- 11 أيلول 2024
- مقابلة خاصة
كتب : خليل احمد العسلي
في ساعات الفجر الأولى كعادتي أرسل تحية الصباح لعدد من الأصدقاء الذين أعرف أنهم لا ينزعجون من هذه التحية الفجرية الصباحية، هذه التحية هي بمثابة إلقاء التحية والسؤال عنهم، قبل بدء اليوم والانصهار فيه والذي عادة ما ينسينا أنفسنا واصدقائنا الذين نتذكرهم في تحية صباح فجر اليوم التالي .
في هذه الصباح وصلني رد سريع من صديقي "بسام فتحي البلعاوي " ذلك الصديق الذي لم التقيه وجها لوجه ولكن هو المثال الافضل لاي فلسطيني صادق وطني حنون على وطنه وعلى قضيته ، فهو يثير من خلال عمله المتواصل والدؤوب كل التقدير والاحترام .
ونحن في " أخبار البلد" المقدسية سعداء لأن نكون شاهد على هذا العمل الفني من خلال تخصيص مساحة تليق بهذا الجهد الفني النقي الذي يقوم به بسام الذي لا يعرف الكلل والتعب لأنه يخدم هدفا ساميا ، هذا الصديق الذي يعيش في إحدى الجمهوريات الروسية ويبعد عن القدس آلاف الأميال رد علي تحية الصباح برسالة صوتية قال فيها:
- انت يا صديقي دائما سباق باللقاء تحية الصباح علينا ولكن هذا اليوم لم اتأخر في الرد عليك ، لانني الان جلست قبالة مقود سيارتي متجها الى جمهورية تتارستان ، هذه الرحلة سوف تستغرق عدة ساعات حيث يجب أن اكون هناك في الساعة الثامنة فلدينا يوم حافل في متحف المدينة حيث سنجتمع مع طلاب المدارس على شكل مجموعات كل ساعتين كل مجموعة مكون من أربعين إلى خمسين طالبا اضافة الى قساوسة وأئمة مساجد ، من اجل ان نشرح لهم عن تاريخ وثقافة فلسطين وعن لوحات الرسم حول فلسطين التي رسمها فنانين روس ، ويشاركني بهذا الجهد اثنين من كبار الفنانين الروس والذين سوف يقدمون شرحا عن سبب انضمامهم لهذا الجهد ورسم فلسطين .وسوف نقوم بعمل ورشة رسم لهم ايضا. هذا النشاط سوف يستمر حتى الساعة السادسة مساءا قبل أن ننطلق عائدين إلى بيوتنا في جمهورية تشوفاشيا .
فكتبت له :
الله يعطية العافية هذا جهد كبير
فقال برسالة صوتية :
انا انام على وطني واصحى على وطني وهذا شي اعتز به ، لأن من لا يحمل هم شعبه وهم وطنه في أي مكان يتوجه إليه يصبح هو نفسه هما على وطنه وشعبه . صدقني اخي الحبيب ، نحن يجب ان ننقل بأمانة قضية شعبنا في أي مكان نستطيع ان نذهب اليه في هذا الكون .
ولكن هذا النشاط متعب ومكلف جسديا ونفسيا ومعنويا وماديا خاصة أنك تعمل على مدار الساعة ونحن نتابع ذلك عن قرب؟
فرد برسالة صوتية
لا يوجد اي شيء سهل في الحياة ، ومن يحب وطنه يجب عليه أن يتعب، ومن لديه ضمير لشعبه وقضيته لا يجب ان يقول انه تعب حتى النفس الأخير في حياته
يا اخي الحبيب لو حسينا التكلفة التي سنقدمها عندما انطلقنا في مسيرتنا ، ما كنا قد بدأنا اصلا كان همنا ان نحمل امانة شعبنا وقضيتنا الى الشعوب الاخرى ومن خلال صداقتنا هذه الشعوب نفسها تصبح لسان حال الشعب الفلسطيني وتنقل قضيته إلى كل مكان.
هذا كلام جميل ولكن هناك من يريد من الوطن ان يقدم له كل شيء حتى نفسه الأخير وليس العكس.، هكذا علقت على كلامه .
فجاء رده :
يا صديقي انا اخذ المثل من الناس الوطنية المخلصة ، وأنا ابن فتحي البلعاوي ، الذي عاش طيلة حياته يقدم ويعطي بدون اي مقابل وبدون ان يفكر ماذا سيأخذ في المقابل ونحن أولاده من المستحيل أن نكون غير ذلك ، فنحن ورثنا عنه كل هذه الفضائل .
واضاف عبارة فيها الكثير من المعاني
شعبنا وقضيتنا ووطنا بحاجة الى لمسة حنان من أبنائه، لمسة حنان في هذا الوقت العصيب، في هذا الوقت الذي ينزف الشعب دما ، ماذا تعني لمسة حنان ؟
تعني ان تكون فلسطينيا حتى النخاع اينما كنت ، اينما توجهت، أن تكون ضمير شعبك، ليس المطلوب منك ان تكون بطلا مغوارا، كن لسان حال شعبك، كن أنت من ينقل قضيته للعالم باخلاصك وأمانتك واخلاقك وبحبك للناس وحبك لعمل الخير ، الان اطلقنا مشروع عالمي لكل اطفال روسيا والعالم بعنوان العمل الطيب والخير ونحن نريد اطفال روسيا والعالم وان يرسموا كيف يريدون ان يكون العالم بدون حروب عالم السلام .، نريد أن نترك العالم وقد تركنا بصمة حب وأمل بغد افضل لاطفال فلسطين والعالم اجمع .
هذا الحديث أصابني بحالة من الانجذاب والدهشة فهو حديث نابع من القلب والذي يدل على روح ناطقه ، فهو لم يكون حديث اعلامي لتسويق نفسه ومشروع ، ولكنه سيل متدفق من أعماق روح هذا الإنسان الذي وإن اختلفت معه في بعض الاحيان ، الا انك لا تملك الا ان تحترم إصراره واندفاعه المخلص نحو شعبه وقضيته فهو وجد ضالته في الرسم والفن والمعارض وحطم كل الأرقام القياسية بعدد المعارض التي أقامها ويقيمها في الجمهوريات الروسية وفي عدد الفنانين الروس الذين يشاركونه حب فلسطين ويرسمون هذا الحب ألوان وأيقونات صادقة .
هنا توقف عن الحديث بعد أن تمنى يوما سعيدا ، وتمنينا له يوما مثمرا ، واتفقنا على اللقاء عند تحية الفجر القادم …