• 14 آيار 2021
  • نبض إيلياء

 

  هل تسير إسرائيل نحو حرب أهلية داخلية؟  تكون اطراف هذه الحرب هي من جهة اليمين  الديني المتطرف الذي لا يؤمن الا بقانون التوراة ومستعد لقتل الاخر المختلف ، وبين اليسار الإسرائيلي  الذي يبدو في عيون اليمين بانه الخائن،  والحرب الأخرى بين نفس الجماعات اليهود المتطرفين وبين العرب ( هذه اليمين لا يفرق بين عربي مسلم او مسيحي او عربي  درزي او عربي مسالم او عربي صهيوني، او حتى الخادم العربي الأمين لهم ، فالجميع عندهم عرب) .

هذا السؤال تبدو الإجابة عليها معقدة نوعا ما في الوقت الحالي ، ولكن وفق المشاهد والشواهد الحالية ، والحالة التي تعيشها إسرائيل في الداخل، يمكن القول : أن بوادر هذه الحرب بادية  وعلاماته واضحة اكثر من  أي وقت مضى ، وحتى لا نتهم بما ليس فينا ، يمكن القول ان الشرخ في المجتمع الإسرائيلي تعمق بصورة غير مسبوقة ، وسيكون إصلاحه مهمة غاية في الصعوبة تحتاج اجيالا ، وخير من يمثل هذه المرحلة المرعبة في حياة العباد والبلاد،  ذلك اليميني العنصري ،وهو من خريجي جماعة كهانا العنصرية المحظورة قانونيا ، ولكنها مقبولة اجتماعيا في الشارع الإسرائيلي ، تلك الحركة التي تؤمن بقتل وترحيل العرب ،  إننا نتحدث عن ذلك العنصري  ايتمار بن غفير ، الذي بات المحرك الأولى لكل المظاهر الفاشية التي طفت على السطح هذه الأيام بشكل لا يقبل التأويل ، وبالتحديد بعد دخوله للكنيست لما يتمتع به عضو الكنيست من حماية ونفوذ  تمكنه من تحقيق ما يريد بدون ان يعاقب قانونيا، وبحماية الشرطة التي يجب ان يطلق عليها اسم الشرطة اليهودية وليس الشرطة الإسرائيلية كما قال العديد من الشخصيات العربية ، فهي تمثل طرفا على حساب طرف اخر، والشواهد على ذلك كثيرة من الاحداث المتصاعدة في المدن العربية وحتى المدن المشتركة من حيفا الى عكا الى اللد  وغيرها .

 حتى المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، اعتبر عضو الكنيست الكهاني، إيتمار بن غفير، المسؤول والمتسبب بالمواجهات المندلعة في أنحاء البلاد منذ أسابيع، إثر هجمات المستوطنين على الفلسطينيين.

وقال شفتاي خلال جلسة لتقييم الأوضاع الأمنية عقدت في مدينة اللد، ونشرت القناة 12 الإسرائيلية تسريبات منها، إن "المسؤول عن هذه الانتفاضة هو إيتمار بن غفير"، وأضاف أن "الأمر بدأ بمظاهرة منظمة ‘لاهافا‘ في ساحة باب العامود"

وتابع أنه "استمر بالاستفزازات في حي الشيخ جرّاح. والآن يتجول مع أعضاء منظمة ‘لاهافا‘ في المدن"، وأضاف "بالأمس تمكنا من تهدئة عكا ووصل (بن غفير) مع نشطاء على متن حافلة وتسبب في اضطرابات"

وقال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية (الذي أظهرت الاحداث الأخيرة في باب العمود وفي المسجد الأقصى انه يعاني من نقص في الخبرة ومن قلة المعلومات حول وضع القدس وبش؛ل خاص )  بحسب ما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، إن الشرطة لا تملك "الأدوات" للتعامل مع بن غفير. وأضاف شبتاي "هناك أطراف تعمل على التحريض، وعلى جميع الأطراف التحلي بضبط النفس والمسؤولية".

 المضحك المبكى في الحالة الإسرائيلية انه لولا دعم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لهذا العنصري  لبقى مجهولا ، ولما تمكن من الدخول الى الكنيست ، فنتنياهو عمل المستحيل لإنجاح بن غفير  وقائمته في الانتخابات الأخيرة ، بل ان نتنياهو طلب من أعضاء حزب الليكود ان يصوتوا لقائمة بني غفير (الأكثر عنصرية في تاريخ إسرائيل) وهكذا كان،  واصبح هذا العنصري عضو كنيست ، والان نتنياهو يدفع ثمن هذا الدعم سياسيا وحزبيا ،  بل إن إسرائيل  برمتها تدفع الثمن أيضا حيث الحرائق المشتعلة في كل مكان في الداخل ، تفوح منها رائحة الكراهية القاتلة ، فجماعات بن غفير الفاشية توزع بيانات تطلب من نشطاءها التجمع من اجل حفل ضرب وطعن  وقتل العرب أينما وجدوا فقط لانهم عرب.  

