• 14 أيلول 2022
  • حارات مقدسية

 

 

 بقلم : الباحث الشيخ مازن اهزام 

 

عمَّر الزاوية الأدهمية الأمير سيف الدين مَنْجَك اليوسفي الناصري، نائب الشام، في سنة 762هـ/1361م تقريباً، خارج السور بين باب العمود وباب الساهرة. على بعد مئتي متر منه إلى الشمال ويعتقد البحاثة الأثري كليبرمان غانوا أنها مغارة أرميا النبي ويمكن الاستدلال على الموقع من منارتي المسجد الحالي. 

  لها أوقاف كثيرة في صفد، والرملة، وغزة، والقدس، وبيت صفافا، وغيرها. وهي زاوية لفقراء الأدهمية، من أتباع الزاهد إبراهيم بن أدهم. وهو مؤسس الزاوية ومنشئ وقفها الامير المملوكي منجك السيفي، مؤسس المدرسة المنجكية «دائرة الاوقاف العامة اليوم»، وكان منجك نائب الشام في حوالي سنة 760/1358. وكان للزاوية وقف سخي كبير 

 الشيخ صامت الادهمي تولى نصف وظيفة المشيخة والتولية بها والشيخ   صلاح الدين ابناء الشيخ موسى الادهمي  

ومن أوقافها  

 موقوفا على الزاوية الأدهمية خمس الحمام الكائن في مدينة صفد قرب القلعة المعروف بالحمام الجديد 

ويذكر س. ش.أ. أ رقم 522 ص 28 

مزرعة في قرية بيت صفافا  في وقطعة ارض في قرية لفتا تابع القدس 151         

 ووادي الغزال تابع مدينة غزة  1300                     

وغراس حاكورة بيت  المقدس تابع قدس شريف 600 غراس

 طاحون تابع مدينة الرملة ووقف في محلة راس في باب الزاوية ارض الورود

4400 درهم في نفس الزاوية وبيت باب الحرم

 قطعة ارض بيت في محلة باب العمود تابع قدس شريف  

وبيت في وادي الطواحين

 تولى مشيخة هذه الزاوية مجموعة من الاعلام أشهرهم داود بن بدر الادهمي(ت807/1404) حيث عرفت به. وان اغلب مرافق الزاوية قد درست، واغلب ما يوجد اليوم عمارة حديثة، وان كان يلمح بقايا من عمارة مملوكية في الغرفة التي تعلو مدخل المغارة. 

وفيها قبور جماعة من الصالحين، فقد دفن فيها عدد ممن تولوا مشيختها من آل الأدهمي، من أمثال الشيخ داود بن بدر الأدهمي المتوفى في سنة 777هـ/1375م، والشيخ صامت الأدهمي المتوفى في سنة 807هـ/1402م. وهي عبارة عن كهف كبير جداً، ويقع أسفل مقبرة باب الساهرة. وهو كهف مرتفع، غير منتظم الشكل. وقد جعل له محراب مجوف وفي جانب منه قبر الزاهد إبراهيم الادهمي وقد أقيم بقربه مسجد حديث مستطيل الشكل، يعرف بمسجد الأدهمية 

كهف الأدهمية

يجاور الزاوية كهف كبير (مغارة) تستحق الزيارة، ذكرها المؤرخ مجير الدين الحنبلي في كتابه الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل متندرا قائلا: «احياء تحت اموات»، والمقصود ان من يوجد في المغارة هم تحت قبور واموات مقبرة الساهرة او مقبرة المجاهدين، وذكرها ايضا الرحالة النابلسي في اثناء زيارته للقدس في القرن الثامن عشر. الزاوية لا تزال عامرة ونشطة خاصة مسجدها الذي ضمت اليه مرافق عديدة (متوضأ كبير وروضة اطفال) وتُوسع في مساحته في الآونة الاخيرة ورممت مئذنته القديمة وبني فيه مئذنة جديدة 

مغارة الكتان 

 ومن أسمائها أيضا: مغارة القطن والكتان وصد كياهو، ومقالع سليمان، وكانت مقلعا للحجارة في عدة عصور، ساعد قربها من السور على اقتلاع الحجارة التي شيّدت بها المباني الفخمة داخل القدس. ذكرها محمد بن أحمد شمس الدين المقدسي بكتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" بالقرن العاشر الميلادي، ومن ثم ذكرها بعده بخمسة قرون مجير الدين الحنبلي قاضي القدس باسم "مغارة الكتان".

