• 24 أيلول 2022
  • حارات مقدسية

 

 

 

 

بقلم : الباحث الشيخ مازن اهرام 

 ان الحديث عن المسجد الاقصى كمان للعبادة والعلم  هو حديث شيق لا نهاية له فكلما تعمقت في الوثائق تجد ان هذا المسجد المقدس  كان جامعا لكل اطياف العلم والعلماء  والدارسين والعاشقين ، الجميع فيه كان يعيش في  تناسق وتفاهم  وانسجام منقطع النظير، كل يسعى بطريقته لتقرب الى الله ، فنجد المذاهب  تتحاور فينا بينها  وتدرس وتخرج العلماء الفقهاء ويتم تأليف الكتب الدينية في رحاب المسجد الاقصى ونجد الخلوات  قد انتشرت على اطراف القبة الصخرة المشرفة  من اجل التامل والدراسة والتفحص ، بينما الطرق الصوفية قد اتخذت من المباني المحيطة بالاقصى مكان لها ، للتعبد والتقرب الى الله 

 انه مشهد غاية في الروعة ودليل على المكانة التي كان يتمتع بها المسجد الاقصى، هذه الصورة تثبتها الوثائق والتي نحاول من خلال هذا الزاوية في شبكة ” أخبار البلد“ المقدسية ان نشرها  وتوعية الجمهور عامة بما كان عليه الوضع في الاقصى على امل ان تكون هذه الحكايات وتلك الحارات  نبراس امل للاجيال القادمة  ولبنة اخرى في ايمانهم بمكانة الاقصى وعميق تاريخ القدس الضارب جذوره عمق الارض ونوره يترفع الى اعلى السموات .

 هذا اليوم سوف نركز على الخلوات التي انتشرت في فترة متاخرة في رحاب المسجد الاقصى المبارك .

 ولنبدا بمعنى الخَلْوة  اي  مكان الانفراد كالنَّفس أو بغيرها والخلوة هي مكان اختلاء الإنسان بنفسه للعبادة وقراءة القران والتقرب من الله سبحانه وتعالى. 

الخَلْوة هي حجرة صغيرة يكون فيها الإنسان بعيدا عن الناس للانفراد بالنفس، يوجد في المسجد الأقصى 13 خلوة، وتسمى أحيانا (حجرة) أقيمت على جوانب صحن قبة الصخرة، لتكون بمثابة سكن للعلماء إما للراحة أو التعبد والاعتكاف والتفكر وقراءة القرآن. وجميعها بني في العصر العثماني

ومن أشعار رابعة العدوية.. المناجاة معراج الروح

  «إلهي هدأت الأصوات وسكنت الحركات، وخلا كل حبيب بحبيبه، وقد خلوت بك أيها المحبوب، فاجعل خلوتي منك في هذه الليلة عتقي من النار».

وغالب هذه الخلوات  في الاقصى تتكون من طابقين يدخل للطابق العلوي من صحن قبة الصخرة ويدخل للطابق السفلي من ساحات المسجد الأقصى، جميعها تستخدم اليوم كمكاتب إدارية لشئون المسجد الأقصى، كالحراسات وشؤون الموظفين والإعمار والهندسة والترجمة وأنظمة الصوت، أو مخازن، وللأسف فإن بعضها (حجرة أرسلان باشا والخلوة الجنبلاطية) قد احتلتها الشرطة الإسرائيلية وتسيطر عليها وتستخدمها كمركز لها لمراقبة المصلين والتدخل في شؤونه وتنغيص حياتهم .

 

خلوة أرسلان

خلوة أرسلان باشا تقع في الجهة الشمالية لصحن الصخرة إلى الغرب من حجرة محمد آغا، بانيها مجهول وفي سجلات المحكمة الشرعية وقفية للخلوة تقول أن أرسلان باشا رممها (1109هـ/1697م) القرن العاشر هجريًّا، السادس عشر ميلاديًّا ، وهو حاكم القدس وغزة وأمير الحج الشامي، ولذلك سميت باسمه، و أوقف عليها دارًا في القدس عُرفت بدار البلاط، إذ تصرف أجرة الدار على قُراء القران في الخلوة، تتشابه خلوة أرسلان باشا في نمط بنائها مع حجرة محمد آغا، لذا يعتقد أنها بُنيت في نفس الفترة تتشابه في نمط بنائها مع خلوة محمد آغا، تتكون الخلوة من طابقين في كل طابق غرفتان، الغرفة العلوية تطل على صحن الصخرة ويتقدمها رواق من عقدين، أما السُفلية وتُطل على أشجار الزيتون وتستخدم مخزنًا وغرفة لسدنة المسجد. الغرفة العلوية استولت عليها شرطة الاحتلال وحولتها إلى مقرَّ لها.

بانيها مجهول، وفي سجلات المحكمة الشرعية هناك وقفية للخلوة تقول إن   أرسلان باشا رممها (1109هـ/1697م).

