• 14 شباط 2017
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : ماهر ابو طير

 

ابلغ الاردن المسؤولين الاميركان، كل الحساسيات والمخاطر، التي تتعلق بملف القدس، وتحديدا على صعيد جبهة الترويج لنقل السفارة الاميركية الى القدس، بدلا عن تل ابيب.

هذا ليس سرا. تم الاعلان عنه رسميا. وهو امر تم التباحث بشأنه خلال زيارة الملك الى الولايات المتحدة، قاله الملك للرئيس الاميركي، ولقيادات الكونغرس، ولكل مسؤول التقاه، وقد قيل بشكل واضح، ودون اي التباس.

الاردن ينظر الى ملف نقل السفارة، عبر ثلاث زوايا، اولها ان هذا يمس الوصاية الاردنية والهاشمية على المقدسات، لان نقل السفارة، يعني فعليا الاعتراف بالقدس، موحدة عاصمة لاسرائيل، وهذا يعني ان الوصاية مهددة، في هذه الحالة، بما قد يؤدي الى نتائج وخيمة على مختلف المستويات، وهو امر يمس الاردن مباشرة، وبما يمكن اعتباره انهاءً للوصاية في حال تم تنفيذه.

الزاوية الثانية تتعلق بحل الدولتين، اذ ان القدس مقسمة وفقا لتلك الغربية التي تحتلها اسرائيل وتلك الشرقية المفترض ان تقام بها عاصمة الفلسطينيين، ونقل السفارة الى القدس، يعني نعيا اميركيا لحل الدولتين، ونهاية لعملية السلام، واذا كان الرئيس الاميركي يقول للملك انه لابد من ايجاد حل وتحريك عملية السلام، فأن نقل السفارة يعني العكس تماما، وهذا يؤشر على اضطراب سياسي في واشنطن.

تأتي الزاوية الثالثة المتعلقة بالمخاوف من ردود الفعل، اذ ان نقل السفارة، سوف يؤجج ردود الفعل، وفي بعض التقييمات، ان هكذا خطوة، ستؤدي الى تصعيد مناخات العنف، وميل الناس، للانتماء الى اي تنظيم غاضب او متطرف، تعبيرا عن اليأس في المنطقة، وهذه اللغة يفهم معناها الاميركان جيدا، وتعني المزيد من اشتعال المنطقة، والارتداد وارد على امن الولايات المتحدة، واوروبا.

مناسبة الكلام، عودة الرئيس الاميركي وقبيل ايام من زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية الى واشنطن، للتلويح بنقل السفارة الاميركية الى القدس، مجددا، وبعد ان زار الملك واشنطن وتحدث بالامر، عاد الرئيس مجددا لاثارة الموضوع، دون ادراك منه لكلفة هكذا قرار، على امن المنطقة، وكل مستقبلها، وبالتأكيد سنسمع خلال زيارة نتنياهو كلاما اوضح من حيث الدلالات بشأن نقل السفارة الاميركية الى القدس.

الملك سيعود الى واشنطن عما قريب، ولااحد يعرف اذا ما كان قرار نقل السفارة سيتخذ قبيل عودته، ام سيبقى معلقا، لكن الاردن امام وضع حساس جدا، لان نقل السفارة، يهدد مباشرة الاردن ووصايته على المقدسات، اضافة الى بقية العوامل، وقد يكون الاردن مضطرا في هذه الحالة الى بلورة موقف عربي في القمة العربية المقبلة، بخصوص هذا الملف الحساس الذي يتلاعب به الرئيس الاميركي عبر تصريحاته وايماءاته المتناقضة.

مما يؤسف له ان تصير قضية القدس، قضية سفارة وحسب، امام ماتتعرض له المدينة من تغيير لبنيتها الاجتماعية، وتفقير اقتصادي، وتغيير في هويتها الديموغرافية لان اصل المشكلة هو احتلال كل القدس، ولانريد ان نتورط في هذا الاستدراج، عبر اشغالنا فقط بقصة نقل السفارة، فيما الاخطار اكبر من هذا بكثير، اخطار الاحتلال، ومداهمات الحرم القدسي، ومصادرة الاراضي، وغير ذلك من اجراءات.

ملف القدس، يمر بوقت حساس، جراء تغير الادارة الاميركية، ومايتعلق برؤية الاردن، وماينتظر العرب في قمتهم، ثم مايجري على خط عمان واشنطن، من آراء وملاحظات، لابد ان تؤخذ بمحمل الجدية من جانب الادارة الاميركية.

عن الدستور