• 6 آب 2022
  • ثقافيات

 

 القدس - أخبار البلد - بعث الكاتبة "افلين الاطرش " رسالة للروائي والقاص الكبير" محمود شقير" حول كتابه " تلك الأزمنة " ويسعدنا في شبكة " أخبار البلد" التي أخذت على عاتقها  نشر كل ما يخص الروائي المبدع شقير ان تعيد نشر الرسالة كما نشرها الأستاذ شقير : 

 رسالة عن تلك الأزمنة

العزيز الغالي أبو خالد...

قرأت بمتعة تلك الأزمنة، لم يوفرها تلك الأمكنة، وذلك لابتعادك عن أسلوب تقريري ساد جزء السيرة الأول. ففي هذا الجزء طغت حميمية الإنسان في الكتابة بانحياز واضح للقيم النبيلة التي تصير  سمة  متجذرة  لصفات من يدركها.. فحركت روح الانسان الأزمنة المرتبطة بتلك الأمكنة...

كان يشدني أنتظارك لبلوغك الثمانين، بالرغم من ترديدك لمقولة أنك ستواصل العطاء، وهي إحدى ميزاتك كإنسان متكامل لم تحده كل صعوبات الحياة التي تزخر بها على مدى معرفتي بك  وأنا طالبة في صفوف الثانوية..

رأيتك كما رأيتك أول مرة في غرفة مديرة مدرسة بنات بيت لحم الثانوية.،ولم تنل الصورة الجميلة على صفحة الغلاف من الكاتب محمود شقير شيئا،  الا إضافة مزيد من وقار السنوات...

 

 رأيتك وكنت برفقة عدي كما غالبية زياراتي،، أمام بيتكم في صويلح تقرأ كتابا في نهار ربيعي مشمس، وإلى جانبك زوجة فاضلة تكمل تطريز ثوب بالغرزة الفلاحية كما نطلق عليها...

شاركتكم تناول الطعام مرات عديدة في بيتكم في مرج الحمام، لن تجاري أية امرأة أخرى أتقانه كما أم خالد... 

لكن أمينة الطفلة الجميلة، صحبتني مرة لزيارة أستاذ اللغة العربية الذي يسكن فوق بيتكم، الأستاذ عيسى جبران الذي درسني لثلاث سنوات في  مدرسة رأيتك فيها أول مرة.....

في بيتكم في عرجان عرفت من العزيزة أم خالد عن مرض أمينة، ولم تكن لدي المعلومات الكافية عن كيفية تطوره.. وبالرغم من سؤالي الدائم لكما عنها الا أنني لم أعش صعوبات ألمت بها.....فقررت ألا أقرأ ملحقا في الكتاب خاصا بها..

لكنني لم أقو على أغفاله، فإذا به مرثية مسبقة من أب محب وأم متفانية لآخر عنقود أبنائهما ..مما سبب لي انتكاسة شديدة.مساء الأمس حين أنهيته. وكأنه لا يكفيني  قراءة مرثيات لكثيرين تسميهم أنت أمواتا، أصر أنا على عدم استعمال هذه الكلمة. فصاحب الكلمة الحرة لا يموت....

مؤلم لك ، لا شك،  تذكر كل ذلك،فرأيت ارتعاشة يدك وأنت تطبع حروف كلمات تفر من عقلك ويزيغها  بصرك..أحسست بتسارع نبضك لخفقان قلب يبعد الأيام عن الثمانين، وتأبى الانتظار..

 لكنها أيها الكبير تأتي ولا تغيب الجسد، فهنيئا لك تغلبك على فرضية مقلقة...

من الجميل أن يتسع الوقت للإنسان كتابة وصيته  كما فعلت، ووضع تصور لما ستكون عليه احتفالية غيابك..ففي تلك  اللحظة غير المدركة من صاحبها، لن يتسع المقام ليقوم بترتيبات تختص به...

أبا خالد..  انقضى عام ونيف على الثمانين ولا يزال لك الاصرار على مواصلة العطاء فهو الرمزية الأغنى لمعنى الحياة....

تعلم أنني لست ناقدة،  أو حتى كاتبة متمرسة، ولن أدعي ذلك يوما..أذكر وفاءك بتوفير نسخة وصلتني مساء السبت ، وعلي التعبير عن امتناني بقراءتها، بإيراد بعض من أحاسيس انتابتني...

لك موفور الصحة  والعافية بانتظار المزيد من إبداع ميزك  كمحمود شقير...