أرسلان باشا

أرسلان بن نوغاي باشا هو الوزير والوالي العثماني الذي تولى الحكم في بلاد الشام وفي ولاية بغداد في عهد الدولة العثمانية، وكان رجلا عادلا عاقلا، وله منجزات عظيمة وساهم في بناء الكثير من المساجد ومنها جامع أرسلان باشا في اللاذقية في سوريا وكانت فترة حكمه لولاية بغداد ستة أشهر، وأصابهُ مرض في بغداد وتوفي على أثره عام 1060هـ/1650م، وشيع بموكب كبير ودفن في مقبرة الخيزران بجوار مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان تحت قبته.

الخلوة الجنبلاطية وخلوة أرسلان باشا

تقع الخلوتان المتلاصقتان شمال صحن الصخرة المشرفة وتستخدمهما شرطة الاحتلال كمخفر ومقر لضابط الشرطة المشرف على الأقصى.

يتوسط المخفر غرفة رئيس حراس المسجد الأقصى المبارك ومكتب الأحوال، أي أنه يقع بين الحراس ورئيسهم، وسُجلت من التدخلات في شؤون هؤلاء الموظفين.

أقيم أول مخفر في هاتين الخلوتين في عهد الانتداب البريطاني عندما فشلت محاولة اعتقال عدد من الشبان في الأقصى فأنشئ المخفر بهدف إحباط الثورة الفلسطينية الكبرى، وخلال فترة الحكم الأردني استخدم كمخفر أيضا، ومع مجيء الاحتلال الإسرائيلي زعم أن المخفر هو الستاتسكو (الوضع القائم) فاستولى على الخلوتين واستخدمهما كمقر للشرطة.

حاولت الشرطة التمدد والاستفادة القصوى من المبنى، وبالمقابل استهدف المرابطون هذا المقر مرارا بالحرق، إلا أن الشرطة كانت ترد بترميمه مستعينة بسلطة الآثار الإسرائيلية.

أما خلوة أرسلان باشا فتقع في الجانب الشمالي من سطح الصخرة بين حجر محمد آغا في الشرق، والخلوة الجنبلاطية إلى الغرب. وطرازها شبيه بالخلوات التي بنيت أوائل القرن 11ه/ 17م

الخلوة الجنبلاطية

.تقع الخلوة التي بناها هو الأمير جان بولاد، وهو ابن الأمير الذي كان يقود لواء الأكراد في حلب المعروف بقاسم الكردي.  شمال صحن قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى إلى الغرب من خلوة أرسلان باشا، وقد بنيت في العهد العثماني، بهدف العبادة والاعتكاف وتحتوي الخلوة على الكثير من الزخارف، لكنها تحولت مع الزمن إلى مركز للشرطة في العهد الأردني، ثم مقرا لشرطة الاحتلال بعد احتلال القدس عام 1967، حيث يتناوب على التواجد فيها أكثر من 100 شرطيّ احتلالي وتستخدم كنقطة مراقبة ورصد للمصلين والنساء إلى جانب ممارسات تعسفية بحقهم..

ورد في سجل المحكمة الشرعية أن أحمد باشا الرضوان طلب من المعماري عبد المحسن بن نمر بناء الخلوة عام (١٠١٠هـ/١٦٠٢م) على اسم ابن جنبلاط، ويبدو أن ابن جنبلاط هو من تبرع بتكاليف الإنشاء، وأُوقفت الخلوة لسكن الأكراد الوافدين على القدس لزيارة المسجد الأقصى. وتمتاز بأبعاد جمالية عن غيرها من الخلوات بما فيها من الزخارف والأقواس الشيء العجيب.

  الخلوة الشرقية

 

وتسمى أيضا “المدرسة الحمدية” أنشئت في بداية العهد العثماني في الجهة الشرقية من صحن قبة الصخرة، أوقفها أحمد باشا الرضوان حاكم غزة عام 1014هـ/ 1605م، وهو من امر ببناءها في عام 1006هـ/ 1598م، 

وتتكون من طابقين وكل طابق يتكون من غرفة واحدة. الغرفة العلوية المُطلة على الصخرة تستخدم لقسم حراسة المسجد، أما السفلية فهي مخزن، وكان البناء في بداية الفترة العثمانية   تقع على محيط صحن الصخرة الشمالية، في الجهة الشرقية، تستخدم الآن مكتبًا للترجمة (ترجمة نصوص وترجمة إرشاد للزوار)، وكانت تستخدم سابقًا غرفة للعبادة والتدريس.

خلوة أحمد باشا الغربية

خلوة أحمد باشا رضوان الغربية: بُنيت على الطراز المملوكي، تستخدم اليوم لمكتب مساعد مدير المسجد الأقصى. ومكتب لترجمة النصوص والارشاد

بنيت بأمر أحمد باشا الرضوان عام 1009هـ/ 1601م، تعتبر من أجمل الخلوات في المسجد الأقصى يوجد رواق صغير أمام الخلوة .