او (مغارة سليمان) هو الاسم الذي تقدم فيه بلدية القدس والجهات الإسرائيلية وعلماء آثار أجانب من المدرسة التوراتية الاثرية ويحيط الكثير من الغموض تاريخ هذه المغارة …وهنا نشير الى تشابه مُسميات مغلوطة بين النبي سليمان عليه السلام وبين السلطان العثماني سليمان القانوني!!!

 تبلغ مساحة المغارة تسعة آلاف متر مربع   وطولها المكتشف يقترب من الـ 250 مترا   واعلى ارتفاع لها يصل إلى 50 مترا إن مجير الدين الحنبلي قاضي القدس في العصر المملوكي الذي كتب كتابا أرخ فيه لمدينتي القدس والخليل قبل 500 عام قصد هذه المغارة عندما أشار إلى اسمها بمغارة الكتان والمغارة عبارة عن مقلع صخري كان يُستخرج ويُقطع منه الحجارة للبناء وأضاف في وصف الزاوية الأدهمية التي زارها 

  وهي كهف عجيب تحت الجبل في صخرة عظيمة وذكرت المغارة في مراجع أجنبية مثل خرائط ممسوحات فلسطين عام 1873 من قبل الكابتن "كلود كوندر" وسميّت باسميْ القطن والكتان نسبة إلى تخزين القطن والكتان بها في إحدى الفترات، وفق الباحث المقدسي فؤاد قطينة 

أما السور الحالي فقد بُني ورمم معظمه في عهد السلطان العثماني سليمان الأول المعروف بالقانوني (926 - 974هـ /1520- 1566م)، حيث اهتم السلطان سليمان بمدينة القدس اهتمامًا كبيرًا وقام بأعمال عمرانية واسعة لا تزال تشهد على ذلك ولاسيما سور القدس حيث لا يزال اسمه منقوشًا في أماكن متعددة من السور وقلعتها وإصلاحاته في الحرم الشريف. وهو الذي ثبت قواعد الحكم في أرجاء الدولة العثمانية وأطلق مشاريع التنمية، بإعادة بناء الجدار لحماية القدس وتثبيت الأمن فيها واستخدم العثمانيون خلال خمس سنوات وبإشراف مهندسين عثمانيين القواعد القديمة للسور بطول أربعة كيلومترات، بينما يبلغ ارتفاع بعض مقاطعه اثني عشر مترا.

وتذكر المصادر التاريخية أن بناء سور القدس يعود للعهد الكنعاني ثم رمم في العصور اللاحقة وحتى العهد العثماني الذي تضاعف فيه   عدد سكان   المدينة   وعام 1981م أُضيف لقائمة التراث العالمي 

مقبرة باب الساهرة أو مقبرة الساهرة هي إحدى أشهر المقابر الإسلامية في القدس، فهي فريدةٌ في موقعها، تتموضع على رابية جميلة، ومنها تستطيع أن ترى جبل الطور وكثيرًا من القدس القديمة فضلًا عن باب الساهرة وسور القدس الشمالي، إذ إلى جنوب الرابية الطريق العام، طريق باب العمود - باب الساهرة 

وكان يُطلق عليها سابقًا مقبرة المجاهدين، وهي من آثار صلاح الدين الأيوبي في القدس، كما تضم رفات عددٍ كبيرٍ من أعيان المسلمين والشهداء والعلماء، حيث سُميت «مقبرة المجاهدين» لأنَّ عددًا من شهداء الفتح الصلاحي دفنوا فيها تقع المقبرة عند سور المدينة من الشمال، وعلى بعد بضعة أمتار من باب الساهرة تقع الزاوية الأدهمية أسفل مقبرة باب الساهرة، وهي عبارة عن كهف كبير، وحسب المصادر بأنها «تم تحويلها في 1361م إلى خان للسابلة ومضافة للفقراء على يد الأمير منجك الناصري». 

