- 12 أيلول 2024
- مقابلة خاصة
القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي
تنشر جريدة " أخبار البلد" المقدسية الجزء السابع من يوميات الروائي والأديب والكاتب والناقد المقدسي " محمود شقير" صاحب البصمة الواضحة في الأدب عامة وفن القصة القصيرة جدا والذي يعد من رواها في العالم ، والذي خص قراء " أخبار البلد" بهذا الجزء من اليوميات الممتعة التي تحمل الكثير من الوقائع والأحداث الثقافية وغير الثقافية في المدينة التي كتب عنها الأستاذ شقير بطريقته المميزة، فكانت المدينة التي عاش واحب وعاد لها، ويقضي أيامه في أحضانها كاتبا وناقدا حاضرا اجتماعيا وثقافيا، لا يفكر بمغادرتها ولو لفترة قصيرة فهو لا يطيق البعد عن معشوقته القدس بعد أن اجتمع بها.
انه العشق الذي لا يعرفه إلا أهل القدس فقط . .
هذا ما خطته قلم الأستاذ الروائي الكبير محمود شقير في يوميات
الأحد 8 / 9 / 1996 عدت من السفر. كنت في هولندا أنا و جمال غوشة ورائدة غزالة لحضور مهرجان المسرح الهولندي. كان خالد وعصام في انتظاري عند مدخل المطار.
ركبنا سيارة خالد وعدنا إلى البيت. جلست بعض الوقت مع العائلة. فرحت لبشار الذي أصبح يمشي الآن، ولكنه لم يتعرف علي بسبب انقطاعي عنه فترة غير قصيرة (كان مع أمه في عمان) وفرحت لمحمود وشروق. زرت الوالد والوالدة ومكثت عندهما بعض الوقت.
***
الثلاثاء 10 / 9 / 1996 استلمت رسالة من الشاعر النرويجي كنوت أوديغارد رئيس مهرجان بيورنسن الذي شاركت فيه قبل شهرين، وقد أرسل لي ديواناً له باللغة الانجليزية، واقترح علي أن أترجمه إلى العربية. التقيت في مبنى الوزارة مع جمال غوشة لمدة دقيقة، و تمازحنا حول رحلتنا الممتعة إلى أمستردام.
اجتمعت اليوم مع الوزير ياسر عبد ربه والوكيل يحيى يخلف وثبتنا أسماء الكتاب والفنانين التشكيليين الذي سوف يشاركون في الموسم الثقافي الفلسطيني في باريس، وكنت قد شطبت اسمي عمداً حتى لا يقال إنني أشرفت على تحضير هذا الموسم وأعطيت لنفسي امتيازاً بالمشاركة.
***
الجمعة 20 / 9 / 1996 عدت من باريس، و أصبت بالأنفلونزا نتيجة للتغير في الطقس. الساعة الآن الواحدة ليلاً. أشعر بالتحسن بعد التهام كميات من الأكامول خلال اليومين الماضيين. بقيت ممدداً في الفراش أستمع إلى الإذاعة الفلسطينية. جاء الوالد للسلام عليّ، وجاء بعض الأقارب كذلك. حينما عدت من باريس، كان خالد في انتظاري في المطار. وقد جاء مبكراً وانتظرني عدة ساعات.
توجهنا إلى بيت أمين الذي استأجره في القرية على مسافة من بيتنا. احتفلنا مع العائلة بعيد ميلاد بشار. عمره الآن سنة واحدة. ولد في 17 / 9 / 1995 وهو يوم ذكرى مذبحة صبرا وشاتيلا. بشار طفل وسيم حاد الذكاء. كان هناك أيضاً الحفيد محمود خالد، الذي ينطق اسمه كلما سألته عنه على النحو التالي: مهمود آدد.
***
الخميس 26 / 9 / 1996 هذا يوم قاس في تاريخ الشعب الفلسطيني. ومثله كان يوم أمس الأربعاء. اندلعت مظاهرات ومواجهات عنيفة في القدس وبقية مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب قيام الإسرائيليين بفتح النفق الموصل بين حائط البراق ومنطقة باب الأسباط. آخر إحصائية للشهداء: 65 شهيداً بينهم شهيدة واحدة من غزة. وعدد الجرحى حتى الآن 1086 جريحاً. هذا اليوم، لم أذهب للعمل. بقيت في البيت. حاولت أن أمارس هوايتي في الرسم. رسمت ما يشبه قبة الصخرة محاطة بطيور جارحة.
لم يعجبني هذا الإنجاز لما فيه من تسطيح. الساعة الآن الواحدة إلا الربع ليلاً. منذ أن عدت من باريس، لم أقرأ شيئاً. كتبت قبل ليلتين مقالة عن المهرجان العاشر للمسرح الهولندي، لنشرها في دفاتر ثقافية.
***
السبت 28 / 9 / 1996 ذهبت إلى الوزارة. الشوارع مليئة بالجنود الإسرائيليين ورجال الشرطة تأهباً لقمع أية تحركات شعبية. استمرت الهبة ثلاثة أيام. يوم أمس اشتعلت المواجهات العنيفة في المسجد الأقصى وفي كل أنحاء البلاد. كان الحضور إلى الوزارة محدوداً هذا اليوم. عدد غير قليل من الموظفين لم يداوموا. حالة من الحزن والأسى والغضب تسيطر على الناس بسبب الدماء الغزيرة التي سالت خلال الأيام الثلاثة الماضية. ذهبت في الساعة الرابعة من بعد الظهر إلى مكتب الحزب لحضور اجتماع من أجل التحضير للاحتفال بالذكرى العشرين لرحيل فؤاد نصار.
تداولنا في بعض القضايا الخاصة بالاحتفال، ثم غادرت المقر. هذا اليوم، يصادف الذكرى السادسة والعشرين لرحيل القائد جمال عبد الناصر. آه، كم تردت أحوال الأمة بعد وفاته. كان على الرغم من فرديته وأخطائه قائداً قومياً قادراً على إشاعة الأمل في نفوس الناس. لقد خسرنا عبد الناصر في زمن شديد الالتباس
يتبع …