• 20 شباط 2021
  • مقابلة خاصة

 

 إسطنبول – أخبار البلد – كتبت ميرا خالد خضر :

ضمن فعاليات ثقافية وحلقات دراسية نظم المعهد العثماني للعلوم  في تركيا بالتنسيق مع مركز الدراسات العالم الإسلامي وجمعية دعم العلوم التركية ندوات حول العلاقات التاريخية بين تركيا وقطر منذ العهد العثماني بحضور عدد من الأكاديميين والأخصائيين والباحثين والمترجمين وطلبة وإعلاميين عرب وأترك عبر تطبيق زوم

وأدار الندوة الدكتور محمد صفر والذي شارك فيها رفقة الدكتور محمد مختار الشنقيطي والدكتور كمال خوجا أغلو ، كما تدخل كل من الباحث في الأثار العثمانية حذيفة إيمان والسفير التركي السابق لدى دولة قطر فكرت أوزير بكلمة  حول العلاقة التركية القطرية والذي أشاد على الشعب القطري وحكامه الطيبين والذي التمسها خلال مكوثه لثلاث  سنوات بقطر كما ثمن عمل و ترجمة الدكتور كمال خوجا أوغلو- أطال المولى في عمره- للوثائق الأرشيفية العثمانية الى اللغة العربية والذي اعتبرها خدمة جلية ليس فقط لإخواننا القطريين بل للمنطقة وأكد ضرورة السعي المشترك(التركي القطري) من أجل ترجمة تلك الوثائق والتي يفوق عمرها آلاف السنوات .

وأكد مدير المعهد التركي العثماني للعلوم الدكتور محمد والي الله كامل أوغلو في حديث حصري ل"أخبار البلد " أن هذه الندوة ستكون ضمن سلسلة ندوات قيمة حول العلاقات التركية القطرية وجذورها التاريخية ،لتضم نخبة من الباحثين والأكاديميين وخبراء ومترجمين ، كما سيتم الكشف عن فحوى لعدد من الوثائق الأرشيفية بما فيها الخطابات والمراسلات والتي  ترجمت من اللغة العثمانية الى اللغة العربية من قبل المترجم التركي الدكتور كمال خوجا أوغلو ،كما سيتم ترجمة وثائق اخرى ، وأن المعهد  العالي  العثماني للعلوم سيتبنى  تدريب وتأهيل  الكوادر لتعامل مع اللغة  العثمانية  وترجمتها بداية  الى اللغة  العربية".

ومن جهته قال الدكتور محمد صفر باحث وكاتب  في العلاقات التركية العربية والحركات الاسلامية  ومسؤول  العلاقات العربية في جمعية  دار العلوم ومسؤولها لفرع اسطنبول ومدير مركز الدراسات  الأقليات  المسلمة مقرها في اسطنبول  وأستاذ مقارنة الأديان بجامعة إسطنبول  ، في حديث خاص ل"أخبار البلد ""  أن من أهم دور للجمعية الثقافية التركية  دار العلوم نفض الغبار عن التراث العثماني لأن هناك  الكثير مما يتعلق  بتاريخ  هذه المنطقة ( الشرق الأوسط  ) موجود بالأرشيف ، وتهدف  الجمعية الى استعراض  العلاقات التركية العربية  من خلال  عمقها التاريخي  ابتداءا  من العهد العثماني  والذي  شهد  تجاذبات  وتقاطعات  عربية عثمانية  على مستويات مختلفة وفي مناطق  مختلفة ، مضيفا أن العثمانيين كانوا مهتمين جدا بالأرشفة وكانوا يهتمون  بالمراسلات والخطابات ويسجلون أدق التفاصيل  والأحداث في المنطقة  كل ذلك يكتب في الأستانة والتي لديها نظام  أرشيف دقيق للغاية ، وأن الانقطاع في التواصل التاريخي والحاضر مع الشعوب المنطقة كان من أهم أسبابه  اللغة العثمانية .

وأضاف د. محمد صفر أن ندوة العلاقات التركية القطرية  هي في الحقيقة تأتي ضمن سلسلة  من اللقاءات  والندوات   فيما يتعلق  بموضوع العلاقات العربية التركية  في العهد العثماني  وبدأنا  بالعلاقة  التركية الخليجية  وانطلقنا  من دولة قطر باعتبارها العلاقة الآنية  جيدة جدا ،  ومن أسباب انطلاقنا لدراسة العلاقة التركية القطرية  هو عمق هذه العلاقات تاريخيا وسياسيا وخاصة في العهد  العثماني  بالذات  .

مشددا على أن هذه الندوة  هي الجزء الأول فيما يخص موضوع " العلاقات التركية القطرية " والتي ستدعم بمجموعة من الوثائق المترجمة من طرف  الدكتور التركي والمترجم  كمال خوجا أوغلو وهو مؤلف ومفكر ومشرف لترجمة  الوثائق العثمانية  الأرشيفية الخاصة  بعلاقة  قطر بالدولة العثمانية ،

 وشارك في الندوة  الدكتور  محمد مختار الشنقيطي من الدوحة  والذي قال ان لديه قراءته الفلسفية  التاريخية السياسية  حول هذا الموضوع  ليكون لندوة عمق فلسفي دون التقيد بالقراءة التاريخية  الرتيبة ..