ذكرها عبد الغني النابلسي في رحلته، فقال: «أنها تشتمل على قبور عدد كبير من الصالحين، وأنها واقعة فوق الزاوية الأدهمية»، وذكرها مجير الدين الحنبلي في كتابه «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل» فقال «إنها البقيع الذي إلى جانب طور زيتا من جهة الغرب؛ وروي عن إبراهيم بن عبلة قوله: أنها هي التي أشير إليها في القرآن الكريم عند قول الله تعالى: فإذا هم بالساهرة»

ثم يتحدث مجير الدين عن الساهرة، وهي من البقاع المشهورة في ظهر بيت المقدس، فيقول: “الساهرة هو البقيع الذي إلى جانب طور زيتا من جهة الغرب. وفي حديث ابن عمر أن أرض المحشر تسمى الساهرة. وهذا البقيع المعروف بالساهرة، ظاهر بمدينة القدس الشريف من جهة الشمال، وبه مقبرة يدفن فيها موتى المسلمين، وبها جماعة من الصالحين، والمقبرة مرتفعة على جبل عال، وأسفل هذا الجبل كهف من العجائب، وهو زاوية للفقراء الأدهمية داخل هذا الجبل في صخرة عظيمة، وتسمى مغارة الكتان. والمقبرة التي هي الساهرة علو سقف هذه المغارة، بحيث إنه لو أمكن حفر القبور من أسفلها لنفذ إلى الكهف الذي هو زاوية الأدهمية ولكن المسافة بعيدة. فإن الصخرة سميكة ضخمة جدًّا، وقد عمر هذه الزاوية الأمير منجك نائب الشام ووقف عليها هو وغيره من أهل الخير، وفيها قبور جماعة من الصالحين وعليها الأنس والوقار. ومقابل الساهرة من جهة القبلة تحت سور المدينة الشمالي، مغارة كبيرة مستطيلة تسمى مغارة الكتان أيضًا، يقال إنها تصل إلى تحت الصخرة الشريفة، ودخلها جماعة وحكوا عنها أشياء من الأمور المهولة.

تنتشر في أنحاء فلسطين مئات الكهوف والمغارات مختلفة الاتساع والشكل، ولا تكاد تخلو منها أي قرية فلسطينيّة. والكهوف جزء لا يتجزأ من أشكال سطح الأرض التي تشكّلت عبر عمليات طبيعية، مثل البراكين وذوبان الجليد والتعرية المائية والأمطار المحمّلة بالأحماض، في القشرة الأرضيّة. وفي اللغة، فإنّ الكهف هو كلّ منخفض في الأرض، والبيت المنقور في الجبل، وتُستخدم مفردة الكهف لوصف ما هو أوسعُ من المغارة

وُظِّفت الكهوفُ والمغارات دينيّاً، إذ اتّخذها الرهبان مكاناً للعبادةِ والانعزال عن الناس، وطلباً للحماية والأمان، خاصّة في العهد الرومانيّ حين طاردت السلطاتُ الرومانيّة آنذاك أتباعَ المسيح عليه السلام. ونجد مثالاً على ذلك في الكهوف الواقعة في بريّة القدس وبيت لحم، مثل وادي القلط، حيثُ تعبّد الرهبان فيها، ولاحقاً بُنيت فوقها بعض الأديرة وفي الفترات الإسلاميّة اللاحقة، اتُّخذت بعض الكهوف كمقاماتٍ للأولياء،    

كانت الكهوف والمغارات جزءاً من نكبةِ الشعب الفلسطيني بطريقةٍ أو بأخرى؛ رافقت آلامه وأمله بالتحرير بذات الوقت. إثر النكبة وما تخللها من معارك ومجازر، هُجّر آلاف الفلسطينيين من قراهم، ولجأ كثيرٌ منهم إلى الأشجار والكهوف والمغارات. 

كذلك يوجد في مدينة القدس أكثر من مقام للسلطان بن الأدهم وفي قرية شعفاط   مسجد إبراهيم الأدهمي العتيق او المسجد الغربي القديم الذي هدم في 1967، وأعاد الاهالي بناءه، والصومعة، وبيت "حوش إبراهيم" وكان يعتبر ديرا، ومغارة عراق الصفري، وهي مغارة كبيرة داخلها عدة مغر. وفي مخماس قرية مقدسية فلسطينية تتبع محافظة القدس وهي في الجنوب الشرقي لمدينة القدس تبعد عنها حوالي 8 كم القريبة من القدس يوجد مقام للسلطان بن الأدهم 

ومسجد السلطان إبراهيم بن أدهم هو أكبر مسجد في بلدة بيت حنينا الفلسطينية الواقعة شمال شرق مدينة القدس. سُمي على اسم المسلم إبراهيم بن أدهم، حيث عاش في البلدة وعمل في جمع منتجات الزيتون. جاء في نقش على حجر أمام المسجد «هذا المسجد بناه سويد أبو حمايل عام 336 بعد الهجرة». كان السلطان إبراهيم بن أدهم شخصًا شهيرًا «تخلى عن العرش وكرس نفسه لله» ودفن في مدينة جبلة في محافظة اللاذقية في شمال غرب سوريا. في عام 1938، قام سكان بيت حنينا بتوسيع منطقة المسجد. في عام 1993، تم بناء مدرسة ابتدائية للبنين بجانب المسجد.