 الانكى من ذلك هو ان ترى صحفيين اسرائيليين ( يمينين ) معروفين يتحولون وعلى الهواء مباشرة الى عنصرين متوحشين ، عندما يبررون اعمال البطش، بل وتجدهم  داعين الى قتل العرب ،  كما قال هذا الصحفي المعروف ( لو كان مع سلاح فسوف اقتل العرب لانهم يشكلون خطرا على بيتي )  او كما قال ذلك المراسل العسكري العجوز العنصري ( يجب ان تكون هنا كتيبة اعدام تتجول في الشوارع وتطلق النار على كل مشاغب عربي ) .

 هؤلاء الصحفيين لا يجدون أي عيب في مهاجمة زملائهم الصحفيين الذي لا يشاركونهم الراي وعلى الهواء مباشرة ، هذا شرخ غير مسبوق في الصحافة الإسرائيلية يبشر بالقادم .

لم يعد الإسرائيلي اليميني أينما تواجد مستعد لتقبل الاخر، لم يعد بحاجة الى وضع قيود لكراهية العربي او اليساري او الصحفي ، فطالما ان الدولة بمؤسساتها هي ذاتها تمارس العنصرية والتفرقة بين اليميني اليهودي واليساري اليهودي فإنها  بالتأكيد سوف تمارس العنصرية بأبشع صورها مع العربي

 انها إسرائيل واحة الديموقراطية الكاذبة الوحيدة في الشرق الأوسط ، تتحول الى دولة عربية فاشية تتربع على عرشها الجماعات اليهودية المتطرفة القادمة من المستوطنات ، هذه الجماعات تنتشر في المدن المختلطة للدفاع عن اليهود وبحماية الشرطة الإسرائيلية التي تعيث فسادا في الوسط العربي ولا تقترب من الوسط اليهودي ، فهؤلاء ( العرب) مخربين منذ الولادة وهؤلاء (اليهود ) ضحايا منذ البداية    .

  المصيبة الكبرى هي ان عددا لا بأس به من الشرطة الإسرائيلية ومن اعداد كبيرة من  حرس الحدود الذي يقمع في الوسط العربي هم من العرب سواء كانوا عربا مسيحين ، او عربا دروز او عربا مسلمين. اليس هذا انفصاما في الشخصية العربية أيضا، فالعربي يقمع العربي من اجل الدولة التي لا تعامله معاملة متساوية  مع اليهودي وفق النظام الديموقراطي .

 وبعد كل ذلك نسأل :هل  تسير إسرائيل نحو حرب أهلية مع غياب كامل لمبدا سيادة القانون  وتطبيق هذ القانون على  اليهودي والعربي بالتساوي، مع غياب كامل لهيبة الشرطة ؟ تلك الشرطة التي لا تؤمن بها الجماعات اليهودية المتطرفة ، وتلك الجماعات التي تربت في كنف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من حزب العمل الذي اهتم كثيرا بتأسيسها  واكمل ذلك حزب الليكود ، وهكذا أصبحت تلك الجماعات الطرف المدلل لدى جميع الحكومات والمؤسسات ، وعندما اشتد ساعدها أصبحت اليد الطولة لليهودية القومية الدينية التي لا تؤمن الا بانها مبعوثة الله على الأرض  من اجل إقامة مملكة اليهود ،  كما تؤمن بأنه لها الحق بمعاقبة لحد قتل او استعباد او طرد  من لا ينضم لها ، وبكلمات أخرى "الاخر" المختلف  حتى لو كان هذا يهوديا غير مؤمن !!!!.

 لهذا فإن ما نشاهده من استهداف للعرب سواء كانوا في القدس او حيفا او الخليل هو تعبير عن القوة التي يملكها هذا اليمين المتطرف والذي لن يتردد  بمهاجمة رموز الحياة المدنية الديموقراطية مثل السلطة القضائية ، فهو يملك السلطة التشريعية ويملك السلطة التنفيذية التي بات يسيطر عليها من خلال تسلم المناصب العليا لخريجي هذا التيار المسيطر، ناهيك عن الجيش والشرطة والاعلام ،

 اذن فان الإجابة على السؤال لا تزال معقدة بانتظار ماذا ستفعل المؤسسة الأخرى في إسرائيل هل ستسلم او ستقاوم ؟!!!

 في هذه الاثناء اعان الله القدس  الشريف واقصاها وأهلها من هذا اليمين الديني والذي لن يهدأ له بال قبل تغير الواقع الحالي الى واقع يريده هو .

 وللحديث بقية

 

                        خليل العسلي