وقد نوه الدكتور محمد صفر على وجوب الإستفادة  من الأرشيف العثماني  لما له من قيمة تاريخية وثقافية الى جانب أنه دقيق وثري  وإذا  تم نفض الغبار عن الأرشيف العثماني من خلال ترجمته الى اللغة العربية من قبل بعض الباحثين والمترجمين ..والنتيجة حسب قوله بكل تأكيد ستكشف عن أسرار جمة عن الدولة العثمانية العليا وعلاقاتها بالشعوب المنطقة وهذا الأمر الذي يسعى له  عدد من الباحثين والمترجمين الأتراك والعرب بدعم من الجمعية التركية دار العلوم  والأكيد  ترجمة  الوثائق  العثمانية  الى اللغة العربية  سيكشف عن  بعض التعقيدات  مع بعض  الدول  والتي  نشأت  على أنقاض الدولة العثمانية والتي لديها الكثير من  الملفات  التي تربطها مع الدولة  العثمانية خصوصا بعد حالة استقطاب  التي حصلت لبعض الدول  والقبائل قبل تشكلها ككيانات  من دولة معادية لدولة العثمانية .

وأضاف د. صفر في حديثه ل" أخبار البلد" إنه  من المهم جدا  وصف العلاقة  التي تجمع  قطر بالدولة  العثمانية  بأنها كانت  بشكل أكبر وأوسع جغرافيا  من الخارطة الجغرافية الحالية  ولم تكن   في حينها  دولة ذات  ثروات  غاز ونفط    لنقول أن العلاقة  العثمانية القطرية  كانت مبنية على هذا النوع  من المصالح  الاقتصادية  المجردة ، بل هناك  بعد آخر  في  الحلف القطري  العثماني وهو  القناعة لدى  العثمانيين  من  القيمة الاستراتيجية  لدولة قطر  للحد من نفوذ  الصفوية والشيعة والاجنبية وغيرها لتكون الجدار الصامد  لتحمى بذلك ظهر الدولة العثمانية  من ذلك الاتجاه ..

هذا وقد أكد الدكتور محمد مختار  الشنقيطي أستاذ الفكر السياسي بجامعة حمد بن خليفة  في العاصمة القطرية الدوحة في حديث حصري ل"أخبار البلد" :

"إن العلاقات القطرية التركية ضاربة  في عمق  التاريخ ، منذ العهد العثماني عندما أصبحت  قطر كيانا سياسيا واضح المعالم منتصف القرن ١٩ ،وقد  ارتبطت قطر بعلاقات جيدة مع العثمانيين، ويرجع هذا الأمر إلى عاملين أساسيين: أحدهما أن مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم محمد بن ثاني  رحمه المولى كان فقيها وقاضيا وفارسا وشاعرا وهذه الخلال و خلفيته الإسلامية وبصيرته السياسية جعلته يؤمن بوحدة المسلمين، ويتمسك بمظلة الخلافة الإسلامية العثمانية. مضيفا أن العامل الثاني هو أن الدولة  العثمانية كان لديها مصلحة كبرى للحضور على ضفاف الخليج للمحافظة على سلامة طريق الحج و حصانة حدودها الجنوبية، وخصوصا في وجه الاختراق الانجليزي القادم من الهند، والذي بدأ واضحا على ضفاف الخليج في تلك الفترة ، فهذين العاملين لعبا دورا أساسيا في توطيد العلاقات القطرية العثمانية.

كما أكد المفكر محمد مختار الشنقيطي أن الشيخ جاسم حاكم قطر كان مصرا في الوقت ذاته على استقلال قراره السياسي، بينما كان بعض الولاة  في الدولة العثمانية يميلون إلى  الدمج الكامل لقطر في البنية الإدارية للدولة العثمانية..،  وهنا وقع سوء تفاهم بسبب الوالي العثماني في البصرة (حافظ باشا) الذي حاول أن يؤسس بنية إدارية  وعسكرية في قطر دون تراض، وفرْض ضرائب على القبائل القطرية دون تشاور و أدى ذلك إلى سوء تفاهم وتفاقم الأمر إلى مناوشات عسكرية عام ١٨٩٣ ميلادية والمعروفة تاريخيا باسم "معركة الوجبة" ، و لكن سوء التفاهم هذا كان مجرد حدث عابرا، وقد عزل السلطان  العثماني حافظ باشا فورا بعد سمعه لتفاصيل الحادثة ،  وعادت العلاقات الطيبة من جديد بين الطرفين 

وقد سلط الدكتور محمد مختار الشنقيطي في ختام حديثه على العلاقات الحديثة للجمهورية التركية والدولة  القطرية مؤكدا أنها استمرار للخلفية التاريخية لتلك العلاقات المتينة،  وأن الدواعي الثقافية مثل الأخوة الإسلامية، والدواعي الاستراتيجية مثل الموقع الجغرافي لدولة قطر، وحاجة تركيا للطاقة الآن في الخليج، وحاجة قطر إلى الأمن الاستراتيجي في جوار مضطرب.. كل هذه العوامل  تدل على مستقبل مشرق في العلاقات الاستراتيجية الحالية الحديثة بين قطر وتركيا ، مضيفا بقوله " أن العلاقة  المتميزة بين تركيا وقطر نموذج ناجح يصلح أن يحتذي به ، وأتمني أن يكون بذرة للمزيد من التواصل بين الشعوب الإسلامية التي جمعت بينها حضارة واحدة  وخاصة بين الشعوب التي كانت مستظلة بظلال الدولة العثمانية، مثل الترك والكرد والعرب  ، والأكيد أن العلاقة القطرية التركية فرصة لإحياء الأرحام الدينية والتاريخية  والثقافية والإنسانية بين هذه  الشعوب  ومن أجل تحقيق الوحدة للمسلمين وزيادة قوّتهم  حتى يستغنوا عن مظلة أجنبية  ويلتحموا  من أجل  استئناف الحضارة الإسلامية من جديد..".