..! ونواصل اطلاق الاستغاثات الى العالم، انقذوا شعب فلسطين، ولا من يرد ولا من يسمع، ولا من يستجيب، فالقوي وحده من يستحق الالتهام والاحترام، والضعيف له الفتات من بقايا الطعام .. والويل كل الويل، للايتام على مائدة اللئام ..!
ويستمر التحدث عن انتخابات اسرائيلية، واميركية وانتظار الفرج بعد وصول الفائزين فيها الى العرش والصولجان ..!
وتستمر مسيرة انتظار اللاجئين للعودة الى فلسطين، ويتواصل تخديرهم، بأعذب الكلام، في كل مهرجان، وفي ذكرى نكبتهم في وطنهم فلسطين، الذي كان، وما يزال يعيش في قلوب وعقول كل الاجيال..!