• 13 حزيران 2021
  • ثقافيات

 

عمّان – أخبار البلد - عقد منتدى الفكر العربي لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، تناول قراءة تاريخ الصراعات حول القدس تاريخياً، وحاضر فيه د.نعمان جبران أستاذ دراسات التاريخ الإسلامي في جامعة الكويت. وشارك بالمداخلات في اللقاء، الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمور، كل من: د.عادل هلال أستاذ التاريخ في جامعة دمنهور بمصر، و د.ميسون ذنون العبايجي مديرة مركز دراسات الموصل في جامعة الموصل بالعراق، و د.ماهر يونس أبو منشار من قسم العلوم الإنسانية – برنامج التاريخ في جامعة قطر، و د.محمد هاشم غوشه عضو المنتدى ومدير مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس، والمؤرّخ وعالم الآثار الأميركي المتخصص في تاريخ الأردن وفلسطين د.روبرت شيك، و د.فريال العلي عضو المنتدى والكاتبة وأستاذ الأدب والنقد المشارك في جامعة أم القرى بالسعودية، والأستاذ خليل العسلي الكاتب ورئيس تحرير شبكة "أخبار البلد" الإعلامية من القدس.

أشار د.نعمان جبران، أستاذ دراسات التاريخ الإسلامي في جامعة الكويت، إلى أهمية مدينة القدس باعتبارها مدينة استثنائية في قدسيتها، حيث إنها المكان الوحيد في العالم، قديمه وحديثه، الذي يحظى بتقديس مختلف الأعراق وأتباع الديانات السماوية الثلاث، كما أنها مدينة استثنائية في استمرار سيرتها عمراناً وازدهاراً رغم كل ما حاق بها من احتلالات من قوى مختلفة عبر آلاف السنين.

وأوضح د.جبران المراحل التاريخية المختلفة من التاريخ الإسلامي التي مرّت بها مدينة القدس، ابتداءً بالعهد الراشدي الذي عاشت فيه عصرها الذهبي، ثم العهد الأموي الذي كان لها عصراً مجيداً عمراناً وثقافةً، وغير ذلك من العهود العربية والإسلامية؛ وصولاً إلى استيلاء الفرنجة عليها خلال ما سمّي بالحروب الصليبية؛ مبيناً أثر استمرار الصراعات البينية التي تلت عهد صلاح الدين الأيوبي، الذي حرر القدس بعد تسعة عقود من السيطرة الفرنجية، والتي استمرت حملاتها القادمة من الغرب حتى عصر المماليك حيث أصبحت القدس في عهدتهم، ومن بعدهم في عهدة العثمانيين، وصولاً إلى مجريات الحرب العالمية الأولى، وخضوع المدينة المقدسة للسيطرة البريطانية، ثم ما تبعها من تطورات خلال ثلاثة عقود أدت إلى وقوعها تحت الاحتلال الصهيوني.

وأكّد د.جبران أهمية العمل في سبيل تحرير القدس والأراضي المحتلة بكل الوسائل المشروعة والمتاحة، سواء أكانت دعماً مالياً أم نضالياً، وتحفيز البحث والقراءة عن القدس وفلسطين وتاريخهما، حتى تبقى القضية حيّة في النفوس، والعمل على إيضاح الحقوق العربية في المدينة وحقيقة ممارسات العدو الصهيوني ومخططاته وهمجيته وعنصريته الاستعلائية تجاه الآخرين.

وأشار الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية إلى النتائج التاريخية التي انتهى إليها مَن تعاملوا مع القدس أو نظروا إليها على أنها وسيلة يمكن أن تخدم صراعاً سياسياً، أو مطمعاً يجحف بحقوق إنسانها وأهلها وسكانها من العرب والمسلمين، وقال إن أهلها هؤلاء هم الذين صانوها كجزء من العقيدة الروحية والواجب الإنساني تجاه البشرية جمعاء، وهذا جوهر الوصاية الأردنية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس.

كما أشار د.أبوحمور إلى ما أكده سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه، من ضرورة تنزيه القدس عن الصراعات السياسية واحترام كيانها، من خلال احترام قيمة الإنسان ومعنى القداسة المتمثلة في روحيتها واحترام الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية؛ إذ يوضح ذلك الوضع الطبيعي للقدس في إطارها الزماني والمكاني، ومن ناحية أخرى يفتح آفاق الرؤية السديدة على المستقبل الأمثل لهذه المدينة المقدسة.

