• 20 آب 2016
  • أقلام مقدسية

 

 

 

بقلم: عزام توفيق أبو السعود

 

منذ قرابة الشهر، وأنا أشعر بأن وسائل الإعلام المحلية تعطيني إجازة، فجميعها منشغلة بموضوع الانتخابات البلدية المحلية، وهم يعتقدون أن هذه الانتخابات لا تعنيني كمقدسي ، لأن المقدسيين لا يشاركون في الانتخابات المحلية الفلسطينية. كما أن وسائل الاعلام الأجنبية لا تبدي إهتماما بالمسألة الفلسطينية منذ فترة طويلة، وبالتالي فإن الانتخابات المحلية الفلسطينية لا تشكل لديها أي موضوع ذا إثارة، خاصة والعالم جميعه منشغل بالألعاب الأولمبية أولا وبداعش ثانيا، ولا مكان للقدس أو فلسطين بشكل عام على الإجندة الإعلامية الدولية!!!

في اليومين الماضيين اتصل بي عدد من الصحفيين الأجانب، وجميعهم سألوني عن رأيي كمقدسي في الانتخابات البلدية، وكانوا يشككون في أنها ستجري، معتقدين أن مرسوما رئاسيا سيصدر في آخر لحظة لتأجيل الانتخابات! حد الصحفيين الأجانب سألني سؤالا بصفتي «مراقبا خارجيا» للإنتخابات! وكأنه يريد أن يقول أن المقدسيين ليسوا جزءا من النظام الفلسطيني!! وقد أجبته بأنني أتابع الانتخابات المحلية كمقدسي فلسطيني داخلي، ولست مراقبا خارجيا كما تعتقد، بالرغم من أن الانتخابات البلدية لن تجري في القدس العربية ... وبالرغم من تصريحات فلسطينية على مستوى رفيع بأن السلطة تفكر بتعيين مجلس بلدي للقدس العربية!!! وهذا الرد أثار فضول صحفي آخر سألني : هل هذه نكته؟ وهل يمكن لمجلس بلدي عربي أن يقدم أية خدمة للسكان المقدسيين؟ وهل يمكن لهذا المجلس أن يجبي رسوما من السكان مقابل هذه الخدمات؟ فأجبته بالطبع كلا.. لا يمكن لمجلس عربي منتخب أو معين أن يعمل في القدس العربية في ظل عدم وجود حل لقضية القدس، والاسرائيليون الذين أعلنوا توحيد القدس تحت السيطرة الإسرائيلية قبل 39 عاما لن يسمحوا لأحد غيرهم بالعمل، رغم نوعية الخدمات الضعيفة التي يقدمونها في القدس العربية .. وأن أي مجلس بلدي عربي ِيُشكَّل هو مجرد مجلس فخري منزوع الصلاحيات! وأخبرته بأنني كنت عضوا في مجلس كهذا لمدة خمسة عشر عاما وكنا مجلسا شكليا حتى أننا لم نجتمع!!

صحفي آخر سألني لماذا أهتم كمقدسي بمتابعة أخبار الانتخابات الفلسطينية؟ وقد أجبته لأنني فلسطيني اولاً وآخراً، وما يجري في الضفة والقطاع يعنيني بكل تأكيد، وأنه بالرغم من قناعتي بأن الانتخابات المحلية يجب أن لا تأخذ شكلا سياسيا ، أو فصائليا، وأن القوائم يجب أن تعتمد على قدرة أي " إبن بلد " يحب مدينته ويستطيع أن يخدمها بقلب صافٍ، دونما نظر إلى وجاهة العضوية ، إلا أنه مع الأسف لسنا الوحيدين الذين نقيُّم نتائج الانتخابات بقوة حزب أو فصيل أو حركة على الساحة السياسية، فالإنتخابات البلدية في انجلترا مثلا تجري بين قوائم حزب المحافظين أو العمال أو الخضر أو غيرهم، وتعتبر مؤشرا لشعبية هذه الأحزاب، وهو ما يفكر به الساسة الفلسطينيون أيضا. ولكن يعجبني أن تفكير بعض الشخصيات الفلسطينية التي تفكر بقيادة كتل انتخابية في بعض المدن، هو تفكير عصري يفتح المجال لدخول عناصر من جميع التنظيمات في كتلهم، ومبني على أساس قدرة الشخص على العطاء لا الانتماء الفصائلي فقط.

وأخيرا ، وقد فتح باب الترشيح للإنتخابات، أتمنى أن تجري الانتخابات في موعدها، بكل سلاسة ويسر وديمقراطية، وبدون شعارات سياسية، وبدون مهاترات كلامية ، فعضو البلدية المنتخب ورئيسها القادم، ليس هو الشخص الذي سيلغي الحواجز العسكرية، وليس هو الشخص الذي سيسمح بالبناء في منطقة بي وسي، وليس هو الشخص الذي سينهي الانقسام، ويعيد اللحمة للوطن، ويوقف التوسع الاستيطاني ، ويحرر القدس ويعيدها للحضن الفلسطيني .. وعلى الناخب أيضا أن يعي أنه أمام صندوق الانتخابات يجب أن لايفكر بالفصيل الذي سيعاقبه بالتصويت لخصمه، وانما سيصوت للشخص الأفضل والأقدر على تقديم خدمات بلدية فقط للسكان ، وليس لتحديد مواقف سياسية! ولنترك السياسة لرجال السياسة فهم كثر والحمد لله!

رد عليّ أحد الصحفيين قائلا: كأنك تتحدث عن المدينة الفاضلة! هل هذه أحلام أم تمنيات؟؟

الله أسأل لهذا الوطن السلام .. 

عن القدس