• 1 شباط 2021
  • نبض إيلياء

 

 لقد هالني وكما هال الكثير من المقدسيين الغيورين على مدينتهم ، العنوان الذي نشرته صحيفة القدس هو" البلدة القديمة بالقدس تمر بنفس مراحل تهويد يافا وحيفا " هذا العنوان مرعب بكل ما في الكلمة من معنى، ويجب ان يقلق جميع من يعشق ويتنفس هواء المدينة المقدسة ، فهذا العنوان لم يكن موفقا لا من قبل المحرر ولا من قبل ما قاله ، لأنه يعنى ان القدس قد انتهت وان إسرائيل قد حققت ما تريده من خلال الدعاية المجانية التي يقدمها البعض من مثقفين وصحفيين عن جهل او عن قناعة، من خلال التهويل وبث الرعب في نفوس اهل البلد، وكأن هذ العنوان يقول لي إم ان ترحل لان القدس قد انتهت،  او اندمج لتكون اقلية في الدولة اليهودية التي لا تريدك أصلا.

 ان خطاب الأقليات الممزوج أحيانا بالتهويل والتخويف وتهيئة النفوس لهزيمة ، هو خطاب مرفوض ، ملعون ، مغضوب عليه. لأن فحواه هو ان القدس وقلبها البلدة القديمة وجوهرتها المسجد الأقصى باتت قضية محسومة لصالح المحتل.

خطاب الأقلية هو خطاب مرفوض ونحذر منه لأنه عادة ما يكون مقرونا بحتمية المواطنة ( الزائفة المنقوصة) والاندماج ( غير المرحب به من قبل الطرف الاخر)  ومحاولة اثبات الوجود والحفاظ عليه ( كمن يتمسك بخيوط العنكبوت).

 ان ما يميز اهل القدس هي قدرتهم العالية على التجنيد لإفشال كل المخططات الهادفة إلى تحويلهم لأقلية في مدينتهم، فرغم اخراج اكثر من خمسين بالمئة من سكان المدينة في سنوات الثمانينات وصولا الى بناء الجدار العنصري( الرام، العيزرية، بير نبالا .. الخ) إلا ان معظم هؤلاء عادوا إلى المدينة عندما شعروا ان وضعهم المقدسي في خطر ، ورغم عجز المنظومة الإسرائيلية على توفير حيزات بناء ، فلقد قام هؤلاء بفرض واقع سكاني جديد، شكل نهاية لأحلام الديمغرافية الإسرائيلية، ولهذا فإن اية محاولة جديدة لإخراج مزيد من المناطق خارج القدس ( كفر عقب ، مخيم شعفاط) سيقابل بخطوات مشابهة من قبل السكان  للمحافظة على المدينة ووجودها وعلى هويتهم .

 ما علينا

 المهم ، إن خطاب الأقلية في واقع القدس والبلدة القديمة تحديدا مرفوض ولا يعكس إلا محاولات إسرائيلية رسمية وغير رسمية ، خاصة تلك من قبل الجماعات الاستيطانية التي تسعى لاستبدال السكان العرب الفلسطينيين وبالتحديد في البلدة القديمة ومحيطها، وفرض هوية يهودية مهيمنة تلغى الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي  والمسيحي.

 إن إسرائيل ورغم كل محاولاتها الحثيثة لم تنجح في تحويل الوجود العربي الفلسطيني التاريخي الأصيل  في القدس إلى أقلية ، لا من خلال السياسيات التخطيطية ولا من خلال سياسات الاندماج وترويج المواطنة المكانية والحقوق الخدماتية ، التي يفرضها القانون الدولي على المحتل .

 واليكم بعض الحقائق التي غابت عن  الصحفي والمحرر وصاحب المقولة التي اثارت غضب الكثيرين في القدس ،  فالوجود الفلسطيني في البلدة القديمة ورغم مرور اكثر من خمسين عام على الاحتلال ، ورغم كل الممارسات الاستبدادية  والتضيق المعيشي الذي لا مثيل له ، إلا ان  اكثر من تسعين بالمئة من سكان البلدة  القديمة هم من العرب الفلسطينيين الاصلين .

 كما ان القدس الشرقية هي اكبر المدن الفلسطينية وتضم تجمعات سكانية تزيد عن اثني عشر قرية وبلدة اندمجت بالحيز المديني للقدس ، ويقارب عدد سكانها عدد سكان تل ابيب ويافا مجتمعة ،

 كم ان الوجود الفلسطيني في محيط القدس يشكل  أيضا اغلبية رغم الجدار والحواجز الا ان المدينة لا زالت تحافظ على ركيزتها الوظائفية الدينية والوطنية والخدماتية ، وكم قال صديقي لمتفائل الواقعي فان القدس بخير ، وأهلها لا زلوا رغم كل الصعوبات يحافظون عليها، فهم بدون القدس لا هوية لهم ،  وهذا لا يختلف عليه اثنين في المدينة بغض النظر عن توجهاتهم وعن معتقداتهم ، ولهذا فان القدس بخير..

 وللحديث بقية

 

                      خليل العسلي