- 11 آذار 2025
- حارات مقدسية
بقلم : الشيخ الباحث مازن اهرام
رمضان هذا الشهر الكريم الذي هو رمز القداسة صار بفعل المخاض الغزي مختلفا عن بقية الشهور أحداث تتوالى يكاد يشيب لها الرضيع فما أصبح الصبح إلا أتـى من الله نصرٌ وفتح ٌ قريب فلا يميزه سوى تطويع النفس لحب عظيم "الله جل جلاله "
ولا زالت الروح ظمئ لتلك التربية حكاية القدس أيام الطفولة
ننشط بعد الفطور وقد مضى صيام النهار وتناول وجبة الإفطار مع العائلة
نمضي مع رفاق الدرب بالطرقات حارة حطة والسعدية وأزقة البلدة القديمة وأينما وصلت أقدامنا بالتجوال ترعرعنا في ازقة وحارات واحواش مقدسية فلسطينية..
كلها حوائط تاريخية مرصوفة بالكرامة والكرم والمحبة وجدت خبزها وزيتها وعطرها فواح بالنضال والذكريات السرمدية التي لا تنضب توارثناها من الجدات تارة وتارة قصص وحكايات
هلموا يا أولاد نطرق أبواب الجيران لعلنا نحصل على بعض الحلوى ننشد بأعلى الصوت
ونشعل الفوانيس لإنارة الطريق
حالو يا حالو بالحرية حالو
أعطونا أعيادنا الي ما بتزاور بلادنا
تا نرسم أحلامنا وطنا يا حالو
احكي يا ستِّي احكي لا تهتمي ولا تبكي
لما عجنوا طحينك دم لا غير الله ما تشكي
ما راح يهدا بالنا وما راح ننسى دارنا
يا ستي يا ختيارة دليني عالبيارة
أعطيني مفتاحي حرام يروح خسارة
وين سارت دارنا لما احتلوا ديارنا
ستي وسيدي في الحارة رسموا بيدي إشارة
ما نرضا بالخسارة معنا والله حجارنا
بنعاهد أجدادنا لنكمل مشوارنا
أوعا تفكر يا محتل أرض بلادي راح تضل
عمرك ما بتخوفنا إحنا كبار وما بننذل
اهدم واحنا بنعمر راح نعلي دارنا
الأرض المقدسية نكهتها مختلفة، يسبقها الحماس والمغامرة والتطلع للمعرفة، ها نحن نقترب من العشر الأولى من الشهر وحسب قولة ستي (متى عشر دشر) ننظر لما حولنا وليس بعيد عنا شتات وألم، وطن بات رهينة عند من نناضل لرحيلهم، بات الشوق والحنين لمدينة القدس بما احتوت جُل تفكيري في هذه الآونة، لابتسامات أمي وترحيبها وكلماتها التي تهدئ في روحي اضطراب الكون، والعالم كل العالم في سبات عميق تجاوزا عن أهل الكهف في سباتهم!!!!
لكن شوقي لجماليات البلدة القديمة وحواريها لهوائها الأخًاذ والدرب السائر للمسجد الأقصى لنحظى بركعات ضمن أجواء رمضانية أين ذهبت الابتسامة من عيون الأطفال ودمعات الأباء ولوعة الأمهات وزخات الأمطار التي توحي كأن الطبيعة تربت عليك أن الأمور ستسير بما يسرك أمطرت السماء في هذه المدينة المقدسة خلا المطر من البهجة والفرح، ممزوج بالشوق والاغتراب، فالهجرة عن الأهل والأحبة يُعِل فيك فرح ما بين يديك نذكر حالنا أفضل من باتوا بالعراء دون مأوى ولا طعام يتفرشوا الأرض ويتلحفوا السماء أضحى الفقر في الوطن غربة
أهلي هناك ُشعثاً غُبراً كمن ذهب لحفر قبره بيديه يوارى أهله ويعلو التراب وجهه وشعره وفي اليوم التالي يأتي أجله ولا مناص يتسابقون للموت حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم
في أوقات الزوال.. حين تنغمس الشمس خلف جبال الغروب، غالبا ما يكون الإنسان في حالة تشبه الفراق، لحظات ربما لا يعبر عنها إلا بزَفِرةٍ متأنية، غير أنها في شهر رمضان يكون الزوال فرائحيا بنكهة الانتصار الروحي، خلاف لكل أيام العام أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ
فما أصل الحكاية
جرت عادة أهل بيت المقدس مشاركة بعض العادات والتقاليد والثقافات العربية والإسلامية كوحدة المطالع ببداية شهر الصيام إن ثبت هلال رمضان ببلد صام البلد المجاور له وبما أن الأهازيج جزء من تلك التغريدة فقد ورد من أرض الكنانة تلك الحكاية
ورد في التراث الشعبي تعبير "حَالُّو يا حَالُّو رمضان كريم يا حَالُّو"، فالمراد: شيخ يا شيخ رمضان كريم وكأنها بذلك تجذب انتباه كبار السن لإعطاء العيدية والهدايا في شهر الكرم وأصلها (حِلْلو) وهي فى القبطية الصعيدية بمعنى: الشيخ/ المتقدم فى السن وتُنطق (خِللو) فى القبطية البحيرية.
