- 4 آيار 2025
- مقابلة خاصة
القدس - أخبار البلد - كتب خليل احمد العسلي
لقد أصاب كبد الحقيقة الصديق الدكتور "طلال ابو عفيفة" رئيس ملتقى المثقفين المقدسي عندما قال في تصريح له لجريدة " أخبار البلد" المقدسية " لي الفخر ان مهرجان زهرة المدائن ( الثامن عشر ) مازال يقام حتى اليوم منذ عام ٢٠٠٨ لتكريم من يكتبون ويبدعون للقدس وعن القدس من كتاب وأدباء وفنانين "
وكان هو ورئيس مجلس إدارة الملتقى قد اكتفوا بالتلميح على التصريح في الحفل الذي أقيم في مقر وزارة القدس في الرام عندما المحوا الى امكانية ان يكون الحفل هذا العام هو الأخير، بسبب الازمة المالية وقلة الدعم المقدم من الجهات التي يجب أن تقدم كل الدعم والتشجيع للثقافة وروادها ، مما يضع في مهب الريح هذا الانجاز للقدس ومثقفيها وعشاقها.
عندما تنظر حولك الى واقع الثقافة في بلادنا عامة وفي القدس خاصة تفكر مليا وبعمق وتسرح في الفضاء كثير وتستذكر ما قاله ذات يوم المفكر العالمي " نعوم تشومسكي " إن المثقفين لديهم مشكلة،عليهم تبرير وجودهم".
هل فعلا على معشر المثقفين أن يبرروا وجودهم أمام المؤسسات الرسمية والدولية حتى أمام المجتمع الذي يعيشون فيه من أجل البقاء ؟ هل حقا يعيش المثقف غربة خانقة في مجتمعه وحيدا في بلده ؟
وهذا يدفعنا إلى طرح سؤال آخر وهو لماذا على المنغمسين بالمجال الثقافي أن يعيشوا الكفاف؟ بل ان بعضهم تخطى ذلك بكثير
اسئلة كثيرون طفت على السطح مرة اخرى جميعها تصل الى نتيجة واحدة ووحيدة وهي ان المؤسسات الثقافية عامة والمثقفين من كتاب وفنانين وروائيين وشعراء قاربوا على الاستجداء، وأن ما بقي من مؤسسات ثقافية في القدس إن لم تجد ممول اجنبي يملي عليها أجندته الثقافية التي تهدف إلى تخريب المجتمع من جذوره فإنها سوف تغلق ابوابها ان لم تكن قد اغلقت ابوابها فعليا قبل الانتهاء من كتابة هذه المقالة .
ولهذا فإن المطلوب القيام بمبادرات فردية وصغيرة من أجل البقاء ومن أجل القدس فهذه الفئة من الناس هم حراس الذاكرة والثقافة ، وهنا يجب المرور على مبادرة جريئة قام بها الصديق الفنان رائد الحركة الفنية التشكيلية في القدس الفنان "طالب الدويك" عندما حاول ونجح في اعادة الفنانات والفنانين التشكيليين الى مسار الفن بعد ان فقدوا الامل بهذا الفن وانخرطوا بأعمال لا تم الى جوهرهم بصلة من اجل العيش الكريم قبل أن يجدوا أنفسهم على قارعة الطريق. فلقد قام بتجميعهم في إطار فني ثقافي ونشط في عمل المعارض وسلط الإعلام على تلك المواهب الفنية لدرجة أننا نشهد هذه الأيام نهضة حقيقة في هذا الفن، دون اي دعم حكومي ومؤسساتي ، بل بمبادرات فردية وجهد شخصي، ورغم ذلك فبدون اي نوع من الدعم من المجتمع ومن المؤسسات الرسمية فإن هذه القائمين على هذه المبادرة سوف ينهكون ويستنفزون وتسحقهم متطلبات الحياة والفن معا ويبدو أن المؤسسة الرسمية الفلسطينية نسيت ان من بين كل الأشياء التي تميز الأمم عن بعضها هي ثقافتها، لذلك من الضروري التحلي بالثقافة قدر المستطاع. كما نسي المسؤولون أن ثقافة الشعوب هي التي تمدهم بالقوة، لذلك على كل شعب أن يبذل قصارى جهده في سبيل الثقافة التي هي ذاكرة الشعوب .
وفي هذه العجالة يجب أن نكون صادقين وان نقول ان جزء من الازمة التي تعيشها الثقافة الفلسطينية سببها معشر المثقفين الذين يكرهون النقد ويعشقوا المدح حتى لو كان رياء فاضحة، فهذا المدح غير الصادق يكون على حساب جودة الثقافة والإنتاج الثقافي ، فليس كل من خط بقلمه فقرتين يقال له كاتب او شاعر أو روائي او فنان ، ناهيك عن الشللية بين معشر المثقفين بدل العلاقة المبنية على المهنية العالية والنصيحة والمساعدة من أجل ناتج الثقافي راقي عالي الجودة يليق بهذا بحراس الذاكرة ورافعي راية الثقافة .