• 17 تموز 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

 

كان جيش الاحتلال قد حدد منطقة مواصي خان يونس باعتبارها منطقه امنه او انها خارج نطاق العمليات العسكرية ، الا انه لم يتورع يوم السبت الماضي عن ارتكاب مجزرة بشعة بقصف من طائرة اف 35 ،أودت بحياة ما يزيد عن 100 شهيد ومثلهم من الجرحى.

 ادعى الجيش (الاسرائيلي) أنه قام بجريمته هذه بناء على معلومات دقيقة من طائرة تجسس افادت ان احد او بعض قادة المقاومة متواجدين في المكان الذي ارتكبت فيه المجزرة، الأمر الذي جعل القرار يتخذ من اعلى هيئة قيادية في إدارة الحرب، وهو ما نفته المقاومة جملة وتفصيلا نفيا أصبح له من المصداقية ما يفوق كثيرا ادعاءات الاحتلال.

 ولعل اختيار يوم السبت لم يكن مصادفة بحتة وإنما نتيجة حساب مسألتين الأولى أن ايام السبت تشهد مظاهرات في المدن (الإسرائيلية)، الحكومة (الاسرائيلية) تملك يومان حتى انتهاء الاجازة الاسبوعية التي لن يجد العالم ما يكفي من الدم و الموت ما يدعوه لقطعها، و بعد ذلك حصل ما هو متوقع من الحديث عن لجان تحقيق وانتظار نتائجها التي لن تأتي، ثم التصريحات الفارغة عن الأسف و ضرورة ضبط النفس وصلا الى اقصى ما يمكن ان يصل اليه العالم المنافق من بيانات الادانة اللفظية الرافعة للعتب.

 وتريد الحكومة و رئيسها أن يرسل لهم رسائل مفادها: انني اضرب بقوه وانني ملتزم بالقضاء على المقاومة وتحقيق اهداف الحرب استرداد الاسرى الاسرائيليين الذين تحتجزهم المقاومة و بالقوة، و ذلك في وقت تتراجع به شعبية نتنياهو و تحالف اليمين وفقا لاستطلاعات الرأي شبه الرسمية.

 ويريد القول لمن يتحدث عن التهدئة ومفاوضاتها من قوى إقليمية أو دولية أن الحكومة (الإسرائيلية) في غير وارد الذهاب في هذا الطريق  للوصول الى نهايات حميدة في المسار الدائر في القاهرة والدوحة، وفي حين تنشط العاصمتان باستقبال الوفود الأمريكية و(الإسرائيلية) غير ذات الصلاحيات نرى الإعلام المرتبط بتلك العواصم يشيع الاخبار عن قرب التوصل الى اتفاق، ليقطع نتنياهو قول كل خطيب منهم و يأتي الرد الرسمي (الإسرائيلي) بارتكاب المجازر لقطع الطريق ذو النهاية المسدودة اصلا. . .

 ماذا يريد نتنياهو ايضا؟!  انه يريد القول انني ذاهب في هذه الحرب مهما كانت الضغوط والخسائر و الى حيث تصل وأن على الفلسطيني ومعه محور المقاومة ان يدرك انها حرب بلا ضوابط او سقوف او محرمات وأن ما جرى في مواصي خان يونس يمكن تكراره في الضفة الغربية أو لبنان، وانه يقول وبصراحه انه لا يلقي بالا للإعلام او للرأي العام الدولي او للقانون الدولي الانساني وهو بغير وارد الاهتمام بما قد يصدر عن محكمة لاهاي او محكمة الجزاء الدولية، وان كان يهمه شيء فليس الا الناخب الاسرائيلي وبهذا يعود للعمل وفق النظرية القديمة القائلة أن لا سياسة خارجية لدولة الاحتلال وإنما سياسة داخلية تأخذ أشكالا خارجية. 

أطلقت الجمهورية الإسلامية إيران على بعض سياساتها اسم سياسة الصبر الاستراتيجي وهي السياسة التي التزمت بها المقاومة اللبنانية خلال الحرب محافظه على الالتزام بحدود المشاغل الفعالة و بالقاعدة الفيزيائية لإسحاق نيوتن القائلة لكل فعل رد فعل مساو له بالمقدار ومعاكس له بالاتجاه وهو ما بدا في طريقه عمل المقاومة الفلسطينية ايضا التي لم تتجاوز في حربها حتى الآن حضور قطاع غزة وهي على ما يبدو لم تتخذ قرارا بأكثر من الهدوء في مناطق 1948 أو في الضفة الغربية.

 هل ستكون المجازر الأخيرة قادرة على استنفاذ مخزون الصبر الاستراتيجي لدى المقاومة الفلسطينية؟ هذا ما ستكشف عنه تطورات الحرب.