وأن كلمة "حالو" لفظ قبطي عن لفظ هيروغليفية بمعنى الشيخ أو رجل متقدم في السن، "حل الكيس" يعنى "فك الكيس"، وادينا بقشيش"، والكيس في اللغة الفارسية بمعنى المحفظة، وبقشيش، لغة تركية بمعنى عطية أو هبة، ورمضان كريم لغة عربية، ويا نروح منجيش، "يا" في اللغة القبطية بمعنى "أو". “الجملة فيها مصري قديم وقبطي وتركي وفارسي وعربي وعامي، واللطيف أن كلمة فانوس لفظ يوناني بمعنى الشئ المنير أي يرادفه في العربية المصباح المضيء".
وقد ورد اسم إياحه حتب في قاموس اللغة القبطية ما يلي: - معنى اسم إياح حتب: عطية القمر "إيعح / إيح: القمر، حِتِب: عطية". - وَحَوِى: من الكلمة الهيروغليفية " وَاحْ " بمعنى استمر/ أصبِر/ تحمَّل. - إيُّوحَا/ وكلمة " إيوحا/ إيَّاحا " كلمة مصرية قديمة أيها القمر.. أو أصبر علينا أيها القمر.. أو تحملنا أيها القمر
وحوى يا وحوى اياحه
إياح يعنى قمر وحتب يعنى زمان فيكون اسم الملكة اياح حتب يعنى قمر زمان وكانوا بينادوها اياحه يعنى قمر أما كلمة وحوى بالمصري ايام الفراعنة فمعناها فرحى.
جاء في النقوش الهيروغليفية عن كتاب الهيروغليفية لجاردنر التى أصبحت فى القبطية باللهجة الصعيدية "يوح / أُوُّوح "، و "يوه" فى القبطية البحيرية ويذكر السير آلان جاردنر، عدة معانٍ أخرى لكلمة "واح"، منها كُن صبورًا، واحتمل
وأصلها
وحوى يا وحوى إياحه بنت السلطان إياحه لابسه فستان إياحه.
يعنى: فرحى يا فرحى قمر بنت السلطان قمر لابسه فستان قمر.
أما قصة الفانوس فيقول المؤرخون إن بدايته كانت في العصر الفاطمي حيث خرج المصريون يستقبلون المعز لدين الله الفاطمي ليلا، وكان هذا في شهر رمضان، فظلت هذه العادة مرتبطة بالشهر الكريم.
ساعة الزوال وما قبله بهنيهة في القدس تكون هذه الفسحة الزمنية قد جُعِل فيها البحث عن ضيف رمضاني شيئا لابد منه، فلا تستغرب إن مررت في شوارع هذه المدينة وأجبرك أحد لا تعرفه على الإفطار بمعيته، هذه الشمائل العربية المتجذرة وحدها مالا يمكن أن تمحوه السياسات المفروضة.
المصادر
انظر قاموس اللغة القبطية للهجتين البحيرية والصعيدية، لمعوض داود عبد النور، الطبعة الثانية، إبريل 2000، ص659.
(المعجم الصغير في مفردات اللغة المصرية القديمة، القاهرة، الطبعة الأولى 1958، ص46 أحمد بدوي وهرمن كيس).
حللو كلمه قبطيه خِللو ϧⲉⲗⲗⲟ معناها شيخ
حل الكيس وادينا بقشيش لا نروح ما نجيش يا حللو
لياليك الحلوة الزينة ع القدس هللو عادت وبلادي بتروي سعادة
وآيات المجد شموع منقادة والراية فوق قنالي منوره الليالي
وارضنا الحبيبة مفيهاش ايد غريبه والمجد للعروبة طول السنين يا حللو
عادت وبلادي الغالية بقت حاجه تانية بتقول الكلمة ترن ف كل الدنيا
وفي كل يوم جهادنا بتزيد انوار بلادنا وارضنا الحبيبة ما فيهاش ايد غريبه
والمجد للعروبة طول السنين يا حللو عقبال ما تجينا يا رمضان
فى العام الجاي يا رمضان ونغنى معاك علا دق الطبلة وصوت الناي
يا روضه للعبادة الخير معاك زيادة والمجد للعروبة طول السنين يا حللو
وحوى يا وحوى ايوحااا وكمان وحوي ايوحااا
وحوى يا وحوى ايوحااا وكمان وحوي ايوحااا
روحت يا شعبان ايوحااا وحوي الدار جيت يا رمضان
وحوى يا وحوى ايوحااا وكمان وحوي ايوحااا
هل هلالك والبدر اهو بان يا الله الغفار شهر
مبارك وبقالو زمان هل هلالك والبدر اهو بان
شهر مبارك وبقالو زمان محلا نهارك بالخير مليان
وحوى يا وحوى ايوحااا وكمان وحوي ايوحااا
روحت يا شعبان ايوحااا وحوينا الدار جيت يا رمضان
جيت بجمالك صقفو يا عيال صقفو يا عيال يا الله الغفار