• 13 تشرين أول 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم :  أحمد صيام 

 

حالة من الترقب والتفاؤل الحذر والتهلف تسود الوسط الفلسطيني عامة والفتحاوي على وجه الخصوص مع ما رشح من معلومات عن صفقة لتبادل الاسرى بين حركة حماس ، وحكومة الاحتلال الاسرائيلي . وعاد اسم الاسيرين القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات مرة اخرى الى التداول ، حيث تشير المعلومات الى تمسك حركة حماس بالافراج عن البرغوثي خاصة بعد اللقاء الذي جمع اسماعيل هنية وزوجة البرغوثي المحامية فدوى البرغوثي ، اضافة الى شمول القائمة مجموعة من ذوي الاحكام العالية والمؤبدات . والسؤال الذي يطرح نفسه ان صدقت الانباء ولم تكن هناك اي معوقات داخلية او اسرائيلية : لماذا ينظر الفتحاويين بلهفة كبيرة الى تحرر مروان البرغوثي من الاسر ؟ من دون مواربة هناك اسباب عدة وسط حالة الترهل التنظيمي التي دكت حركة فتح وعموم الحركة الوطنية ، وتسلق كثير من المرتزقة وغير المؤطرين تنظيميا على ظهر الحركة ، واختطافها من فئة تسعى فقط خلف مصالحها الذاتية ولا تعير للشأن الوطني اي اهمية والتفرد بالقرار الفتحاوي بعيدا عن القاعدة ، فأضحى البرغوثي الامل الاخير لاستنهاض حركة فتح واخراجها من حالة الاحتضار الذي تعيشه ، واستعادة الدور الريادي الذي اضمحل في الاونة الاخيرة وعجز قيادات الحركة عن مواكبة التطورات الاخيرة في الساحة الفلسطينية ، واتساع الفجوة بين القيادة والقاعدة، ما يجعل الغالبية العظمى من الفتحاويين خاصة وابناء الشعب الفلسطيني عامة ينظرون الى البرغوثي كمنقذ ومخلص لحركة فتح والوحيد القادر على اعادة الاعتبار لها وتاريخا بل وربما للحركة الوطنية بكال اطيافها ، والتي تتعرض لابشه حملة طمس من الاحتلال واعوانه من العجم والعرب . فلماذا مروان البرغوثي ولماذا هناك من يخشاه ، ويحاولون تقزيم دوره المنتظر؟ 

1. البرغوثي ومنذ نعومة أظافره ، امضى حياته مناضلا ، مطاردا واسيرا وعاش تجربة التشرد، وعرف ما يعانيه شعبنه في أماكن اللجوء والشتات، ووصل الى الهرم القيادي بحركة فتح عبر انتمائه الحقيقي والتصاقه بالعمل الوطني وحرصه على مصالح قضيته وشعبه ، ولم يلتفت الى ذاته يوما انما كان ينظر إلى الشعب الفلسطيني ككل ، ما منحه نظرة شاملة تعكس مصالح مختلف التجمعات الفلسطينية ، وكان على تماس مباشر مع القاعدة  ومع ابناء شعبنا في الداخل ومع النخب الفلسطينية على اختلاف أنواعها داخل الوطن وخارجه ، ورفع شعار:" إذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فأنا مستعد لدفع هذا الثمن ".

2. البرغوثي يعيش حاليا حالة من التهميش والإقصاء المتعمد من القيادة الفلسطينية والفتحاوية، وذلك لقطع الطريق عليه من تصدر المشهد السياسي الفلسطيني، وهو ما يضع جملة من علامات الاستفهام حول أسباب ودوافع وآفاق ذلك الإقصاء المتعمد ، وتعرض للطعن بالظهر مرات عدة وتهميش من يحسب عليه من تقلد اي مواقع تنظيمية ، واستبدالهم بمن يعمل وفق اهواء خاصة ولا يعير للمصلحة الوطنية العليا اي اهتمام . 

