• 4 شباط 2023
  • مقدسيات

 

القدس - أخبار البلد - كتب خليل العسلي :  لقد افتقدنا في الفترة الاخيرة  غياب كتابات القاضي المبدع ابن القدس المخلص لمدينته فواز عطيه ، خاصة وان كل مقالاته التي تشرفت جريدة "أخبار البلد" المقدسية  ان تنشرها وان تكون منبرا ،  منذ المقالة الاولى كان المحور هي مدينة القدس وحال الأوقاف فيها وحكاية المدينة وما تعانيه ، وفي بعض الأحيان كان يكتب عن الهم الفلسطيني الشامل بطريقة مهنية علمية .

 فقمت بصفتي الشخصية كصديق وبصفتي رئيس تحرير بالاتصال  للاطمئنان على الصديق فواز عطيه  فكان رده صادما عندما علل توقفه عن الكتابة  من الان فصاعدا بأن رئيس مجلس القضاء الاعلى الفلسطيني أصدر امرا يمنع فيه القضاة من الكتابة او الحديث لوسائل الاعلام والا فان كل من يخالف ذلك سيتم تحويله للتحقيق، وهذا ما حدث ما كاتبنا القاضي عطيه بسبب كتاباته في "أخبار البلد" في صحيفة " القدس "  ولهذا فإنه قرر التوقف عن الكتابة .

 لقد أسفت لهذا القرار من قبل الصديق والكاتب والقاضي  لأنه سوف يحرم القارئ العربي والمقدسي والفلسطيني من قلمه وكتاباته حول القدس وهمومها .

 وهنا يحق لكل غيور على حرية القلم وحرية التعبير في فلسطين وفي العالم اجمع  ان يطرح عدة تساؤلات،  فالحقيقة الصادمة في إحالة ذلك القاضي بقرار تعسفي للتحقيق، لأنه يقوم بدور وطني بامتياز في  توعية الناس من الناحيتين القانونية والتاريخية  وإعطاء رأيه المهني في دور الوقف في القدس، ويكون تكريمه  إحالته  الى التحقيق بجرم نقاوة قلمه ومواقفه المشرفة، الاحتلال بذاته يتابع تلك المقالات ولم يتخذ أي موقف من ذلك القاضي، كونه يكتب ضمن إطار حرية الرأي والتعبير، وضمن نطاق القانون الدولي والحقائق التاريخية التي لا يمكن لأحد انكارها.

لا شك أن لكل مواطن الحق في ممارسة حق حرية الرأي والتعبير، فالقاضي والموظف والعامل والوزير والغفير والطفل والشاب....جميعهم من المواطنين، ومن حقهم التعبير عن رأيهم ضمن ضوابط القانون والأنظمة، التي يجب أن تكون الأخيرة غير مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003، لاسيما  ما ورد في المادة 19 منه التي جاءت بطبيعة أمرة تمنع المساس بحرية الرأي:" لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون".

فهل مدونة السلوك القضائي تمنع القاضي من مقاومة الاحتلال بالقلم، أليس في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة حق يمنح الدول أو الأفراد في الدفاع عن النفس وحقهم في مقاومة الاحتلال الأجنبي بكل الوسائل وكفاحهم لاستعادة الأراضي المنهوبة والمحرومة من كرامتها؟

أليست  الأمم المتحدة وعبر  لجنة الحقوقيين الدوليين في جنيف لعام 1978 قد أرست مبادئ استقلال القضاء؟ ألم يكفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 حق القضاة في التعبير عن رأيهم كغيرهم من المواطنين بحرية تامة دون ملاحقة، شريطة حفظ الهيبة لمناصبهم ونزاهة واستقلال قضائهم ؟

ألم تكفل مبادئ مجلس بيرغ التابعة لحقوق الإنسان استقلالية السلطة القضائية، وكفلت حرية التعبير عن رأيهم شريطة ألا تنال تلك الحرية من هيبة ونزاهة قضائهم وألا تكون أراءهم متصلة بمنازعات معروضة عليهم أو قد تعرض عليهم؟