المراجع:

  1. (1)الامير منجك السيفي   رابط في حصون عكا   وعسقلان ومات مجاهدا سنة 161هـ وقبره بمدينة حبلة با لشام المفصل عارف العارف (509) ص
  2. د. نعمان داود احمد الاشقر   الصوفية في فلسطين
  3. السلطان ابراهيم   ابن اسحاق ابراهيم بن الادهم بن منصور بن يزيد بن جابر   وقيل ابن عامر ـ العجلي التميمي ـ ولد بمكة المكرمة عام 100هـ (كتاب   وفيات الاعيان لابن خلكان 1/31/32  وهو احد علماء اهل  السنة والجماعة ومن اعلام التصوف  في القرن الثاني الهجري (طبقات  الصوفية  تأليف ابوعيد الرحمن السلمي  ص35 ـدار  الكتب  العلمية  طبع  سنة 2003م

4) سجل طابو قيد تاريخ 27/3/1935 م قطعة حجة شرعية25/س91 الشيخ محمد الادهمي 

5) أنظر: الأنس الجليل 2/63. المفصل في تاريخ القدس/499. بلادنا فلسطين- في بيت المقدس 1/312، 349، 350. معاهد العلم في بيت المقدس/355، 356. أجدادنا في ثرى بيت المقدس/144، 145.

6)رائف يوسف نجم وآخرون، كنوز القدس، عمان: مؤسسة آل البيت، 1983، ط1، 

المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، ص. 85، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021./ آغا، نبيل خالد (1998)، لن نقول للقدس وداعاً،

 عارف؛ العارف (1961)، المفصل في تاريخ القدس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص. 180-9، ISBN 9953367507.

 أبو الربع، مروان عبد الحافظ (2005)، أوقاف بيت المقدس وأثرها في التنمية الاقتصادية: وأثر الاحتلال اليهودي عليها، الدار العثمانية، ص. 6، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021.

 كامل جميل؛ عسلي (1981)، أجدادنا في ثرى بيت المقدس: دراسة أثرية تاريخية لمقابر القدس وترابها وإثبات بأسماء الأعيان المدفونين فيها، مؤسسة البيت، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية، ص. 143، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021.

 شراب، محمد   حسن (2003)، موسوعة بيت المقدس والمسجد الأقصى، الأهلية للنشر والتوزيع، ص. 980، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021.

 وليد، مصطفى (1997)، القدس سكان وعمران 1850 إلى 1996، مؤسسة التعاون، ص. 28، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021.

الهزايمة، محمد عوض (2011)، القدس في الصراع العربي الإسرائيلي (ط. الأولى)، المنهل، ص. 265، ISBN 9796500004501، مؤرشف من الأصل في 26 آذار 2021، اطلع عليه بتاريخ 26 آذار 2021.

من أعيان القدس في القرن العشرين/الاستاذ بشير بركات/ مدير دار إسعاف النشاشيبي للثقافة والفنون القدس الشريف

التطور العمراني والتراث المعماري لمدينة القدس الشريف بواسطة يحيى وزيري

  س، ش   145 ص 298  /و  س   , ش 57 ص 28 سنة 984/985

الرحلة المقدسية عبد الغني النابلسي

طابو دفتري رقم 522، سنة 953-954هـ/1548م، ص186، وقد نشر النص الأصلي لهذا الدفتر في الدراسة التي قدمها محمد أبشرلي ومحمد داود التميمي في كتاب بعنوان (أوقاف وأملاك المسلمين في فلسطين في ألوية غزة القدس الشريف، يصفد، نابلس، عجلون، حسب الدفتر رقم 522 من دفاتر التحرير العثمانية المدونة في القرن العاشر الهجري) انظر كذلك، ح9، س ش 17، 3 ذي القعدة سنة 952هـ / 1545م، ص42، ح9، س ش 31، 27 جمادى الأولى سنة 963هـ / 1555م، ص270-271. 

الباحث روبين أبو شمسية 

المجد المنيف للقدس الشريف /الشيخ عبد الله نجيب سالم 

 هيئة اشراف بيت المقدس