• 12 حزيران 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

 

بقلم : ماهر ابو طير

 

 كل يوم اقتحام جديد، للمسجد الاقصى، والمسجد لم يعد يثير اهتمام احد، ولو اجرينا تحليلا رقميا، لعدد التغطيات والمقالات، في كل وسائل الاعلام، بما فيها الالكترونية، اضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي، لاكتشفنا بكل بساطة ان المسجد لم يعد يثير اهتماما كبيرا.
هذا الكلام ليس على محمل الاتهام لاحد، لكن السؤال حول سبب هذا الخدر الذي نراه، سؤال مهم، والكل سيدلي بدلوه، من باب ان العرب والمسلمين، تم انهاكهم، وتعبوا لاعتبارات كثيرة، ووصل بهم اليأس درجة عالية، الى آخر هذه التفسيرات التي تريد تبرير حالة النوم العميق، عند الكل، بما في ذلك النخب السياسية والاعلامية والبرلمانية والحزبية والنقابية في العالم العربي، التي عليها دور بالغ الاهمية، في تذكير الجمهور بشأن واجباته، او على الاقل تذكيره بما يجري حواليه.
هذه الاقتحامات التي تجري يوميا، بحماية الاحتلال الاسرائيلي، ليست مجرد اقتحامات، لغايات التحرش السياسي، او لغايات اداء طقوس يهودية، والانصراف بعد ذلك، اذ ان الاقتحامات حلقة من عملية سياسية، مرتبطة بتغيير هوية الحرم القدسي، وتهويده، سواء عبر تقاسمه زمانيا، او جغرافيا، او هدمه كليا، او جزئيا، والطقوس الدينية التي نراها، لها وظيفة سياسية، سوف تتضح معالمها عما قريب.
هذا الكلام قيل مرارا، غير ان لا احد يسمع، وكل ردود الفعل تنحصر ببيانات الشجب والتنديد، والامر ذاته نرى بعض حلقاته فيما يجري في فلسطين، بعد ان تم تقسيم فلسطين الى اربعة اقسام، القدس، ثم الضفة الغربية، ثم غزة، ثم فلسطين ثمانية واربعين، وعزل كل مجموع فلسطيني، في هذه الكينونات بطريقة مختلفة، ما بين حصار الغزيين، او اسرلة فلسطينيي 48 على ما فيهم من جهد وطني عظيم، لا يراه احد، او تطهير الضفة الغربية امنيا، وتحويلها الى ضفة وادعة، او حصر المقدسيين في اطار المخاوف على الهوية المقدسية، واحتمالات سحبها في اي لحظة.
بهذه الطريقة، قسمت اسرائيل الفلسطينيين، واضعفت السوار الاجتماعي المحيط بالمسجد الاقصى، وهو سوار يتم تكسيره يوميا، في القدس حصرا، بالضرائب والملاحقات وهدم البيوت والغرامات والبطالة، والتلويح ببطاقات الاقامة المقدسية، بل واغراءات الجواز الاسرائيلي في حالات كثيرة، والغاية النهائية، جعل المسجد الاقصى بلا سوار حماية، لكننا نقر ايضا، اننا نرى فعلا جماهيريا من نوع خاص، ورأيناه عند اغلاق المسجد الاقصى، ومنع الصلاة فيه، حتى لا ننكر على الناس فضلهم، برغم ما فيهم، من انهاك وارهاق وتعب، وصل حدا لا يمكن وصفه بعد سبعين عاما من الاحتلال.
من السذاجة التي نراها ذلك التنديد باقتحامات الاسرائيليين، لانها تجري في  رمضان وكأن حرمة رمضان، احد معايير السياسات الامنية الاسرائيلية التي تراعي فيها، حرمة رمضان، وبالمناسبة فإن شهر رمضان، شهد تاريخيا ابشع عمليات قصف اسرائيلية، على غزة وعلى مواقع عدة، بل ان الاحتلال يستمتع باهانة المسلمين في رمضان، حصرا، ليقول لهم، ان  لا شيء مهما، عنده، سوى امنه، سواء كنا في رمضان، او غير رمضان، وعلى هذا فأن المبدأ ينحصر فقط، بالذي يعنيه اقتحام الحرم القدسي، وهو اقتحام بات يوميا، وباتت كل الحكاية تنحصر، في عدد المقتحمين، وكم امضوا من الوقت داخل الحرم القدسي.
يقال كل هذا الكلام، ليس ابراء للذمة، ولكن لنسأل كل الغائبين عما يجري في المسجد الاقصى، واين تبددت طاقاتهم، وارواحهم، وهل حالة اليأس التي نواجهها، تمنحهم عذرا مخففا، ام انها توجب ردة فعل معاكسة، حتى يفهم الاحتلال، ان الحرم القدسي، ليس له، ولن يكون له.

عن الدستور