• 31 آذار 2021
  • مقابلة خاصة

 

القدس – أخبار البلد -  قال الكاتب والاديب "محمود شقير" في تصريح لشبكة " أخبار البلد" موجه كلامه للكاتب والاديب "إبراهيم نصر الله " بمناسبة صدور طبعة جديدة من كتابه "هزائم المنتصرين" :

أقول للأديب المبدع ابراهيم نصر الله: مبارك كتابك هذا "هزائم المنتصرين" الذي يعبر عن شغفك بالسينما منذ سنوات عمرك المبكرة حتى اليوم؛ هذا الشغف الذي جعلك مثابرا على متابعة كل جديد وجيد وممتع في عالم السينما، ومكنك من المشاركة في لجان تحكيم مرة للأفلام الطويلة وأخرى للأفلام القصيرة، والأهم ان هذا الشغف بالسينما قد ترك أثره الإيجابي على سردك الروائي الذي يبدو في أحيان غير قليلة كما لو انه تصوير للمشهد الروائي بكاميرا الكلمات؛ علاوة على تقصير طول المشهد واختزاله لقول الجوهري والضروري؛ واستخدام التقطيع والمونتاج السينمائي من أجل ذلك.

ثم انني لا أنسى حواراتنا الدائمة حول الأفلام التي يشاهدها كل منا؛ وقيام كل منا بلفت نظر الاخر الى ما شاهدناه من افلام جيدة تستحق المشاهدة. أغبطك على جدك واجتهادك ومثابرتك؛ وأبارك لك.

 وقال الكاتب المبدع "إبراهيم نصر الله " في مقابلة مع "أخبار البلد" هذا الكتاب والذي اعتبره بانه جزء من سيرته الفكرية.

هل بالإمكان أن تقول لنا سبب اختيار هذا العنوان المكون من كلمات متناقضة "هزائم المنتصرين"؟

 الكتاب كما أشرت عندما أعدت نشر فقرة من مقدمته على صفحتي في الفيسبوك، يسعى إلى تتبع المغزى الكامن في حكاية شائكة ملتبسة، وحزينة، وفيها من التراجيديا الشيء الكثير، إنها قضية المنتصرين المهزومين. أولئك الذي يستطيعون في النهاية الوصول إلى نجاة ما، إلى هدف ما، إلى حلم ما، إلى نهاية سعيدة ما، لكنها ناقصة، مجروحة، فبعضهم يخسر عزيزًا أو أعزاء في طريقه لتحقيق نصره، وبعضهم يخسر نفسه، كرامته، أو شرفه الإنساني، أو الوطني، حين يغمض عينيه عن جرائم الآخرين ليحظى بمساحة في النهاية، ضيقة مهما اتّسعت، على مسرح التتويج، ... ... في وقت يكون النصر أو النجاح، قد سلبه شيئا لا يمكن استعادته، هو أكبر من كلّ نصر تحقّق.

ولذا فإن شرف السينما والكتابة والفنون... سيظلُّ قائما في دفاعها عن كل أولئك "المغلوبين المترفّعين عن الانحناء" الذين يدركون أن ثمة نصرًا أكبر في ترفّعهم عن هذا النوع من الانتصارات، تلك النماذج المضيئة المستعدة لأن تخسر العالم من أجل أن تكسب نفسها، هؤلاء الذين حين سننظر إليهم، سننظر إلى الأعلى كي نراهم، لا إلى غبار الطريق.

وبالتالي هو عن أولئك الذين مهما كان حجم نصرهم فإنه لن يكتمل أبدا، ويمكن أن يمتد هذا المعنى ليذهب باتجاه دول وإمبراطوريات، وفكرة الاستعمار عن انتصاراته، وفكرة الاحتلال عن سيطرته، وفكرة كل ثورة تحرمه لذة النصر، وكل ثمن عليه أن يواصل دفعه بعد تحقيق النصر.

وكيف كان تقبل جمهور القراء له في الطبعة الأولى؟!

ـ استقبال الكتاب منذ طبعته الأولى عام 2000 كان رائعا بكل معنى الكلمة، فهو كتاب قائم على فكرة أو أطروحة تمس الإنسان، بل يمكن أن أقول كل إنسان، فالكتاب يتأمل المسافة الفاصل بين الطموح وتحقيقه، وهذا أمر له علاقة بالإنسان وكل هدف يسعى إليه، أكان صغيرا أم كبيرا، ولعل النماذج التي حللها الكتاب، والتي طرحتها السينما العالمية، هي أمثولات لنماذج عديدة في حياتنا، كما أن الكتاب إلى ذلك ضم شهادة طويلة حول علاقتي بالسينما، وعلاقة السينما بما أكتب، ولذا تحول إلى مرجع لدراسة أعمالي الأدبية أيضا، مع أن ذلك لم يخطُر في ذهني عند نشره، وبالتالي أصبح أشبه بجزء من سيرة فكرية لي، والتي ضمتها إلى جانبه كتب من هذا النوع، أصدرتها بعده، مثل: صور الوجود.. السينما تتأمل، والذي يقرأ الكيفية التي تعاملت بها السينما مع القضايا الكبرى مثل قضية الموت، المصير، الاختيار، الجمال، القبح، العدالة، الحرية، ومع هذا الكتاب كتب: "السيرة الطائرة"، "كتاب الكتابة"، "ليل المحو نهار الذاكرة" الذي صدر منذ أيام في بيروت في طبعة ورقية بعد صدوره في العام الماضي في طبعة إلكترونية.

وإذا عدنا إلى "هزائم المنتصرين" فمن الجميل أن طباعته لم تتوقف، والاهتمام به يزداد، ولعل ذلك يعود إلى أنه يتأمل فكرة مؤرقة إنسانيا، تتجاوز النقد السينمائي، مع أنها تنطلق من هذا النقد، وتذهب نحو واحدة من الأفكار التي سيظل الإنسان ملزما بها، أمام نفسه على الأقل، لأنه إن تهرَّب منها اليوم سيجد نفسه في مواجهتها بعد حين. إنها فكرة، أو مراجعة، غير قابلة للمحو بممحاة النسيان أو ممحاة الزمان.

  وهل تعتبر أن هذا الكتاب لهذا الزمان؟!

 منذ عشرين عاما يعاد نشره، وقد تغيرت أشياء كثيرة في هذا المدى الزمني، وعشنا تحولات كثيرة، ولكن القراء يتعاملون معه كما لو أنه صدر الآن، وربما ذلك يعني أنه جزء من المشاغل الفكرية لدى هذا النوع من القراء الذين يرون في السينما أفقا بلا حدود لتأمل حال البشر حيثما كانوا، ولعله أيضا يجيب على كثير من أسئلتهم الإنسانية التي لا يمكن أن تكون خلفهم.