• 3 كانون أول 2016
  • أقلام مقدسية

 

 

 

بقلم: ماهر ابو طير

 

الذين يغضبون لمنع رفع الأذان في القدس، وكل فلسطين، معهم حق بطبيعة الحال، لكن الكارثة في فلسطين، لا تقف عند هذه الحدود، فالتغيير الديموغرافي، هو الأخطر، وهو تغيير يستهدف الفلسطينيين، ومحو وجودهم، بوسائل مختلفة، والوجود الاجتماعي الفلسطيني، مهم جدا، لحفظ هوية المكان، مثلما هو حال الأذان.

هذه الايام يواجه اهل القدس، تحديدا، حملة قديمة جديدة، تهدف الى انهاك المقدسيين ماليا، وتدمير بنيتهم الاجتماعية، والاحصاءات تؤشر على مطالبة اسرائيل للمقدسيين بعشرات ملايين الدولارات، غرامات بناء بيوت دون رخص، أو قيمة رخص مرتفعة جدا، تتعمد اسرائيل عدم اصدارها الا مقابل مبالغ فلكية، اضافة الى الضرائب على المتاجر، وغير ذلك من سياسات مالية، تريد تدمير البنية الاقتصادية الاجتماعية للمقدسيين.

الهدف من ذلك على صعيد غرامات البيوت، منع المقدسيين من البناء، او تحويل بيوتهم الى لعنة مالية عليهم، جراء الغرامات، وهذا يفرض اطلاق مبادرة لانقاذ بيوت المقدسيين، وهي مبادرة يمكن تنفيذها بطرق مختلفة، حتى لو تحت الرقابة الإسرائيلية التي قد تكتشف تدفق اموال الى القدس، لمنع هدم البيوت، او مصادرتها، ونحن هنا، لا نشرعن للاحتلال، ولا نريد الترويج لفكرة الدفع المالي له، على شكل تغطية للغرامات التي تطلبها، لكن لابد من مبادرة يتبناها اثرياء فلسطينيون وعرب، بحيث تجمع المعلومات عن كل البيوت المستهدفة، وما تواجهه من غرامات، والامر ذاته ينطبق على غرامات المتاجر.

سياسات التجويع التي تفرضها اسرائيل، تريد سحق الكتلة الفلسطينية في القدس، واضعافها، وتحويلها الى كتلة «شَغّيلة» تعمل فقط مع الاحتلال، وتكون غير قادرة على اكثر من ذلك، بحيث يضطر اهل القدس نهاية المطاف الى القبول بهذا الواقع، او بيع بيوتهم للاحتلال، مباشرة او عبر وسطاء، والمعلومات تؤشر على عروض للبيع عبر وسطاء، تستهدف شراء كل البيوت التي عليها غرامات.

تؤكد المعلومات أيضا، أن نسبة تهجير المقدسيين ترتفع يوما بعد يوم، وهدف اسرائيل تفريغ المدينة من سكانها، واهلها، وهذا كلام ليس جديدا، فالكل يعرفه، لكن السؤال يتعلق بتلك الهبة العاطفية التي رأيناها بخصوص الاذان، وهي هبة حميدة في كل الاحوال، لكننا لا نرى مثلها امام محو وجه المدينة، وريفها، ولا امام تدمير اهلها يوميا، وكأن ذلك لا يعدّ مهما.

مجرد مبادرة يتبناها الاثرياء، او حتى مبادرة شعبية، على ذات طراز مبادرة ترميم بيوت القدس، لكنها تستهدف انقاذ مئات البيوت، ان لم يكن اكثر، من الاسرائيليين، الذين يريدون إسقاطها، وإسقاط أصحابها، ماليا وأمنيا واجتماعيا.