• 10 شباط 2025
  • مقدسيات

 

 القدس - أخبار البلد-  كتب خالد الاورفالي 

" ما يجري حاليا في المدارس والمراكز الطبية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا هو ان الجميع من طلاب وموظفين يعيشون حالة قلق وخوف شديد وترقب  لأنه لا يعرفون ماذا سيحدث معهم بكل لحظة ، حيث يخشى الجميع  أن يتم اقتحام تلك المدارس والمراكز من قبل قوات الشرطة الاسرائيلية وان يتم اعتقالهم او اخراجهم وإغلاق تلك الأماكن تنفيذا لقرار الحكومة الإسرائيلية "

 هذا ما قاله أحد الموظفين في  الوكالة بالقدس والذي يتلقى ابناءه التعليم في احدى مدارس الأونروا التسعة في القدس ، مضيفا أنه لا بديل عن بقاء الأونروا في القدس لأن البديل يعنى ضياع حق العودة وتهويد القدس واسرلة المناهج التعليمية .

 إن حكاية مدارس الوكالة في القدس هي حكاية القدس عامة  فرغم أن الجميع يعلم اننا سنصل الى هذا اليوم إلا أنه لم يقم احد بالاستعداد لذلك .

 الحكاية بدأت  عندما أعلنت اسرائيل منذ عام ٢٠١٨  أنها سوف تغلق المدارس والمؤسسات التابعة للاونروا وأنها مصممة على ذلك واستمرت بخطواتها العملية من اجل اغلاق تلك المدارس  بما في ذلك تشريع في الكنيست  (  وحسب القانون الذي أقرته الكنيست، تلغى اتفاقية السماح لوكالة الغوث بالعمل في القدس والأراضي الفلسطينية)  ومعروف ان الوكالة تقدم  خدماتها في مجالات منها التعليم، والصحة، والحماية، والإغاثة والخدمات المجتمعية، والقروض الصغيرة، وحالات الطوارئ.. 

فلقد كان رئيس البلدية السابق نير بركات قد شهر في ايلول سبتمبر عام ٢٠١٨   قد صرح في مؤتمر اعلامي عقدتها  احد قنوات التلفزة الاسرائيلية أنه سيعمل إلى طرد الأونروا من المدينة   " إن إزالة الأونروا ستقلص التحريض والإرهاب، وستحّسن الخدمات للسكان، وستزيد من أسرلة شرقي المدينة، وستساهم في السيادة الإسرائيلية ووحدة القدس"، مدعيًا أن "الأونروا هي كيان أجنبي وغير ضروري فشل فشلًا ذريعًا، وأنا أعتزم إبعاده من القدس"

 أمام هذا الإصرار الاسرائيلي والخطوات العملية ، لم نرى أي موقف عملي من قبل الجهات المعنية بالتعليم في القدس لا من قبل السلطة ومدارسها ولا من قبل الأونروا ومدارسها وما من قبل الجهات الدولية ، سوى التنديد والاستنكار .

 وقال صلاح الزحيكه الناشط المقدسي وأحد القادة السياسيين في المدينة ل " أخبار البلد"  بخصوص غياب التنسيق فهذا حال البلد ليس بالنسبة للتعليم فقط بل في شتى مناحي الاحتياجات الأخرى في القدس ، وتعدد المرجعيات وفقدان البوصلة والتوجيه أدى بالبلد إلى ما هي عليه الآن مصايب تلو الأخرى ولا حل في الأفق. 

 واقترح الزحيكه أن يكون التعليم عن بعد في مدارس الوكالة حل من  الحلول الخلاقة اذا أقدم الاحتلال على إغلاق المدارس والسيطرة على المباني  التي تعود للوكالة .