3. عملية اعتقال البرغوثي كانت لأسباب نضالية بحتة ، في وقت كان هناك من يستميت على تنفيذ بنود اوسلو على راسها التنسيق الأمني، ويرفض أي إنتفاضة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، بالتالي أضحى البرغوثي يمثِّل تطلعات الفئة الاكبر من أبناء حركة فتح المهمشين . 

4. البرغوثي مناضل شجاع في الحرب وفي السلام ، فكان قد اعتبر أوسلو فرصة ويجب إستغلالها سلميا، وعمل على إقناع فتح بها ، الى درجة انه اتهم بالتطبيع ، لكنه سرعان ما اكتشف أن أوسلو لم يعط الثمار بإنهاء الاحتلال ولا وقف التوسع الاستعماري الاستيطاني، وأن سلطات الاحتلال استخدمت العملية السياسية لاستكمال تطبيق مشروعها الاستعماري، فهندس وقاد الانتفاضة الثانية بكل شجاعة ومثابرة وإصرار.

5. البرغوثي الحالة النضالية المثلى التي باتت تمثل شريحة الى حد ما منسية في الاطر الوطنية ، الامر الذي اربك الصف القيادي الاول في حركة فتح باعتباره يهدد مصالح ما فتئوا يرسمون خارطة طريق للحركة تتناسب ورؤياهم الخاصة بهم بعيدا عن المصلحة الحركية الفتحاوية الوطنية خلال السنوات الماضية ما ادى الى انقسامات في الهياكل الحركية ودفع بكادر لا بأس به ممن يتمتع بتاريخ نضالي مشرف الى العزوف عما يجري بالحركة واخلاء الساحة لهذه الفئة التي استغلت الوضع وتفردت وتنفذت وأفسدت ما انعكس سلبا على شعبية حركة فتح في الشارع الفلسطيني .

6. مروان البرغوثي يتمتع بشعبية واسعة في الوسط الفلسطيني ، ويرى فيه البعض قنبلة متدحرجة ستنفجر، وتفجر ما هو قائم وتقلب الطاولة على رأس المنتفعين الموجودين في قمة الهرم .

7.  البرغوثي ينتمي الى الحقبة العرفاتية بكل معطياتها والتي باتت غالبية الكادر تتعطش وتحلم وتتمنى العودة الى تلك الامجاد ، لذا يرونه الامل الكبير في توحيد صفوف حركة فتح واستعادة روحها النضالية ودورها الكفاحي ومكانتها فلسطينيا وعربيا ودوليا ، وكذا الحركة الوطنية بكافة أطيافها . 

8. البرغوثي كان له دور كبير وهام في الانتفاضة المجيدة الاولى ومهندس انتفاضة الاقصى ، وكان يقود المسيرات والتظاهرات في الشوارع، مثله مثل أي مناضل فلسطيني، بملابس عادية من دون ربطة عنق أو بدلة رسمية او مرافقين او سيارات فارهة او "كريم الجل" يزين به شعره !!

9. البرغوثي رفض منذ قيام السلطة الفلسطينية الانخراط بأي موقع وزاري او رسمي وآثر البقاء خارج اطرها والبقاء ضمن الحالة التنظيمية الفتحاوية والتركيز على تفعيل أطر التنظيم .

10. البرغوثي قادر على إعادة بناء الهوية الوطنية الجامعة ، وإعادة التأسيس لكيان وطني جامع على اسس حركية ديموقراطية وطنية ، والاقدر على توحيد شطري الوطن واانهاء الانقسام المدمر.

11. البرغوثي بات الانسب لاحداث انتفاضة اخلاقية وسياسية في المجتمع الفلسطيني . 

12. أهم ما يميز البرغوثي تواضعه وبشاشة وجهه وتمتعه بسمات قيادية تتجلى في كل أعماله، خصوصًا أثناء الخطابة، فهناك كيمياء بينه وبين الشعب ، ودائم ألعطاء والتضحية. 

13. باختصار مروان البرغوثي الشخصية الجامعة للكل الفلسطيني ورجل السلم والحرب معا .