• 18 تشرين الثاني 2024
  • مقابلة خاصة

 

القدس - أخبار البلد - كتب المحرر الثقافي 

   لقد اثلجت صدورنا  بردود الفعل الواسعة من القراء الاعزاء والذين أكدوا في رسائلهم  إلى غرفة التحرير عن سعادتهم وانتظارهم  في الوقت نفسه  يوميات الروائي الكبير " محمود شقير " تلك اليوميات التي حرصت جريدة " أخبار البلد" المقدسية نشرها  تباعا فور وصولها من أديبنا المبدع " شقير"  صاحب البصمة الواضحة في الأدب عامة وفن القصة القصيرة بشكل خاص والذي يعد من رواها في العالم ، تلك اليوميات التي تدخل القارئ في  أجواء القدس الجميلة بحلوها ومرها فهي بمثابة شهادة على فترة عشناها وعاشتها فلسطين بشكل عام  .

  الروائي الكبير خص قراء " أخبار البلد" بهذا الجزء من اليوميات  الممتعة  التي تحمل الكثير من الوقائع والأحداث الثقافية وغير الثقافية في المدينة التي  كتب عنها الأستاذ  شقير بطريقته المميزة،  فكانت المدينة التي عاش واحب وعاد لها، ويقضي أيامه في أحضانها كاتبا وناقدا حاضرا اجتماعيا وثقافيا، لا يفكر بمغادرتها ولو لفترة قصيرة فهو لا يطيق البعد عن معشوقته القدس بعد أن اجتمع بها.

واليكم اليوميات : 

14 السبت 15 / 3 / 1997 أنا الآن في السادسة والخمسين من عمري، واليوم هو عيد ميلادي. قال الوالد: كنت أشتغل في مدينة غزة حينما ولدت. وقالت الوالدة: عمك عايد هو أول من جاء لكي يبارك لي بولادتك. ولم أتمكن من مواصلة النوم في الصباح. رنّ جرس الهاتف في الخامسة والنصف.

 إنه ابني أمين. ردّت عليه أمه. قال إن الزوجة على وشك الولادة. نقلها ابني خالد في سيارتي إلى مستشفى المقاصد. في الثامنة ولدت طفلها الثاني. 

أسماه أبوه وأمه: أسامة. فرحت لأنه ولد في الخامس عشر من آذار، اليوم نفسه الذي ولدت فيه. أصبح لي اليوم سبعة أحفاد.

 ولم أحتفل بعيد ميلادي كالعادة. كتبت في المساء مقالة لدفاتر ثقافية.

 الساعة الآن تقترب من الثانية عشرة والنصف ليلاً. ثمة مطر في الخارج. سأقرأ ساعة ثم أنام.

***

 الخميس 27 / 3 / 1997 تعبت طوال الأيام الخمسة الماضية. انهمكت في المؤتمر الثقافي الأول الذي انعقد في جامعة بيرزيت بمبادرة من اتحاد الكتاب الفلسطينيين. شارك فيه كتاب أجانب من ست وثلاثين دولة. أجرت معي الإذاعة الفلسطينية مقابلة على الهاتف حول المؤتمر.

 تحدثت عن نتائجه الإيجابية، وكيف أنه كان فرصة لنا لفضح ممارسات حكام إسرائيل ضد شعبنا. هاتفني وزير التربية والتعليم ياسر عمرو، وهنأني على الحديث الذي أجرته معي الإذاعة، وقال إنه استمع إليه وأعجب بما قلت، ففرحت لذلك وشكرته. كنت عضواً في اللجنة التحضيرية للمؤتمر.

 دعوت الشاعر النرويجي كنوت أوديجارد وزوجته إلى سهرة في مقهى العجمي في البلدة القديمة برام الله. كنت تعرفت على كنوت حينما شاركت في مهرجان أدبي في بلدة مولدي في النرويج صيف العام 1996 ، ودعاني مع عدد آخر من الكتاب إلى بيته. 

في ليلة سابقة، دعوت عدداً من الكتاب القادمين من الأردن ومن وراء الخط الأخضر إلى سهرة في المقهى نفسه. استمعنا إلى الغناء و غنينا وسهرنا سهرة ممتعة.

***

 الجمعة 28 / 3 / 1997 أمضيت سبع ساعات وأنا أقرأ مقالات سياسية وفكرية وثقافية في صحف ومجلات مكدسة لدي منذ أشهر، ولم أتممها كلها، وسوف أعود إلى ما تبقى منها في وقت لاحق. الساعة الآن تقترب من الواحدة والنصف ليلاً. 

قبل ساعة اغتسلت، وبعد قليل أقرأ نصف ساعة في التوراة. منذ أشهر وأنا أعيد قراءة التوراة. الهدوء يخيم في البيت وفي الخارج. الطقس ليس شديد البرودة. 

انتهت موجة البرد التي فوجئنا بها طوال هذا الشهر. منذ زمن لم أمارس هواية الرسم. المزاج عادي. الصحة جيدة. ثمة كتب كثيرة لم أقرأها بعد.

 

***

 الثلاثاء 8 / 4 / 1997 الساعة الآن الثانية عشرة والنصف ليلاً. تهب في الخارج رياح شديدة، تحتك بنوافذ البيت فيصدر عن ذلك صوت كالنواح.

 كنت نهباً للقلق هذا اليوم واليوم الذي قبله، بسبب بعض منغصات العمل في الوزارة. أحاول أن أصرف الأمور بمرونة لكنني لا أنجح في ذلك دائماً. 

هذا الصباح، زارني في مكتبي بالوزارة، ساجي سلامة خليل أحد المناضلين المعروفين، الذي يعمل الآن مديراً عاماً في هيئة متابعة شؤون اللاجئين. تبادلنا حديثاً سريعاً حول تجربتنا السياسية في السنوات السابقة، وتأسينا على الانهيار الذي وقع. هذا المساء، بقيت ثلاث ساعات في مسرح السراج لمتابعة التدريبات على مسرحيتي الجديدة للفتيات والفتيان: "كله ع الريموت". 

لم أشعر بارتياح لما أنجز من ديكور وتدريبات حتى الآن. بحثت الأمر مع المخرج وليد عبد السلام، وقال إنه لن يعرض المسرحية إلا بعد اكتمال التدريبات. كنت أتأمل تجربتي في الكتابة للمسرح، وأرى أنها لم تكن مثلما توقع الأصدقاء الكتاب، خصوصاً بعد مشاهدتهم مسرحيتي الأولى "ديموقراطي بالعافية" التي حظيت بإقبال جماهيري واسع، مع أنها لم تكن ذات مستوى فني عميق، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون. الريح ما زالت تعول في الخارج، وأنا لست في مزاج جيد، لكنني سأقرأ حتى الثانية ليلاً في رواية سحر خليفة: "الميراث".

 يتبع...15