• 5 آيار 2022
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل العسلي 

 

 إن كنا قد تحدثنا في هذا المقام وفي وقت سابق عن ماهية الهوية المقدسية الجامعة ، من أجل الحفاظ على هذه المدينة الفريدة من نوعها في العالم من جميع الجهات ، فهي المدينة  التي تدفن ابنائها وهم في عز الشباب، وهي المدينة التي لم تعرف للهدوء والسكينة معنى ، إلا فترات قليلة عبر تاريخها الطويلة ، هي المدينة التي دمرت أكثر من مرة  من قبل الغزاة وما أكثرهم ، وحالة التدمير مستمرة  

 ورغم ذلك فإن لهذه الهوية المقدسية قلب يوحد اهلها والكثيرون العاشقون لها حول العالم ، ان هذا القلب النابض هو المسجد الأقصى..ويكفيك ان تقوم بالتوجه للحرم الشريف اي المسجد الاقصى يوم الجمعة لاداء الصلاة هناك، لتعرف معنى هذا القول ، وهذا ما يظهر واضحا وبصورة جلية في شهر رمضان المبارك.

 فلقد كان أمامي شخصان  يتحدثان العبرية بطلاقة وقد دخلا بنقاش عميق حول كرة القدم والاندية الأوروبية، ويعتقد المرء للوهلة الأولى أنهم  من اليهود ولكن ما بدد هذا الشك هو ان كل واحد منهم يتأبط سجادة صلاة  ويسرعون في مشيتهم  نحو باب الساهرة يقول احدهم للاخر:  يا اخي لا معنى ليوم الجمعة عندي بدون أداء صلاة الجمعة في الحرم ( المسجد الأقصى ) تجدني تلقائيا آخر من منزلي في ام الفحم مسرعا الى القدس .

 فيرد عليه صاحبه بعربية مغموسة ببعض المصطلحات والكلمات العبرية:  وانا والله كذلك فزيارة الاقصى عندي اول عمل اقوم به يوم الجمعة كل اسبوع ، وانا على هذا الحال منذ سنوات ، حيث نلتقى سويا هنا…

  وانطلقا بخطوات واسعة نزولا عند درجات حارة السعدية قاصدين الاقصى، وانا لم استطع ان اجاريهم السرعة . فوجدت بطريقي عجوز يمشي متعمدا بسيره البطئ على عصا فسمعته يقول لرفيقه منحني الظهر: هل تعرف شيئا عندما شاهدت اقتحام قوات الاحتلال للحرم( الاقصى)  واعتقال الشباب هناك،  قلت لنفسي : اذا غاب الشباب فنحن كبار السن سنسد مكانهم ولهذا قررت القدوم الى الاقصى رغم الالم الظهر فلا يجب ان يترك الاقصى لوحده، فهو روحنا وهو القدس بالنسبة لنا  

فرد عليه رفيقه بعد ان توقف قليلا ليلتقط انفاسه من نزول الدرج وقد اقتربا من باب الملك فيصل على مدخل المسجد الأقصى هذا أيضا ما فكرت به ، هل تذكر عندما كان اليهود يمنعون الشباب من الدخول الى الاقصى كنا نصر على القدوم  والدخول بدلا منهم  لنقول لهذا المحتل العنصري نحن هنا حتى الختياريه يمكنهم الدفاع عن الاقصى.

ودخلا المسجد الاقصى ودخلت وراءهما وقد قالا فور دخولهما المسجد اشهد ان لا اله الا الله ،،، كم أنت جميل أيها الأقصى .

 وعلى بعد أمتار من باب الملك فيصل او كما يسميه البعض الباب العتم، كانت تجلس فتاة في بداية العشرينات من عمرها تقول لامها ويبدو من لهجتها انها من  احدى مدن الضفة الغربية : يا امي انني ابكي يا امي لانه تحقق حلمي ودخلت المسجد الأقصى لأول مرة في حياتي.

 وفي طريق العودة من صلاة الجمعة وعلى مدخل باب الساهرة كان

يجلس اثنين يبدو انهم غير صائمين ويتحدثون بطريقة غريبة يعرفها أهل القدس  قال الاول للثاني : والله عندما سمعت أن هناك مواجهات خرجت من منزلي في باب خطة حافي القدمين راكضا نحو الأقصى للدفاع عنه ولكن الأبواب كانت مغلقة فرشقت  مع شباب الحارة الجنود هناك  بالحجارة . كيف يمكن أن نترك الأقصى .

فرد عليه الآخر بنفس طريقة الكلام :  يا اخي انا مستعد ان اموت من اجل الاقصى حتى لو كنت لا أصلي واعمل السبعة وذمتها  فهذا الاقصى ونحن بدون الاقصى لا نساوي شيء، اصلا القدس هي الاقصى فان اختفى المسجد لم يكن هناك اي معنى للقدس .

 هذه عينة عشوائية من أشخاص التقيهم بالصدفة فقط في طريقي الى الأقصى يوم الجمعة من القدس ومن خارجها يعتبرون الأقصى هو قلب هوية القدس ، بل هم قلبهم ، قبل اي شيء اخر .

 قلب هوية القدس يواجه أكبر تحدي له هذه الايام حيث تعمل الجهات الاسرائيلية من حكومة واحزاب وحركات دينية على تغيير الواقع في المسجد ، ذلك الواقع التي نسفته السياسات الاسرائيلية من أساسه،  وكما قال العديد من المحللين الإسرائيليين فان ما ينتظرون في المستقبل المنظور شيئا مرعبا ان استمرت اسرائيل الرسمية الداعمة للتوجه اليهودي المتطرف بسياستها نحو الاقصى ، لان هذا المكان هو العصب الحساس لكل مقدسي ومسلم وعربي ، وعلى إسرائيل ان تكون جاهزة  عندما تبدا بضرب هذا العصب بشكل قاتل ….  ونقول ما يقوله الشيخ عكرمة صبري في ختام خطبه أيام الجمع من على منبر الحرم الشريف/ المسجد الأقصى.  

 حماك الله يا اقصى