 خلوة محمد بيك

تقع في الجهة الشمالية من صحن قبة الصخرة أمر ببنائها أمير لواء القدس محمد بك عام 974هـ/1567م، تستخدم غرفها العلوية غرفة الحارسات ومكتب للأئمة الأقصى

  حجرة محمد آغا

تقع حجرة محمد آغا في الجانب الشمالي من سطح الصخرة المشرفة تجاه الباب الشمالي لقبة الصخرة المعروف بباب الجنّة غربي الدرج الشمالي المؤدي إلى باب الدويدارية، وتتألف هذه الحجرة من طبقتين أنشأها محمد آغا في سنة 996 هـ/1588 م في زمن ابنه خداوردي بك أبي سيفين أمير لواء القدس كما يظهر من خلال نقش تأسيسي في الواجهة الجنوبية، وتُعرف اليوم بمكتب رئيس حُرّاس المسجد الأقصى.

“أنشأ هذه الحجرة اللطيفة محاذي للصخرة الشريفة انسان عين الزمان وأمثل، الأعيان مولانا محمد آغا من اشتهر بالمجد الأسمى بدار السلطنة العظمى، على يد من عمّت خيراته ومرت أبدا حسناته أكمل الأمراء وأمثل من في عصره من نواب، مولانا خدا وردي بك الشهير بأبي سيفين في عام تسعمائة وتسعين وستة”. خصصت في بعض الفترات في الماضي لقراءة سورة يس كل صباح، وتستخدم اليوم غرفة لرئيس حرس الأقصى.

  خلوة قيطاس بك

تقع في الجهة الشمالية من صحن قبة الصخرة، بنيت في بداية العهد العثماني، تستخدم كمكتب لحرس الأقصى.

   خلوة برويز

تقع في الجهة الشمالية من صحن قبة الصخرة في بداية العهد العثماني بانيها هو برويز (والد قيطاس بك الذي بنى خلوة قيطاس بك) وهي ملاصقة لها وتستخدم الخلوتان الآن مكتبا لحراس الأقصى.

  حجرة إسلام بيك

تقع في الجهة الغربية من صحن قبة الصخرة، أمر ببنائها إسلام بيك أمير لواء القدس عام 1001هـ/ 1593م، كانت تستخدم لقراءة القرآن، تستخدم اليوم الطابق العلوي (الذي يطل على صحن قبة الصخرة) مكتب المحاسبة للجنة إعمار الأقصى، ويستخدم الطابق السفلي مقرا للجنة زكاة القدس.

خلوة بيرم باشا

تقع في الجهة الغربية من صحن قبة الصخرة، جعلها بيرم باشا لقراء القرآن، وعين لها 32 قارئا للقرآن. تتكون من طابق يستخدم اليوم الطابق العلوي (لإطفائية المسجد الأقصى) والطابق السفلي يستخدم مكتب هندسي لترميم المسجد الأقصى.

خلوة سدنة الحرم

تقع في الجهة الغربية لصحن قبة الصخرة، بنيت بعد عام 1222هـ/1807م، تستخدم اليوم مكتبا الأدلاء والمترجمين في الأقصى.

  خلوة المفتي

تقع في الجهة الغربية من صحن قبة الصخرة، بنيت عام 1226هـ/1811م لمفتي القدس، ثم استخدمت حجرة للمؤذن، واليوم تستخدم لأجهزة التسجيل ونظام الإنذار في الأقصى.

 خلوة الشيخ عبد الحي الدجاني

تقع في الجهة الغربية لصحن قبة الصخرة، أنشأها الشيخ عبد الحي الدجاني عام 1138هـ/ 1725م، تستخدم الآن مقر لعيادة المسجد الأقصى المبارك.

 الخلوة الجنوبية الغربية

بنيت في القرن ال13هـ/ 19م، تستخدم اليوم مكتبا لرئيس سدنة المسجد الأقصى. ويستخدم الطابق السفلي منها لصيانة الأقصى. 

 

المراجع

اعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران - وليد الأعظمي - مكتبة الرقيم - بغداد 2001م - صفحة 87. أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران، وهو من أشهر الكتب في تراجم أهل بغداد ممن دفنوا في مقبرة الخيزران المجاورة لمبنى جامع الإمام أبو حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية ببغداد.

 تاريخ العراق بين احتلالين - المحامي عباس العزاوي - بغداد 1353هـ/1935م - 5/42.

الكاتب محمد عبد ربه

المصدر: إيهاب الجلاد، معالم المسجد الأقصى تحت المجهر، مركز بيت المقدس للأدب، 2017 

 هيئة اشراف بيت المقدس