- 4 تموز 2024
- مقابلة خاصة
القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي :
لقد أبدع الكاتب والصحفي "أنور حامد" في تناول حالة غائبة عن الأدب الفلسطيني وخاصة في القدس ، مما يفقده الكثير من التنوع، فغالبية ما نشر حتى الآن هو عن اللاجئ والمعاناة والفلاح المقهور من ظلم أهل المدينة ، ولم نرى الكثير من الأدب الذي يروى سردية الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في المدينة في الفترة العثمانية والانتداب وحتى الفترة الأردنية التي كانت الأكثر تفاعلا وصولا إلى الاحتلال الاسرائيلي الذي عمل على تدمير كل ما تبقى من هذه مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
وجاء هذا في منشور نشره الكاتب صاحب كتاب" يافا بعد قهوة الصباح " والعديد من الكتب والمقالات على صفحته في الفيسبوك يتحدث فيها عن كتاب اسرائيلي حظي باهتمام عالمي في أوساط المثقفين والكتاب ، فهو يتناول حكاية عائلة يهودية في مدينة القدس في فترة زمنية معنية موحيا هذا الكتاب أن القدس كانت يهودية والثقافة كانت يهودية أما العربي المقدسي فهو هامشي جاهل.
ويشرفنا في " أخبار البلد" ان نعيد نشر ما كتبه الصديق ": انور حامد " في صفحته على الفيسبوك على امل ان نجد من كتاب القدس وغيرها من يحاول ان يجد بذلك دافعا له :
كلما شاهدت فيلما أو قرأت رواية تروج السردية الإسرائيلية وقارنتها بالطريقة التي يحاول فيها معظم الروائيين الفلسطينيين تقديم سرديتهم أرى الفرق صارخا . الفلسطيني ، غالبا، يعتقد أن عليه تقديم الشخصية الفلسطينية ناصعة البياض ، أو كتلة من السلبية في حال كان "غير وطني" ، وبالتالي تكون الشخصية غير مقنعة.
.صانعو المحتوى الإبداعي الإسرائيلي يروجون سرديتهم بدورهم ، لكن بشكل مبطن بعيد عن المباشرة، وما هو أهم ، دون أن يكون على حساب القيمة الفنية للعمل .
تحدثت سابقا عن أفلام ( ميونيخ، عازف الكمان على السطح ) ، وهنا سأتحدث عن رواية كتبتها ساريت يشاي ليڤي، وهي صحفية في الأصل، كانت قد التقت ياسر عرفات .
عنوان الرواية "ملكة جمال القدس" ، هي روايتها الأولى وكتبتها وهي فوق الستين ، تتابع الرواية حياة عائلة يهودية في القدس من أصل إسباني من عشرينيات حتى سبعينيات القرن الماضي .
الرواية لا ترسم صورة مثالية لليهودي في فلسطين قبل عام ١٩٤٨ : هناك تنوع في الشخصيات ، الكثير منها ، خاصة النسائية في البدايات، أمية لا تفك الحرف ، الثقافة السائدة ذكورية. المجتمع يعاني من مشاكل كثيرة . ما لفت انتباهي هو وجود شرخ كبير يكاد يصل مستوى العداء والكراهية بين اليهود السفارديم والاشكناز .
يجري الحديث في الرواية عن منظمات يهودية تمارس الإرهاب ، وهكذا تصورها الرواية .
لكن …
وهذا هو بيت القصيد: نحن في القدس، العربي الفلسطيني باهت الحضور ، إن وجد فهو إما خادم للتاجر اليهودي أو حمال أو شيء من هذا القبيل .
الحديث يدور عن القدس لا عن تل أبيب .ويأخذ القارئ انطباعا أن المدينة يهودية بشكل شبه كامل . نمط الحياة أوروبي بالكامل ، حياة ليلية ونوادي رقص وتعليم عال .
مظهر الشخصيات أوروبي . حين يظهر العربي يكون ممتطيا حمارا مرتديا الزي التقليدي لفلاحي فلسطين ( لنتذكر الحديث يدور عن القدس….).
إذن الرواية تعكس صورة مسيسة ، غير حقيقية للواقع، لكن تقديمها له واقعي تماما، مقنع، جذاب سرديا . أي ببساطة نقيض الرواية الفلسطينية الشائعة ، التي ، في رأيي، تتبنى الذهنية الستالينية لتصوير الواقع ، فهي تشبه أدب وأفلام المجر مثلا، في خمسينيات القرن الماضي، والتي أصبحت مادة للسخرية في الدول الاشتراكية نفسها بعد عقدين فقط من الزمن، أي حتى في زمن النظام الاشتراكي