• 19 شباط 2020
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : القاضي  فواز ابراهيم نزار عطية

 

في فصل الربيع تتجدد الحياة، بما يمنحه هذا الفصل من فرص عديدة  للراحة النفسية والصفاء في التفكير بكل هدوء بعيداً عن الضغوطات والتوترات، حيث تتلون الحدائق بألوان الزهور والورود البديعة المميزة، ويتواكب مع فصل الربيع القيام بالرحلات المدرسية والرحلات العائلية، وبالتالي تتوافر أجواء من الترابط الأسري والإجتماعي.

اشارت التقارير الصادرة عن وزارة السياحة التابعة للسلطة المحتلة، أن عدد الزوار للأراضي المقدسة بلغ نحو نحو 4.55 مليون سائح خلال العام 2019، حيث أدخلت الوفود السياحية  للاقتصاد الإسرائيلي ما يقارب 23 مليار شاقل، واستنادا لمُلخص تقرير نهاية عام 2019 الصادر عن الوزارة المذكورة،  زاد عدد السياح القادمين الى الأراضي المقدسة الفلسطينية بنحو 1.6 مليون سائح أي بزيادة  55 %، هؤلاء السياح يأتون من مشارق الارض ومغاربها للتعرف على القدس القديمة ومعالمها ولدراسة تاريخها.

ورغم أن السياحة في فلسطين غير مستغلة بالشكل الصحيح ، وبعيدا كل البعد عن الاسباب والتحديات لتلك المعضلة، آثرت توجيه رسالة للتربوين في مدينتنا العزيزة وكلنا ثقة بهم، لتطبيق ما ترمي اليه هذه الرسالة في سبيل تثقيف جيل يدرس في القدس ومحيطها ولا يعرف شيئا عن معالم القدس وحاراتها وأزقتها وتاريخها إلا من رحم ربي.

في هذه الايام تنشط حركة غير اعتيادية واستعدادت ذهنية للطلاب الاعزاء في رسم مسار الرحلات السنوية التي تقام في هذا الفصل، وبعض الطلاب يناقشون اولي الامر في مدارسهم لاختيار وتحديد المكان المنشود للوصول إليه، بما ينسجم مع الطبيعة الخلابة التي تحيط سهول وجبال وانهار وغابات فلسطين التاريخية.

ومن الطبيعي أن التعرف على معالم فلسطين من النهر إلى البحر شمالا وجنوبا شرقا وغربا، سيعزز من الثقافة المعرفية ويطبع في أذهان الطلاب جغرافيا فلسطين بصورة  لن تغيب عن اعينهم، وستلهب مشاعرهم  وستساهم في ربط افئدتهم بفلسطين وعدم التخلي عن شبر منها تحت اي ظرف أو مسمى.

نعم مشاهدة الطبيعة وذوبان ثلوج جبل الشيخ وجريان الانهار وسماع خرير المياه وملاحظة ألوان الطيور وانواعها في البرية الفلسطينية، يساهم على تجديد النشاط الذهني والاستعداد للامتحانات وهو أمر مطلوب لا ريب فيه، لكن في ظل منع طلاب الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول القدس بسبب سياسة الاحتلال، حيث بدأ هذا المنع منذ فصل الربيع لعام 2001 واستمر حتى اليوم، حيث كنا نشاهد الطلاب من مختلف مدارس الضفة الغربية وبعض طلاب مدينة غزة يتجولون في القدس القديمة وحاراتها يسيرون بانتظام مُلفت والهيئة التدريسية تشرح لهم عن واقع المعالم والاسماء، فمنهم من يلتقط الصور من خلال الكاميرات ومنهم من يدوّن الملاحظات.

أقولها بكل أسف أن الجانب الآخر في فصل الربيع يُسخر كل طاقاته لتنظيم الرحلات المدرسية لطلابه بدفعتين الأولى: لزيارة القدس القديمة وتقديم شرح مستفيض عن واقع المدينة ورسم صورة توراتية للطلاب من جيل 13-18، والثانية تنظيم رحلات ترفيهية في ذات الفترة لمشاهدة طبيعة فلسطين التاريخية.

بينما في مدارسنا العربية في القدس يدور الحديث بين بعض المسؤولين عن التنافس والسباق بزيادة عدد ايام الدراسة في السنة، حيث لا اعلم عن سبب هذا التنافس وأي رسالة تربوية وتعليمية يُراد منها، فلماذا لا يتم عمل اكثر من رحلة مدرسية لطلاب القدس في هذا الفصل على الاقل رحلتان: رحلة لمشاهدة الطبيعة ورحلة تخصص للتعرف على القدس القديمة ومعالمها الدينية والتاريخية، ألا يجدر بالاسرة التعليمية المساهمة في تعزيز الدور الثقافي والتربوي والديني لأبنائنا من المسيحين والمسلمين ليتعرفوا على درب الآلام ومراحله ليتعرفوا عن مكان العشاء الاخير ليتعرفوا عن كنيسة الامم التي يجهل اسمها معظم طلابنا، وليتعرفوا عن المسجد الاقصى وحدوده ومقامات الصحابة واسماء ابواب المسجد الاقصى وتاريخ بلدتهم وزيارات الحارات الاربعة ومعالم كثيرة لا تعد ولا تحصى في هذا المقال، وتدوين الملاحظات وعمل نشاطات وتقديم عرض بين الطلاب لتحقيق اقصى الاستفادة من زيارت تلك المواقع ،  ألا يجدر بالاسرة التعليمية تسخير دليل سياحي أو أكثر من أهل الثقة واضافة 5 شيقل على رسوم الرحلات المدرسية لترسيخ الهوية العربية للمدينة التي تسارع السلطة المحتلة في تهويد بعض شوارعها وأزقتها، ألا يعد السير في اروقة البلدة القديمة رياضة بدنية تساعد الطلاب على الحركة.

اخيرا لا بد أن تساهم الاسرة التعليمية في القدس الشريف بشكل واضح وفعّال في بناء رصيد المعرفة للطالب العربي المقدسي، وبصقل المزيد من الثقافة  لمعالم مدينته قبل فوات الأوان.