- 24 تشرين أول 2024
- ثقافيات
القدس - أخبار البلد - امام ثلة من المختصين في تاريخ القدس وهويتها والعاشقين للمدينة ألقى الدكتور "علي قليبو" أستاذ علم الحضارات وصاحب العديد من المؤلفات بما في ذلك كتاب القدس المملوكية محاضرة بعنوان " المعالم العمرانية في القدس المملوكية" وذلك في مؤسسة المعمل للفن المعاصر بالقرب من باب الجديد داخل البلدة القديمة .
وتحدث د قليبو عن الخطر الذي يهدد مدينة القدس التي يعيش سكانها لحظات عصيبة بين مطرقة الاحتلال و خطر التهجير و فوضى وهمجية المستوطنين وبين سندان الواقع الديموغرافي المعيشي حيث لجأ معظم السكان إلى استعمال الصروح المعمارية من العصر المملوكي والعثماني وهي أوقاف إسلامية استعملت بالأصل كمدارس دينية وزوايا صوفية ومن خانقات وأسواق وخانات وأربطة، مساكن لهم ورغم انه تنعدم فيها ظروف الحياة الكريمة من بنية تحتية ومرافق صحية من مطابخ وحمامات تحافظ على كرامة الإنسان وعلى هذه الصروح التي شكلت شخصية القدس ، ولهذا نجد انه يتم الاعتناء بالواجهات الخارجية لبعض تلك المباني التاريخية مع تجاهل الواقع السكاني ومتطلبات الحياة الاجتماعية بداخلها.
وتعمق الدكتور قليبو في محاضرته التي شهدت إقبالا مميزا في التعريف بالشخصية المملوكية وجذور معظم المماليك التي تعود الى القبائل التركية من وسط آسيا، ثم تكلم عن دورهم في صد هجمات المغول من الشرق وطرد آخر الصليبيين والانتصار عليهم في الساحل الفلسطيني ومن ثم قيامهم بحملة ترميم وبناء واسعة لمدينة القدس لتستعيد بهاءها ورونقها السابق والذي شيدها الأمويون كمدينة المعراج الشريف فعادت مكانتها الروحانية في عصر سادت به الطرق الصوفية المعتدلة فكان عصر القدس الذهبي.
وشدد على أن القدس تبوأت تحت حكم المماليك مكانة دينية عظيمة الشأن وحظيت في عصرهم لحظة ازدهار علمي ديني و اقتصادي وعمراني أعادت إليها مجدها في العصر الأموي.
وقد نشرت العديد من المؤلفات التي تتحدث عن فضائل القدس لتعود مركزا دينيا تشد إليها الرحال لتصبح مهوى قلوب المسلمين قاطبة والصوفيين خاصة ونتيجة لذلك بنيت صروح ما زالت آثارها قائمة وأوقفت الأموال من قبل المحسنين من اجل بناء مدارس العلم والخوانق (لفظة فارسية تعني البيت) لتعليم المذاهب الإسلامية الأربع والطرق الصوفية، كما أوقفت الزوايا والمقامات الصوفية كمساكن ونزل لإقامة الزوار الذين توافدوا للإقامة والتبرك ببيت المقدس والمسجد الأقصى / الحرم الشريف بما في ذلك الصخرة المشرفة، وبنيت الخانات وملحقاتها من فنادق ووكالات تجارية وحمامات عامة وأسواق مسقوفة وآبار مياه واسبلة جعلت مدينة القدس تحفة للناظرين وكنزا معماريا ما زالت تختلف به عن بقية المدن.
وشهدت المحاضرة نقاشا مثمرا وإيجابيا حول القدس وأهميتها باعتبارها مركزا حضاريا يجمع كل أطياف المجتمع ويجب الحفاظ على هذه الميزة للمدينة التي تعاني في الاوانة الاخيرة من فرض رؤية أحادية الجانب .