وبيّن د.عادل هلال، أستاذ التاريخ في جامعة دمنهور بمصر، أهمية تكثيف جهود العلماء والمثقفين وأساتذة الجامعات من جميع التخصصات الإنسانية والاجتماعية وتوحيدها، من أجل تأليف مجلدات شاملة عن تاريخ مدينة القدس، بدءاً من تاريخها القديم حتى اليوم، إضافة إلى جمع الكتب والرسائل العلمية عنها في المكتبات ورقياً وإلكترونياً، ووضع مقرر دراسي متخصص بها وبتاريخها في الجامعات العربية والإسلامية كافة.

وأوضحت د.ميسون ذنون العبايجي مديرة مركز دراسات الموصل بجامعة الموصل في العراق، أهمية النظر إلى أسس التأريخ عن مدينة القدس والأحداث التي مرت بها في مختلف المراحل التاريخية، والبحث فيما إذا كان هذا التأريخ نابعاً عن وجهة نظر المؤرخ الشخصية، أم متأثراً بالمحيط السياسي للمؤرخ، من أجل بيان الاختلافات في الروايات التاريخية والتوصل لفهم أعمق لها.  

وأشار د.ماهر يونس أبو منشار من قسم العلوم الإنسانية – برنامج التاريخ في جامعة قطر، إلى أن تراجع المعرفة حول أهمية مدينة القدس أدى إلى جعلها مكاناً للمساومة والمقايضة حفاظاً على المصالح الشخصية في بعض المراحل التاريخية.  كما أن الضعف المعرفي والثقافي إضافة إلى تشرذم الصف العربي والإسلامي مهّدا لاستغلال العدو لهذا الضعف والجهل من أجل الاستحواذ على مدينة القدس واحتلالها؛ داعياً إلى ثورة معرفية لتحريرها.

وأكّد د.محمد هاشم غوشه مدير مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس، أهمية تحصين مدينة القدس ضد العدوان عليها من خلال استمرار البنيان والعمران في العديد من المراحل التاريخية، ونظراً لما عانت عبر الكثير من مراحل تاريخها من انعدام الاستقرار، مما يُبرز أهمية دراسة الأسباب التي أدت لذلك، إضافة إلى البحث في طبيعة هذه المراحل التاريخية، والعوامل التي قللت من الانشغال بالعلوم في بعض الفترات، وذلك من أجل تأمين مستقبل القدس واستقرارها. 

وبيّن المؤرخ وعالِم الآثار الأميركي د.روبرت شيك، ضرورة النظرة الشمولية للأحداث التي مرت بها مدينة القدس خلال المراحل التاريخية المختلفة، وارتباطها بالأحداث الأخرى التي كانت تقع خارج حدود الدولة الإسلامية، لما يحققه اتساع الأفق في البحث من فهم عميق لمجريات تاريخ القدس والأسباب والعوامل التي أدت إلى مجريات هذا التاريخ، موضحاً أن الغزوات المغولية رغم اتساعها وقوة حملاتها فشلت في غزو بلاد الشام والقدس .

وأوضحت د.فريال العلي أستاذ الأدب والنقد المشارك في جامعة أم القرى السعودية، أن الدارسين لتاريخ الأندلس يبحثون في الحروب بين الفرنجة من جهة والمسلمين والأندلسيين والمغاربة من جهة أخرى في شق منفصل عنها في المشرق، بينما يمكن التوصل إلى نتائج توضّح مجريات تلك الحروب بشكل أكبر بتضافر الجهود بين الباحثين المشارقة والمغاربة حول حملات الفرنج في مشرق العالم الإسلامي ومغربه، خاصة أن سقوط بيت المقدس وسقوط الأندلس كانا وجهان لعملة واحدة.

وأشار الكاتب والإعلامي خليل العسلي رئيس تحرير شبكة "أخبار البلد" الإعلامية من القدس، إلى أن أخطر ما تواجهه مدينة القدس هو تغيير الرواية والتاريخ والجغرافيا، مما يدعو إلى تخصيص المحاضرات والندوات من أجل إبقاء القدس حيّة في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية، وتأكيد البديهيات المقدسية في وجه الهجمة المدروسة والمنظَّمة التي تتعرض لها. ومن الأهمية بمكان استمرار الباحثين والمؤرخين في الكتابة عن القدس وتأريخها نظراً لقلة المصادر التاريخية عنها، بينما تُكرّر المصادر المتوفّرة بعضها بعضاً، وينقل جزء منها معلومات مغلوطة تتبنى روايات الآخر.