- 5 آب 2024
- أقلام مقدسية
بقلم : محمد صفدي
يقال ان الانتظار صعب نفسيا لدرجة ان البعض يفضلون استعجال القادم المنتظر على ان يبقوا في حالة الانتظار المشحونة بالتوتر والقلق والخوف وانعدام الاستقرار والامان .
الإنسان لا يستطيع أن يبقى متوترا وبلا اتزان واستقرار لأنه كائن ضعيف حساس والاستقرار أحد أهم عوامل راحته النفسية.
ما حدث هو أن نتنياهو قام بضربات تصعيدية متحدية في لعبة البنغ بونغ الحربية وتجاوز خطوطا حمراء فحشر إيران وحزب الله والمحور في زاوية صعبة : أن ردوا بشكل قوي متناسب فسيغامرون بخوض حرب متدحرجة وان لم يردوا او ردوا بشكل غير متناسب مع تحدي نتنياهو فسيكون نتنياهو قد سجل نقطة ردعية من دون أن يعاقب عليها بنفس الوزن .
تهديدات محور المقاومة العالية النبرة كرست الزاوية التي حشرة بها نتنياهو الخائف من شن ضربات واسعة قوية كاسرة للتوازن في لبنان .
الان يمر كلا الخصمين بوضعية غير بسيطه: محور المقاومة هدد وتوعد ،عليه ان يصرف الشيك الذي وقعه أمام الأشهاد لاستعادة الاعتبار وكلما تأخر رده الموعود كلما تعرض لضغوط أكبر من شعوبه ولسخرية أكبر من خصمه .
وفي نفس الوقت كلما بكر في الرد كلما قلل من فاعليته لان الخصم في أعلى درجات الجاهزية الآن…
أما نتنياهو فهو في وضع صعب الآن رغم فشخرته وتبجحه المستمد من كونه قد قص كوبون الجرأة ووجه ضربات موجعة مدوية لخصومه ولكن خلف قناع الخيلاء يختبيء انسان مذعور خائف منتظر للضربات التي لا يعرف حجمها وقوتها ومكانتها .. هو في حالة توتر وضغط وان تراخى فقد تاتيه الضربة من غير ان يحتسب وان بقي منشدا متأهبا فسيصاب بالإرهاق والاستنزاف .
هذه هي خلاصة الديناميكية الحالية في الصراع : طرفان في حالة انتظار الأول ينتظر اللحظة المثلى للضربة الاضطرارية والاستحقاقيه معنويا وعسكريا والثاني ينتظر بقلق موعد الضربة التالية .ولكن من الممكن القول أن حالة الانتظار واجواءها هي فصل من فصول الكباش والحرب النفسية المستخدمة في الصراع
محور المقاومة في وضعية أفضل نسبيا لأنه في وضعية المهاجم بينما نتنياهو في وضعية الدفاع .
لذلك يعتبر احتمال قيام إسرائيل بشن ضربة استباقية ارباكيه للخلاص من هذه الوضعية الصعبة أمرا واردا جدا .
امريكا وبعض الأطراف ذات الصلة تحاول استغلال فترة الانتظار الحالية لنسج تسوية قد تنزل الطرفين عن الشجرة وتحول دون مزيد من التدهور الواسع الضار للجميع . هذه الفترة ملائمة لبلورة التسويات وان تم التوصل لتسوية وسطية تأخذ بالاعتبار مجمل المصالح فقد يصبح الأمر ممكنا و متاحا بسبب الزخم التساوي الدافع نحو الخروج من المأزق المخيف للجميع الذي يدفع نحوه الأحمق نتنياهو .
ولكن الوقت ليس متاحا بالمجان وهو ضاغط جدا على الجميع : محور المقاومة مضطر لاستغلال اللحظه الراهنه وتوجيه ضربته الموعودة وإلا كانت شيكاته بلا رصيد معتمد في بنك الردع ونتنياهو مضطر لاستعادة التوازن السابق للاشتباك لتطبيع روتين دولته وتوازنها النسبي قبل الاغتيال
اذا هي حالة انتظار صعبة تحمل في طياتها احتمالات أربع :
-قيام محور المقاومة برد موجع كما وعد وفتح الباب على مصراعيه
-تأجيل الرد الى اشعار اخر تجنبا للحرب الواسعة و العودة لمستوى الاشتباك قبل الاغتيالات
-استغلال تهديد الحرب لبلورة تسوية مرضية لكل الجبهات بدءا من غزة ومرورا بلبنان واليمن
-مبادرة نتنياهو الأحمق بهجوم استباقي قد يشكل يحمل في طياته صاعقا قويا لحرب واسعة
في كل الأحوال نتنياهو في وضع لا يحسد عليه سواء ان اختار او اجبر على الانتظار او التسويه او الضربة الاستباقية كلها خيارات صعبة ومخيفة و مغامرة بالنسبة اليه ولا تتوافق مع مخططاته.