• 21 حزيران 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد* 

 

يتخبط (الاسرائيلي) الحاكم والمعارض والسياسي والأمني- والعسكري على حد سواء ان في ميدان السياسة وانفي ميدان الحرب، فقد اعلن الجيش (الاسرائيلي) مطلع الاسبوع الماضي انه سينهي معركة رفح خلال اسبوعين وعاد منذ يومين للقول انها قد تحتاج الى عدة اسابيع، وافقت حكومتهم مبدئيا على المشروع الذي صدر عن مجلس الأمن للوصول الى تسوية ووقف إطلاق نار، ولكنه عاد واعلن انه مستمر في الحرب حتى تحقيق أهدافها المعلنة بسحق المقاومة سحقا نهائيا واسترداد الاسرى بالقوة ودون قيد أو شرط والبقاء في قطاع غزة وإقامة مناطق عازلة واعادة تشكيله بما يضمن عدم نهوض أي شكل من أشكال المقاومة في المستقبل.

 الاخ الكبير لدولة الاحتلال او المشغل لها فالأمر الأمريكي خاصة والغربي عامة يبدي قلقا من استطالة أمد الحرب وعدم قدره (الاسرائيلي) على حسمها أو الاقتراب من تحقيق شيء و لو ضئيل من أهدافها، و يبدي قلقا أكبر من اتساع ميادينها خاصة باتجاه الاشتباك مع المقاومة اللبنانية، ويحاول ضبط إيقاعها من اجل الوصول الى وقف اطلاق نار يلبي مصالح (اسرائيل) بالدرجة الاولى بإطلاق سراح الاسرى الذين احتجزتهم المقاومة في السابع من تشرين أول الماضي و بانسحاب جيش الاحتلال من المناطق الآهلة بالسكان، مع بقائه في جوارها لتكرار سيناريو الضفة الغربية التي يرابط الجيش الإسرائيلي على تخوم مدنها و يجتاحها كلما بدا له الأمر أو تطلبت الحاجة، ثم العودة الى معسكراته.

 استدعى ذلك القلق البيت الابيض لان يرسل مبعوثيه من ذوي الرتب الرفيعة لضبط الأوضاع ومنع اتساعها خاصة مع التطورات المتسارعة مع لبنان والإشارات (الإسرائيلية) التي ذهبت باتجاه تطوير الحالة من المشاغله والاشتباك الى الالتحام في حرب ضروس لا تريدها المقاومة اللبنانية ولا محورها ولكنها لا تخشاها ومستعدة لها كما قال الشيخ نعيم قاسم في أكثر من خطاب له في بضعة الأيام الماضية. المبعوث الامريكي- (الاسرائيلي) هوك شتاين لا يكاد يصل الى بيروت حتى يغادرها الى تل ابيب ولا يكاد يصل الى تل ابيب حتى يعود الى بيروت ممارسا دور البوسطجي وناقل الرسائل أكثر من دور الوسيط الذي يستطيع تدوير الزوايا الحادة حتى الان، قالت الرسالة الاولى التي حملها على لسان نتنياهو ان على المقاومة اللبنانية الانسحاب الى شمال نهر الليطاني والا الحرب، فيما أضافت الرسالة الثانية موعدا نهائيا وهو السادس والعشرين من هذا الشهر لانسحاب المقاومة الى الحد الذي تريده الحكومة (الإسرائيلية) والا الحرب. 

لا يبدو ان المقاومة اللبنانية ترتعد خوفا من مثل هذا التهديد أو التوقيت، وجاء ردها  بان المقاومة اللبنانية لا تهاجم الا أهدافا عسكرية فيما دولة الاحتلال تهاجم اهدافا مدنية و مواطنين آمنين، و ان على تل ابيب ان تعرف تماما أن الحرب على لبنان تعني الحرب على إيران التي ستكون شريكة في الحرب الى جانب حلفائها و محورها، ثم بالقول إنه في اللحظة التي تشعر بها بجديه هذا التهديد فإنها قد تقوم بضربة استباقية مؤلمه، فيما جاء ردها الثاني بالهدهد الذي استطاع حسب الموروث الديني نقل عرش ملكة اليمن بلقيس الى القدس برمشه عين.

 واستطاع هذه المرة القيام بمسح دقيق من خلال القيام بجولة واسعة و التقاط الصور للمواقع (الإسرائيلية) المحصنة والتي كانت (اسرائيل) قد طلبت من المواقع الالكترونية الجغرافية مثل غوغل ايرث و غيرها حجبها عن الرؤية. ان يتورط (الاسرائيلي) في تحديد موعد للحرب هي مسألة فارقة ففي الموعد المحدد سيجد ان المقاومة اللبنانية باقية في مكانها و لم تنسحب الى شمال نهر الليطاني ولا الى اي مكان اخر وانما قد تكون مرشحة للدخول الى الجليل الفلسطيني، وقصه الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني لم تستطع اله الحرب (الإسرائيلية) في عام 2006 أن تفعل بها شيئا فهل تستطيع الان؟

 الجواب قطعا لا، و جاء قول الفصل في كلمة الشيخ حسن نصر الله مساء امس والتي كانت وافية و شاملة و قال لها ما يجب أن يقال، من أن المقاومة اللبنانية هي لإسناد غزة و مشاغلة العدو ولكنها على أتم جاهزية لكل الاحتمالات هي و محور المقاومة لا للحرب مع إسرائيل فحسب وإنما مع من يمنح (اسرائيل) تسهيلات و خص بذلك قبرص و لكنه كان يقصد غيرها ايضا ممن قد يمنح تسهيلات للعدوان على لبنان، و ممن يقصدهم على سبيل المثال لا الحصر من وراء قناة العربية التي اذاعت فور انتهاء خطاب الشيخ نصر الله تصريحات على لسان رئيس الأركان(الاسرائيلي)  يقول بها ان دولته قوية و انها مستعدة للحرب، ويقصد تلك الدول التي تصدت دفاعاتها الجوية للمسيرات والصواريخ الإيرانية ليلة 13-14 من الشهر الماضي. لكن يبقى السؤال هل يعبر هذا السلوك (الاسرائيلي) والتهديد وتحديد الموعد عن رؤيه سياسيه وامنيه عميقة لا ترى بدا من الدخول في معركة صفرية لا مع المقاومة الفلسطينية في غزة فحسب وإنما مع محور المقاومة بكامله وهو أمر تشير المعطيات باستحالة تحقيقه أم أن ذلك يعبر عن انفصام العقل السياسي و الأمني و العسكري (الاسرائيلي) عن الواقع والدخول في دوامة المغامرات غير المحسوبة.

* سياسي فلسطيني مقيم في الكفير- جنين- فلسطين المحتلة