• 22 آذار 2018
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : د. أمجد شهاب *

كل شئ في الدنيا يتغير؛ فالتغير سنة الحياة، وهو المستقبل وليس الحاضر فقط، وسنصبح ضحايا التغيير ما لم نتغير،  والخائفون من التغيير هم الخائفون من ازدياد أعدائهم. وكما قال الرئيس الأمريكي السابق ويلسون ّإبان الحرب العالمية الأولى "إذا أردت ان يكون لك أعداء أكثر، حاول تغيير شئ ما".

تعيش الغرفة التجارية، التي تعتبر من أهم معالم القدس الشريف والاقدم على مستوى الشرق الأوسط، أزمة منذ عقود؛ بسبب عدم القدرة على تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة يشارك فيها تجار القدس، بانتخاب مجلس لإدارة الغرفة.  ومما زاد أزمتها  إغلاق مقرها الرئيسي بالقدس من قبل سلطات  الاحتلال منذ أكثر من 17 عامًا، ووفاة رئيسها الرجل الطيب الذكر أح"مد الزغير "ابو هاشم"، وعدم إجراء انتخابات أدى الى ان معظم تجار القدس غير منتسبين للغرفة: أولا، بسبب شعورهم بتجاهلهم وعدم مشاركتهم، أو حتى استشارتهم  باخذ القرارات المتعلقة بادارة الغرفة واستراتيجياتها وعملها واختيار أعضائها. وثانيا، عدم وجود نوايا حقيقية لإجراء الانتخابات التي أصبحت اليوم مهمة غير معقدة بسبب التطور التكنولوجي  وإمكانية التصويت عبر صناديق الاقتراع للذين  يحق لهم التصويت، وعددهم لا يتجاوز (2,000) عضو..

ومما زاد ازمة شرعية وقانونية الغرفة حل مجلسها واستبعاد جميع أعضائها من التعيينات الجديدة  بقرار من وزيرة الاقتصاد في السلطة الوطنية،  بالرغم من أن  المادة (27) من قانون الغرف التجارية واضح، ينص على أن هناك ثلاث حالات  يمكن حل المجلس بناءً عليها، وهي: أن يفقد المجلس نصابه القانوني، واستقالة المجلس ومخالفة المجلس أي حكم من أحكام القانون.

ولو اخذنا بعين الاعتبار بان معظم أعضاء المجلس (السابق) غير منتخبين عبر صناديق الاقتراع وتم تعينهم على فترات متقطعة لأسباب عدة، هم نفسهم  أكدوا في اجتماعهم الأخير في 5/3/2018، الذي عقد بعد وفاة رئيس المجلس رحمه الله، على أهمية الإسراع في إجراء انتخابات عامة للغرفة وفق قانون اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية الصادرة عن مجلس الوزراء 2013.

الاشكالية التي لم يفهمها معظم تجار القدس، والتي سوف تسبب مزيدا من التعقيدات والنتائج السلبية  على وضع الغرفة، هي: لماذا لم يتخذ القرار بإجراء انتخابات حتى الآن؟ ولماذا لم يتم تحديد موعد واضح يمكن ان يساهم في وضع حد لجميع المناكفات والصراعات على رئاسة الغرفة و/أو عضويتها؟.

فعملية الاخراج شابها الكثير من الأخطاء ويمكن ملاحظتها في عدم وجود معايير واضحة في تعيين (15) عضوا جديدا أي بزيادة (3) أعضاء على العدد الموجود قبل التعيين الأخير.  وكانت المفاجأة في فقدان "الكوتة" المسيحية مقعد من مقعدين، فبدلا من زيادة عددهم بزيادة الأعضاء تم تقليص العدد، مما أوجد ردة فعل سلبية عند إخوتنا المسيحيين وبدات الضغوط تنهال على العضو المسيحي الوحيد من المعينين لمطالبته بالاستقالة, ولوحظ أن عددًا من المعينين لم يستوفوا الشروط لتعيينهم أعضاء للمجلس حسب قانون الغرف التجارية،  كالانتساب للغرفة حديثا او عدم تسديد رسوم الاشتراك... الخ.

حتى كتابة هذه المقالة لم يصل أي كتاب رسمي للأعضاء القدامى، ولا حتى مدير عام الغرفة التجارية، وحتى اللحظة لم يقدم اي عضو من الأعضاء القدامى الاستقالة؛ مما قد يتسبب في أزمة قانونية حسب قانون الغرف التجارية وخاصة المادة 25 و27.

ولاحظنا عند قراءة الكتاب الرسمي للتعيين، الذي لم يطلع عليه معظم المعنيين بالموضوع، أن المسمى هو "لجنة تسيير أعمال" الهدف منها هو الاستعداد لإجراء الانتخابات، ولكن للأسف  لم يحدد فيها سقف زمني -المفروض ان تكون بين (3-6) أشهر- مما يطرح الأسئلة الكثيرة. علمًا بأن لجنة تسيير الاعمال لإجراء الانتخابات لا يتجاوز عدد أعضائها بين (5) و (7) وليس (15) عضوًا. 

في النهاية، نتمنى للجميع -سواء للأعضاء القدامى أو الجدد- التوفيق لما فيه خير مدينة القدس، وخاصة القطاع الاقتصادي الذي يعاني من ظروف صعبة جدا بسبب إجراءات الاحتلال. ونرجو الله ان تنتهي قصة الاخراج بطريقة تتوافق مع قوانين الغرف التجارية ومصلحة الغرفة التجارية في القدس وتجارها -المنتسبين وغير المنتسبين-  وتجري الانتخابات حسب الأصول. فالقدس اليوم تحتاج إلى جهود جماعية وتنسيق مشترك من الجميع، بعيدا عن الانقسامات والخلافات الداخلية خاصة في المجال الاقتصادي بسبب ما تتعرض له من هجمة شرسة وتهويد مبرمج وممنهج. 

* رئيس كلية شهاب المقدسي