• 21 كانون الثاني 2017
  • إقتصاد وحياة

 

 

 بقلم : خالد الزبيدي

 

تدريجيا يفقد الدولار قدرته كعملة لاختزان القيمة في شكل احتياطي لدى معظم دول العالم، فالدولار فقد غطاءه ابتداء عندما تم فك ارتباط الدولار بالذهب في العام 1971 بعد ان استمر العمل به حوالي 30 عاما، وادت الازمات المالية العالمية المتتالية، وكانت امريكا مركز انطلاق هذه الازمات، وتفاقمت هذه الازمات جراء تغول الاقتصاد الامريكي على الاقتصاد العالمي، والسعى الى تحويل العالم الى اسواق للمنتجات الامريكية.

وشكلت الحروب العدوانية على افغانستان والعراق والمنطقة العربية على استنزاف الاقتصاد الامريكي والحاق الاذى باقتصادات المنطقة وعطلت التنمية في معظمها، وتحولت امريكا الى اكبر الدول المدينة برصيد يتجاوز 18 تريليون دولار وعجوز مستمرة في الموازنة الامريكية سنويا، ودعم هذه السياسات الاقتصادية الاحادية والجهود العسكرية الامريكية، الا ان اقتصادات عالمية عملاقة بدأت تظهر بشكل كبير في مقدمتها الصين باقتصاد يتجاوز الناتج الاجمالي 10 تريليونات دولار، وعودة روسيا بقوة الى المشهد السياسي والعسكري باقتصاد يتجاوز تريليوني دولار، واليوم امريكا اقل قدرة من قبل على التدخل والتفرد في المشهد العالمي.

ان اعتماد مجموعة كبيرة من دول العالم الدولار كعملة دولية في تحديد سعر صرف عملاتها في الاسواق الدولية ينطوي على مخاطر كبيرة، وبات يلحق اضرارا باقتصاداتها، فالدولار لم يعد عملة ملاذ كما الفرنك السويسري و/ او الذهب، فالامريكيون يضخون مليارات من العملات الورقية دون تغطية كما في السنوات والعقود الماضية، واكتشف العالم ان امريكا تتمادى على حقوق الشعوب وثرواتها، فالورقة النقدية فئة 100 دولار تكلف الاقتصاد الامريكي بضعة سنتات تقوم بموجبها بشراء ( 2- 3) براميل من النفط وتعيد بيعها على شكل منتجات بمبالغ كبيرة، وهكذا تتعامل في القطاعات الاخرى.

اقتصاديا وماليا فإن أي دولار معروض ومتداول في الاسواق خارج امريكا هو بمثابة دين على الاقتصاد الامريكي، وان بروز دول عظمى اقتصاديا وعسكريا سيقود الى اخراج الدولار كعملة دولية وحيدة للمعاملات التجارية، عندها سنجد تغيرات جوهرية في الخريطة الدولية، وبروز اقطاب جديدة وولادة نظام صرف جديد يعكس الواقع الاقتصادي والعسكري الجديد، وهذا قد يتبدل خلال عقد الى عقدين في أحسن الاحوال، ويتجسد نظام عالمي مالي متعدد الاقطاب، وفرض اليات جديدة في اسواق الصرف.

هذه التطورات السياسية والاقتصادية ستفضي بتسارع الى تغيرات في اسواق الصرف واليات للقياس في المبادلات التجارية العالمية، وان البداية انطلقت خلال عهد الرئيس نيكسون عندما فك ارتباط الدولار بالذهب..والان حان الوقت للدول الساعية لحماية موجوداتها اعادة النظر في سعر صرف عملاتها وتبدأ على اقل تقدير باعتماد سعر مرن لعملاتها..والبقية تأتي تباعا.