• 21 شباط 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : طاهر احمد الديسي

عجت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات مختلفة بين مؤيد ومعارض واخرين ساخرين بالحكم الصادر عن محكمة بداية نابلس بشان  ادانة الحكومة البريطانية وتحميلها مسؤولية الاثار الناتجة عن تصريح بلفور والجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب العربي الفلسطيني فترة حكمها العسكري وانتدابها على فلسطين وعليه نوضح ما يلي :

اولا : محكمة بداية نابلس انتصرت وانتصفت لحقوق الشعب الفلسطيني الواضحة وغير القابلة للجدل وادانت بريطانيا التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية باختلاف اشكالها فقتلت وهجرت وعذبت ودمرت واعتقلت وقمعت ثورات الشعب الفلسطيني دفاعا عن ارضه وحقه في تقرير مصيره .
ثانيا : إٕذ اعتبرنا ان هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم بموجب القانون الدولي وبان هذه الجرائم مستمرة حتى يومنا هذا باستمرار الاحتلال الاسرائيلي  فانه من الطبيعي ومن حق كل متضرر ان يتوجه لميادين العدالة للمطالبة بحقوقه.
ثالثا : لقد خاطبنا العالم باسره نطالبه بان يعترف في فلسطين كدولة واعترفت بنا عشرات الدول وحصلنا على عضوية دولة بصفة مراقب في الامم المتحدة . ووقعت دولة فلسطين على عشرات الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تمنحها الحق في ممارسة الاختصاص العالمي في الجرائم التي تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وتهدد السلم العالمي ، وحيث ان هذه الجرائم تبطل الحصانة القضائية للدول فان من حق دولة فلسطين كأي دولة في العالم ان تمارس هذا الاختصاص وقد شهد العالم سابقة فيما يتعلق بمحاسبة بريطانيا بشان الاثار الناتجة عن تصريح بلفور حين تقدم مجموعة من الحقوقيين في العالم العربي للقضاء المصري بدعوى لادانة بريطانيا وقبلت الدعوى في ذلك الوقت وللاسف مورست شتى انواع الضغوط حتى تراجع من تقدم بالدعوى وقام بسحبها .
رابعا : يطالب المدعون الحكومة البريطانية بالاعتذار عن ما تسببت به من معاناة للشعب الفلسطيني والاعتذار في القانون الدولي له اثار هامة وهذا ليس غريبا فقد سبق وان اعتذرت بريطانيا للهند وكمبوديا والماو ماو وغيرها من المجتمعات عن مذابح وجرائم ارتكبتها فترة استعمارها ، ومن حقنا كفلسطينيين ان نطالب بريطانيا بالاعتذار عن كل ما سببته وتسببه من معاناة للشعب الفلسطيني .

خامسا : التوجه لمحكمة بداية نابلس هو جزء بسيط من حراك قانوني طموح ومدروس كان هدفه أن يصدر قرارا باسم الشعب الفلسطيني يعبر عن الارادة الفلسطينية في محاسبة من انتهك حقوقه . واستكمالا لهذه الخطوة قد تعاقد القائمون على هذا الحراك وابرزهم منيب رشيد المصري مع أبرز محامي وقضاة العالم واهمهم المحامي البريطاني بين أميرسون والمدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية ألويس أوكامبو.
سادسا : ان من يطالع السيرة الذاتية للمحامي بين إميرسون عبر الشبكة العنكبوتية يعي تماما مدى جدية وعمق القائمين على هذا الحراك القانوني وان القضية ستدخل المنحنى الدولي خلال الايام المقبلة لتكون محطة تاريخية هامة .

سابعا : إن ما جرى في محكمة بداية نابلس ليس احتفالا بالقرار وانما اطلاق مبادرة بعنوان اعتبار يوم 21 شباط يوما لإحياء ذكرى ضحايا تصريح بلفور الذي تسبب بالالف الشهداء والاسرى واللاجئين وسرقة الاراضي ، وهذا يتطلب اوسع مشاركة ودعم لهذه المبادرة الخلاقة وهذا أقل واجب اتجاه كل من ضحى لأجل فلسطين

ثامنا : ليس من المقبول الاستهتار بالخيار القانوني كخيار استراتيجي للدفاع عن الحق الفلسطيني والتعريف به وعلينا ان ندرس جيدا قضية أرخبيل والنزاع الجاري حاليا بين بريطانيا وجمهورية موريشيوس .
تاسعا : ان اي جهد يمارس في اطار الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وادانة الاستعمار والاستعماريين هو جهد مبارك غير قابل للتسخيف أو التشويه .

لقد اخطانا كفلسطينيين حين اهملنا الخيار القانوني في الوقت الذي استثمره الاحتلال مؤسساته في الدفاع عن الباطل ووصل بهم الامر إلى ملاحقة من يقاطع المستوطنات غير الشرعية . واخطانا حين مارسنا سياسة رد الفعل في كل المفاصل التاريخية واليوم نحن امام مبادرة هامة لاستثمار الخيار القانوني في الدفاع وتثبيت الحق الفلسطيني ، مبادرة تجسد سياسة الفعل الممنهج وليس رد الفعل المبتذل واخطانا حين قصرنا في مخاطبة العالم بلغة الانسانية والعدالة والاخلاق وعلينا أن لا نخطئ من جديد في قتل مبادرات تعيدنا الى اصل نكبتنا وسببها وتذكر العالم كله بان فلسطين كلها فلسطين وما اسرائيل الا دولة احتلال وجدت بالقوة وقائمة بالقوة .