- 16 تشرين أول 2025
- في إيتلية
موسكو - أخبار البلد - كتب-المراسل الخاص.
ليسان غاليموفا من أبرز الشخصيات في الفن الروسي المعاصر. وُلدت عام ١٩٨٨ في مدينة نابريجناي تشلني (جمهورية تتارستان)، ونمّت شغفًا عميقًا بتاريخ الشعوب وثقافتها وتراثها الروحي منذ نعومة أظفارها.
في عام 2010 ، تخرجت من كلية نابريجناي تشلني للفنون، وفي عام 2017 ، تخرجت من معهد قازان للثقافة، متخصصة في الفنون والثقافة الشعبية.
الفنانة عضو في اتحاد فناني جمهورية تتارستان وعضو في الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية. وهي مشاركة منتظمة وفعّالة في المبادرات الفنية، ومشارك فاعل في المشاريع الثقافية والمعارض الدولية، وقد شاركت في المعارض التضامنية مع فلسطين، منذ افتتاح المعرض الروسي الأول المخصصة للتضامن مع فلسطين وذلك في 15 مايو 2021 ، والذي افتتح في العاصمة التشوفاشية مدينة "تشيبوكساري".
أعمالها الفنية مشبعة بحب التراث التاريخي، وخاصةً الأماكن المقدسة في الشرق الأوسط، التي تُعيد تصويرها بتبجيل وشعر ورمزية عميقة. "شوارع بيت لحم". تُعيد هذه السلسلة من الأعمال الفنية إحياء أجواء بيت لحم القديمة النابضة بالحياة، مدينة تتشابك فيها تقاليد عمرها آلاف السنين مع الحياة اليومية.
تُصوّر اللوحات شوارع ضيقة تصطف على جانبيها منازل حجرية بيضاء ذات نوافذ وأبواب مقوسة، أشخاص يرتدون الزي التقليدي، ونساء يحملن سلالاً على رؤوسهن، وأكشاك في السوق، جميعها تُجسّد روح سوق القرنين التاسع عشر والعشرين.
تستند اللوحات إلى صور أرشيفية، ولكنها ليست نسخًا منها: فقد بعثها الفنان بالحياة، مستخدمًا ألوانًا دافئة ومشمسة وظلالًا حادة تُبرز ضوء يوم شرق أوسطي ساطع. تُجسّد هذه الأعمال صخب وحركة وازدهار عصر غابر.
هذه لوحة فنية رائعة بعنوان "امرأة تصلي". الصورة الرئيسية في هذه اللوحة هي امرأة ترتدي ثوبًا داكنًا مطرزًا بتطريز فلسطيني أحمر نابض بالحياة. نظرتها، المُتأملة، الحالمة، والمليئة بالقوة الداخلية، تُحدّق فيما وراء اللوحة. تحمل في يدها اليسرى حمامة بيضاء - رمزًا قديمًا للسلام والنقاء والأمل. الشخصية محاطة بجدار مظلم ضخم، مما يخلق شعورًا بالانغلاق. على اليمين، فتحة مقوسة تكشف عن مدينة ناصعة البياض بمآذنها، منتشرة على التلال تحت سماء ساطعة. هذا التباين - بين الظلام والنور، والاحتجاز والحرية - يُصبح استعارة للشوق إلى وطن، للسلام، للمستقبل
تُجسد المرأة في اللوحة روح فلسطين: قوية، جميلة، تحافظ على ثقافتها، وتحمل الأمل بين يديها.
"الهروب إلى مصر". قدّمت الفنانة هذه اللوحة كلوحة دينية، تُصوّر العذراء مريم مع طفلها. تقف مريم حاملةً الطفل النائم بين ذراعيها بحنان. يغمرهم نور خافت ودافئ ينبعث من السماء، مُبرزًا قدسية اللحظة. فوقهم، تحوم ملائكة رُضّع - رموز لأطفال بيت لحم الأبرياء الذين سقطوا ضحايا. أصبح هؤلاء الأطفال الجيل الأول من الشهداء - يُطلق عليهم اسم "الأطفال الأبرياء" و"الأطفال المقدسين".
هؤلاء الأطفال أصبحوا أول زهور في بستان ملكوت السماوات، وهم الآن يحرسون مريم وابنها ويباركونهما ويهدونهما باسم الخلاص.
إنها استعارة للحياة الأبدية التي تُمنح لمن سقطوا أبرياء.
"العالم القديم". (لوحة ثنائية). هذه الصورة المكونة من جزأين هي احتفال شعري بفلسطين القديمة. يكشف الجزء الأيسر عن منظر طبيعي مهيب: تلال، بساتين زيتون، وحدود بعيدة للمدينة المقدسة. أما الجزء الأيمن فيغمر المشاهد في تفاصيلها: شوارع ضيقة، تماثيل لأشخاص يرتدون الزي التقليدي، جمال، أقواس حجرية. الجدران هنا ليست مجرد عمارة، بل هي شهود أحياء على التاريخ، حراس الذاكرة والإيمان. كل حجر، كل شعاع ضوء، استعارة للوجود البشري العريق في الأماكن المقدسة.
هذه ليست رسمًا وثائقيًا، بل تأمل فني، حيث يندمج التاريخ والدين والروح البشرية في صورة واحدة أبدية.
عمل ليسان غاليموفا جسر بين الماضي والحاضر، بين الشرق وروسيا، بين الأرض والسماء. أعمالها ليست مشبعة بالجمال البصري فحسب، بل أيضًا بمعاني روحية عميقة، تدعو المشاهد ليس فقط للمشاهدة بل للإنصات أيضًا - إلى همس القرون، وأنفاس الحجارة، ودعوات الأجيال الغابرة.
إن هذا الإحساس بالذاكرة التاريخية، وآلام وكرامة الشعوب التي تمتد جذورها إلى العصور القديمة، هو ما يجعلها صوتًا متضامنًا مع فلسطين. تدعم ليسان غاليموفا فلسطين - حقها في مستقبل مزدهر خال من الاحتلال، وتراثها الراسخ، وحقها في أن تُسمع. من خلال فنها، تُذكّر العالم بأنه ما دامت الذاكرة والثقافة حيّتين، فسيبقى الشعب حيّا.