• 2 نيسان 2025
  • مقدسيات

 

 القدس - أخبار البلد - يسعد جريدة " أخبار البلد" المقدسية ان تستطلع اراء المختصين من فنانين وكتاب وأدباء  حول المسرح الفلسطيني بمناسبة يوم المسرح العالمي الذي مر قبل عدة ايام ، هذا المسرح الذي يعاني حالة سبات عميق ان لم نقل موت سريري،  في السنوات الأخيرة لعدة أسباب  أهمها عزوف الجمهور عن المسرح وغياب النص المسرحي الأدبي  الرصين والحرفي ، اضافة الى ارتباط النشاط المسرحي بالتمويل الخارجي مما شوه عمل المسرح بل والحركة الفنية بالكامل .

 وقال الدكتور طلال ابو عفيفة عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين  الذي بدا حياته في المسرح :  

" أن المسرح الفلسطيني كان في ذروة تألقه ونجاحه كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي وخاصة في مدينتي القدس ورام الله ، حيث تأسست وعملت أكثر من عشر فرق مسرحية وأهمها فرقة المسرح الفلسطيني في القدس التي كان على رأسها الفنان المرحوم فراسو ابوسالم وفرقة دبابيس في رام الله وقدمت عشرات المسرحيات الاجتماعية والوطنية من على المسرح الوطني في القدس ( الحكواتي ) الذي كان سابقا سينما النزهة .

فقد كان الجمهور الفلسطيني وخاصة جمهور مدينة القدس ذواق وتواق ومحب وعاشق للفن المسرحي وخاصة إذا كانت المسرحيات تتطرق للاحتلال وإجراءاته القمعية او لقضية اجتماعية ، وكان كلما عرضت مسرحية يهرع الناس بالمئات للحضور وبدون عوائق احتلالية .

بعد ذلك تنبه الاحتلال لخطورة هذه المسرحيات على أمنه فوضع العراقيل والمنع احيانا وأحيانا اخرى يعتقل المسؤولين عن هذه المسرحيات ، مما تتقلص هذا النشاط بشكل كبير مع بداية الألفية الثالثة ومع تطور تكنولوجيا الإعلام وظهور الإنترنت والتواصل الاجتماعي عبر المنصات الإلكترونية فاصبح المواطن في اي مكان ينشغل بهذه التكنولوجيا وأصبح العالم عبارة عن قرية صغيره يشاهد كل ما يريده عبر هذه المنصات كالفيسبوك وتويتر والواتساب.

أنا شخصيا بعدما شاهدت بعض مسرحيات المسرح الوطني في أوائل السبعينيات اسست فرقة مسرح الفرافير الفلسطيني مع آخرين وقدمنا حوالي عشر مسرحيات من على مسرح المدرسة العمرية قبل منع بلدية القدس الاحتلالية لعرض أي مسرحية من على هذا المسرح ، ومسرح مدرسة المطران ومسرح حكواتي وعدد من مسارح كليات قلنديا ودار المعلمين والطيرة في رام الله ، وكان آخر مسرحية قدمناه على مسرح الحكواتي عام ١٩٨٥ مسرحية " ١٧ حزيران عام ١٩٣٠ " حول ثورة البراق عام ١٩٢٩ وإعدام الأبطال الثلاثة جمجوم وحجازي والزير.

ورغم قلة الدعم الوطني للمسرح والذي تسبب بغياب معظم الفرق المسرحية إلا أن بعض الفنانين مازالوا على العهد يواصلون هذا الطريق الصعب وعلى رأسهم حسام ابو عيشه وأحمد ابو سلعوم ، لهم مني كل احترام وتقدير .

 وقال الناقد والكاتب تحسين يقين عن  المسرح الفلسطيني في يومه العالمي : 

" كان عام 1948 عاما فارقا في حياة الشعب الفلسطيني؛ حيث انقطع ما كان يتطور في مجالات الحياة، وبالطبع كان المجال الثقافي والفني أحدها. في هذا السياق يأتي الحديث عن المسرح الفلسطيني ضمن ما تراكم من بدايات الحركة المسرحية الفلسطينية، وتأثرها بالمسرح العربي، المصري، الوافد خاصة الى أهم مراكز المدن الكبرى. وكان من الممكن البناء على المنجز المسرحي، لكن كما انتكب شعبنا وتشتت لاجئين، فقد انتكبت الفنون ومنها المسرح فتشتت المثقفون والكتاب والفنانون والمسرحيون.

ولما كان فن المسرح بشكل خاص، هو من الفنون الجماعية، التي يحتاج إنجازه طاقما من الفنانين والعاملين، فإن ذلك ضاعف من تراجع المسرح كمسرح فلسطيني له هوية إبداعية خاصة، ما دفع الفنانين والمسرحيين، الى الالتحاق في فرق عربية في سوريا ولبنان. ومع هزيمة عام 1967، نشط الفنانون كأفراد ضمن الدراما الأردنية التلفزيونية والمسرحية.

بعد عام 1967، نشطت بعض الفرق المحلية في الضفة الغربية، في القدس ورام الله، وغزة، لكن كان ذلك طموحا لدى الفنانين. ثم ازدادت فرص التطوير حين التقى فنانو فلسطين المحتلة عام 1948 مع فناني فلسطين المحتلة عام 1967، والذي أثمر بتأسيس مسرح الحكواتي بقيادة الفنان فرانسوا أبو سالم عام 1984، حيث أن ذلك كان البداية الفعلية لوجود مسرح فلسطيني متخصص ومحترف، بالرغم من الاحتلال الإسرائيلي، الذي أعاق عمل هذا المسرح. وجنبا إلى جنب ظهر مسرح القصبة بقيادة الفنان جورج إبراهيم، والذي يعد مسرحا محترفا. وبالطبع لا ننسى وجود مسرح فلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام 1948. كذلك مسرح الشتات التي تميز بقيادة الفنان خليل طافش.

مع تأسيس السلطة الوطنية عام 1994، إثر توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، حدثت الانطلاقة الثانية للمسرح الفلسطيني، بتلاقي فنانين من فلسطينيي عام 1948 وفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة، وفنانين عائدين، مثل الفنان فتحي عبد الرحمن الذي أعاد تأسيس المسرح الشعبي في رام الله.

والمتأمل بعديد العروض التي تم إنجازها، في هذا الحيز الخاص الذي أتاح فرص إنتاج مسرحي، يجد أن هناك عروضا نافست على مستوى العالم العربي والدولي وحازت على جوائز، ما يعني أن توفر فرصة استقرار تعني الكثير للمسرح الفلسطيني. لذلك فلا نظن تماما أن المسرح الفلسطيني ظل متواضعا، بل أنه تطور تطورا ملموسا منذ عام 1984، وأصبح على خارطة المسرح العربي، حيث كان تأسيس الحكواتي مجايلا لمسرح الفوانيس في الأردن والحكواتي في بيروت.

إن النظرة المطلقة تجاه المسرح الفلسطيني على مدار قرن تنمط المسرح الفلسطيني ولا تراعي ما تم إنجازه من إبداع جاء نتيجة التعب والشغف والعرق" .