 وفي  يوم الثلاثاء  30 -1- 2025    وهو الموعد الذي حددته اسرائيل اغلاق جميع مؤسسات الأونروا  في القدس  مما أدخل الجميع في دوام ان اكثر من الف طالب سوف يجدون أنفسهم بين ليلة وضحاها  في قارعة الطريق بدون مدرسة

وكانت دائرة المعارف الاسرائيلية قد نشرت اعلانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي  توجهت فيه الى اولياء امور الطلبة جاء فيه :" ان قانون إيقاف الوكالة يدخل حيز التنفيذ في تاريخ 30/1/2025، يعمل قسم المعارف في بلدية القدس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم على إعداد النظام التعليمي لاستقبال أبنائكم بالشكل الأمثل، ندعوكم للتواصل معنا ليتسنى بنا مساعدة أبنائكم وتسجيلهم بالمدرسة الملائمة بالتنسيق معكم".

 في هذه الاثناء اكدت جوليت توما الناطقة باسم الوكالة أن المدارس لا تزال مفتوحة وكذلك مركز التدريب المهني الذي يستفيد منه ٤٠٠ طالب وطالبة لا زال يعمل  كما أن  العيادات الطبية تقدم خدماتها للمراجعين.

 ولكن ووفق أقوال الدكتور أمجد الشهاب أستاذ العلوم السياسية والمطلع على الشأن التربوي في القدس ل " أخبار البلد"  فإن هذا لا يعني ان إسرائيل لن تقدم على إغلاق المدارس بل على العكس تماما فهي ستعمل على إغلاقها  وضم الطلبة الى مدارسها ومناهجها الإسرائيلية  مما يعتبر انتكاسة للقدس وأهلها وتعزيز سيطرة اسرائيل على قطاع التعليم  خاصة وأن أكثر من خمسين بالمئة من التعليم يتبع المؤسسة الرسمية الإسرائيلية.  

 مضيفا ان عدد الطلبة التابعين لمدارس الوكالة يصل الي ١١١٥ طالب  من إجمالي ١١٠ آلف طالب في القدس الشرقية  فتاثيرها لن يكون اكثر من واحد بالمئة لكن إغلاق مدارس الأونروا سيزيد من سيطرة السلطات الإسرائيلية في مشروع تهويد التعليم وفرض المناهج الإسرائيلية وإلغاء الرواية  العربية الفلسطينية مما يؤدى الى إضعاف الانتماء لدى جيل الشباب الى الهوية العربية للمدينة 

وفي مدينة القدس، يدرس في المدارس التابعة لوكالة الغوث قرابة 800 طالب وطالبة، إَضافة إلى قرابة  ٤٠٠ طالب تعليم مهني في كلية تدريب قلنديا "تعليم مهني"، وهي تقع ضمن حدود بلدية القدس، كما أوضح اتحاد أولياء الطلبة في مدارس  القدس  .

وقال الاتحاد للوكالة أن 6 مدارس تابعة للوكالة في القدس؛ في مخيم شعفاط، وسلوان، وصور باهر، وحي وادي الجوز، للذكور والإناث.

وأضاف الاتحاد أن الطلبة الذين يدرسون في مدارس مخيم شعفاط "هو ضمن حدود البلدية ولكن يقع خارج الجدار الفاصل"، تضم المدارس طلبة من حملة هوية الضفة الغربية ومن حملة الهوية الإسرائيلية.

وقالت جمعية "عير عميم" أن بلدية القدس ووزارة التعليم تواجه صعوبات في مواجهة النقص الحاد في الفصول الدراسية في القدس الشرقية، مشيرة الى تقريرها السنوي الأخير عن التعليم إلى وجود نقص حاد بـ 2477 فصلاً دراسياً للطلاب في القدس الشرقية، حتى قبل إغلاق الأونروا.

وأضافت الجمعية في بيان لها :" يصعب تخيل قرار ضار للغاية ضد الطلاب، وقد يؤدي ببساطة إلى تركهم دون تعليم، ولم نبدأ بعد في الحديث عن خرق التزام الدولة بتوفير التعليم الإلزامي لجميع السكان، بما في ذلك الفلسطينيين".

وهكذا فإن هذه الحالة الضبابية التي يعيشها الطلبة  والموظفين في المؤسسات التابعة للأونروا تصيبهم بالشلل وعدم القدرة على اتخاذ القرار وسط غياب كامل لاي دور قيادي لاي مؤسسة او جهة في القدس تحاول  استيعاب ما قد يحدث  في هذا الملف الخطير وبقية ملفات القدس الشائكة والمعقدة .