• 9 آب 2019
  • أقلام مقدسية

 

بقلم: جدعون ليفي

 

أحاطت قافلة سيارات للشرطة، هذا الأسبوع، بشوارع قرية العيسوية  التي ضمتها إسرائيل للقدس. رجال الشرطة سافروا ببطء في رحلة متغطرسة ومتحدية، وكان هدفهم واضحاً: تأجيج المشاعر من أجل أن رشق حجارة عليهم. تحولت العيسوية في الأسابيع الأخيرة إلى قاعدة تدريبات للشرطة. هم يتدربون على “الزعرنة “ويتعلمون أن يكونوا أكثر عنفاً ووحشية مما هم دائماً.
هنا مسموح فعل كل شيء: إلقاء قنبلة صوت على معتقل مكبل.. طرد أطفال مخيم صيفي وهم في طريقهم إلى مدينة أريحا. اطلاق  النار على وجه طفل . والتسبب بفقده بصره.. قتل شاب رمى ألعاباً نارية.. اعتقال وشتائم وضرب وركل.. اقتحام البيوت في الليل واعتقال أشخاص.. وضع حواجز هدفها التنكيل.. الإعلان عن عملية مضحكة لتطبيق القانون يتم فيها فحص ما إذا كان هناك في كل سيارة مثلث تحذير. إن قلقهم على أمن السكان كبير جداً.
من بين إجمالي تفسيرات التشدد الأخير في العيسوية ثمة تفسير يقول إن هذا جاء في أعقاب المسلسل الوثائقي “لواء القدس”. رجال الوحدة الخاصة خرجوا منها كأبطال، أبطال شجعان في جبهة العدو. أحبوا دورهم كـ “محاربين ضد الإرهاب”، ويريدون المزيد. وخلافاً لما قيل منذ الكشف المدهش لنير حسون عن غرس البندقية، فإن وسائل الإعلام لـ “كان 11″ و”كودا للإعلام” تستحق الثناء: لقد عرضوا مسلسلاً صادقاً وأصيلاً، بين أن الاحتلال في القدس كما هو.. الاحتلال الأقبح والأعنف الآن. لحظة الذروة فب المسلسل كانت غرس بندقية في بيت سامر سليمان، كانت هذه هي لحظة الحقيقة. نعم، هكذا تعمل الشرطة في المناطق. أحياناً تغرس دليلاً أو تخترع ذريعة لسلوكها الوحشي، وبشكل عام تغرس نفسها في المكان الذي لا يجب على الإطلاق أن تكون فيه.
ليس السلاح المغروس فحسب، بل كل شيء قائم على الخداع: وضع اللااحتلال الظاهري في المدينة الموحدة.. الأخطار المضخمة إلى درجة اللامعقول.. أذرع الأمن التي تحارب ضد هذه الأخطار وتزيد شدتها بمجرد وجودها العنيف والمستفز في القدس مثلما هي الحال في الضفة.
كانت العيسوية مكاناً أكثر هدوءاً لولا الاقتحامات المتكررة لشرطة لواء القدس. هنا يحددون الهدف مسبقاً، مثلما فعلوا حين غرسوا السلاح، ثم يعملون على تحقيقه. الشرطة تريد عيسوية عنيفة كي تستطيع قواتها العمل بشكل عنيف، مثلما هم يحبون، ومثلما يدربونهم. بعد ذلك يعرضون ذلك في مسلسل تلفزيوني من أجل شرعنة الرأي العام، الذي يعاني من غسل الدماغ ونقص المعلومات: العيسوية مثل غزة، مكان عنيف وخطير، ولا ينقذنا منه سوى شرطة القدس.
كل شيء صحيح، لكنه بالعكس. العيسوية ليست غزة. وغزة أيضاً ليست كما يروى للإسرائيليين. العيسوية قرية يعمل معظم سكانها في إسرائيل ويتحدثون العبرية ويسافرون في سيارات مع لوحات صفراء. العيسوية لا تريد أن تفقد كرامتها وهويتها، وفي القدس المحتلة لا يوجد مكان لذلك، والنضال يتركز على ذلك. الشرطة مقاولة التنفيذ لذلك.
البيت الذي غرست فيه البندقية هو القصة الحقيقية. لقد كنت في البيت في كانون الثاني 2015، بعد بضعة أسابيع من إطلاق النار على وجه الطفل صالح الذي كان عمره 12 سنة. والآن يرى ظلالاً فقط. رجال شرطة اللواء الأبطال في المسلسل أطلقوا بشكل مباشر على وجهه رصاصة مطاطية مغطاة بالمعدن، فقد عيناً والأخرى أصيبت بالعمى. قام والده بعلاجه بتفان لا حدود له.
كان سامر بستنجياً، عمل في “موشاف كسلون” إلى أن أصيب في حادث عمل وأصبح معاقاً. ابنه صالح يستيقظ في الليل خائفاً. ذات مرة حلم بأن شرطياً أطلق النار على وجهه، ومرة أخرى حلم بشرطي وهو يجره من قدميه. ولم يتم تقديم أي شرطي للمحاكمة بسبب إطلاق النار الإجرامي على الولد. وبعد ثلاثة أسبابيع من ذلك أطلق رجال الشرطة النار على جاره محمد عبيد، ابن 5 سنوات، وأصابوه في عينه. هؤلاء أبطال “لواء القدس” الذي تحبه إسرائيل. غرس البندقية أصغر جرائمهم.
هارتس