• 23 آذار 2024
  • مقدسيات

يكتبها : احمد هيمت

 

 يحرص بسام ابو لبدة مدير تكية خاصكي سلطان في قلب البلدة القديمة من القدس وعلى بعد خطوات من المسجد الاقصى بان يكون اول من يفتح باب هذه التكية الوحيدة في القدس والتي تحرص أن لا يبقى جائع في المدينة كما كانت منذ عقود  في ساعات الفجر الاولى لعلمه أن هناك عشرات العائلة في المدينة تعتمد على التكية في قوت يومها  ولهذا تجده يحرص على التأكد من أن كل التحضيرات قد تمت وأن الطعام سيكون جاهزا في وقته المحدد  وبأفضل جودة لتحصل عليه العائلات التي تنتظر هذه الوجبة من التكية بفارغ الصبر كل يوم وخاصة في أيام شهر رمضان المبارك .

يقول أبو لبدة الذي تبدو عليه حماسة الشغل وحبه لعمله الذي يعتبره جزءا من إيمانه  وطريقة للتقرب إلى الله فخدمة الإنسان فيها الكثير من الثواب  ناهيك عن خدمة للمدينة التي يعشق   :

" منذ الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك ونرى العائلات  كيف تحضر مبكرا إلى أبواب التكية بانتظار الوجبات التي نعدها هنا ، فنحن نتأكد من توفير الطعام بمواصفات عالية ، ناهيك عن ان في هذا المكان لا زالت البركة تخيم عليه حيث نلمس في جنباته  ذكرى الأولين الذين كانوا يعدون الطعام وخاصة الشوربة المشهورة والتي هي عبارة عن قمح بالمرق لكل محتاج في القدس ،( في شهر رمضان تقدم الشوربة المشهورة فقط يوم الاحد)  والآن نحن سائرون في نفس الطريق في توفير الطعام الممتاز لعشرات العائلات المحتاجة ونحرص على أن يتم توزيع الوجبات مع أذان الظهر ، فما ان نسمع صوت الأذان القادم من المسجد الأقصى الذي لا يبعد سوى أمتار معدودة حتى نبدأ بإدخال الرجال اولا  ومن ثم النساء حتى لا يحدث الازدحام لحرصنا على أن يحصل كل فرد على حاجة عائلته من الطعام الكافي"

 التكية التي مرت بأعمال صيانة واسعة جعلتها تبدو أكثر شبابا ورونقا  ونظافة  وهذا ما كان واضحا في الجولة التي قام بها أبو لبدة في أرجاء التكية الواسع ذات المبنى الجميل المحافظة على وظيفتها التي أنشئت من أجلها قبل أكثر من خمسة قرون وهي  إطعام فقراء القدس والغريب وضيوف الاقصى وطلاب العلم وكل من يطرق بابها فهي تحرص كل الحرص ان لا يبقى جائع في القدس  ولم تغلق أبوابها ليوم واحد .

 بسام ابو لبدة يشرف شخصيا على توزيع الطعام على المحتاجين من عائلات القدس  وتبادل معهم أطراف الحديث  فهو يعرفهم وهم يعرفوه جيدا.

 وأمام  القدر الضخم يقف الشيف " رمزي عسيلة " الشاب  منهمكا في عمله لوضع اللمسات الاخيرة للطعام ويحرك بالمغرفة الطويلة قطع اللحم الكثيرة قبل أن يخلطها باللبن السميك الابيض ( الجميد)  فوجبة اليوم هي "المنسف" رائحته اللذيذة تنتشر في كل مكان بأرجاء التكية وخارجها ، يقول أبو لبدة يوجد طعام يكفى الجميع  فالحمد لله هناك بركة في القدس وفي العمل وفي الوجبة، مضيفا أن أعداد الفقراء في القدس زادت عن الأعوام السابقة بسبب الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة العائلات توفير ابسط الحاجات لأولادهم ، في الماضي كان يصل تكية خاصكي سلطان الفلسطينيون من  بيت لحم ومن رام الله  بحثا عن الطعام  فلقد كانت تغطي احتياجات كل المنطقة من بيت لحم جنوبا وحتى رام الله شمالا ، ولكن الجدار العنصري الذي اقامته اسرائيل منع وصول المحتاجين من الضفة الغربية إلى التكية  التي التابعة لدائرة الأوقاف الاسلامية والتي تديرها بجدارة واقتدار  وتوفر كل ما تحتاجه التكية.

 ما إن يفتح الباب الضخم لهذا المكان حتى يتدفق الجميع بعضهم يحمل الطناجر والبعض الآخر عبوات بلاستيكية وجميعهم يضعون الطعام في حقائب كبيرة لاخفاءه ما بداخلها ، قبل أن يغادروا المكان  وهم يدعون الله للقائمين على التكية.

 بانتظار يوم جديد ووجبة أخرى في شهر رمضان المبارك شهر البركة .