• 12 نيسان 2025
  • حارات مقدسية

بقلم : نافذ عسيلة

 

مقاهي البلدة القديمة في القدس لا تقتصر على كونها أماكن لشرب القهوة والشاي أو لعب الشدة فقط، بل هي فضاءات حيوية تعبّر عن الهوية العربية وتواجه تحدياتها وتمثل هذه المقاهي محاور تجمع اجتماعية ونقاط انطلاق للنقاشات السياسية، فضلاً عن كونها حافظات للتراث وذاكرة المدينة الجماعية في ظل الصراع الوجودي الذي تعيشه.

تُعد هذه المقاهي غنية بالرمزية الثقافية والاجتماعية والتاريخية، حيث تُجسد عالماً مصغراً يعكس تفاعلات المجتمع العربي وهويته وتؤدي دوراً مهماً في التأكيد على البُعد الثقافي والاجتماعي في سياق سياسي وثقافي معقد. ومن أبرز الجوانب التي يمكن التطرق إليها هي ان المقاهي كفضاء اجتماعي وسياسي

 حيث  تلعب مقاهي البلدة القديمة دوراً حيوياً كفضاءات عامة تُسهّل التفاعل بين أفراد المجتمع، سواء في النقاشات اليومية أو في المناسبات الاجتماعية. فهي ليست مجرد أماكن لتناول القهوة والشاي والكركديه ولعب الشدة وطاولة الزهر، بل تُشكّل "نوادٍ اجتماعية" غير رسمية ، وتتحول المقاهي إلى منصات لنقاش القضايا المحلية والعالمية، مما يعكس هموم السكان وتطلعاتهم في ظل الاحتلال، وتُظهر تفاعلات ثقافية وفكرية تعكس واقعهم وهوياتهم في سياق سياسي معقد.

 ان للمقاهي بعد تراثي وثقافي، فالقهوة العربية سواءا كانت مرة او محلاة  تُعتبر رمزاً للكرم والتقاليد العربية، وتُقدم في المقاهي بما يعكس التقاليد العائلية والاجتماعية. وتُحافظ بعض المقاهي العتيقة مثل مقهى جابر ومقهى كركور والمقهى العربي على طابعها التراثي. ففي هذه المقاهي تُروى الحكايات الشعبية وتنقل الذكريات بين الأجيال، مما يساهم في الحفاظ على الهوية العربية.

التمييز بين المقاهي التقليدية والحديثة

 فالمقاهي التقليدية غالبًا ما يرتادها كبار السن وتتميز بتصميمها البسيط وتركيزها على تعزيز الأجواء الاجتماعية أكثر من تحقيق الربح التجاري، ومع تغير السياق الحضري ودخول الكافيه شوب، ظهرت مقاهٍ تستهدف الشباب والسياح، مما قد يُثير أسئلة حول التحولات في الهوية والانتماء.

 مع تغير المشهد الحضري وظهور مقاهي الكافيه شوب التي تستهدف الشباب والسياح، يطرح ذلك تساؤلات حول التحولات في الهوية والانتماء وتأثير هذه التغيرات على الثقافة المحلية. هذه المقاهي تسمى المقاهي الحضرية والتي يمكن فهم هذه المقاهي  من خلال مفهوم الفضاء الثالث، حيث تُعد أماكن وسيطة بين المنزل والعمل، مما يساعد في تسهيل بناء الشبكات الاجتماعية وتعزيز التبادل الثقافي.  تُظهر طقوس شرب القهوة الصباحية أو لعب الشدة كيفية تشكيل الروتينات اليومية وتثبيت الهوية الثقافية في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة.

تتعرض بعض المقاهي للرصد من قبل الاحتلال نظراً لدورها في تعزيز التماسك الاجتماعي العربي، مما يعكس الصراع على الهوية والفضاءات الثقافية في ظل الضغوط السياسية. مع استهداف القدس بالتهويد، تُصبح المقاهي أحد الفضاءات المقاومة للاندماج القسري، حيث تحافظ على الطابع العربي.

 مع استهداف القدس بالتهويد، تُعد المقاهي أحد الفضاءات المرافِقة للاندماج القسري، حيث تظل محافظة على طابعها العربي، مما يساهم في صون الهوية الثقافية والتمسك بالتقاليد في مواجهة محاولات التغيير.